23 ديسمبر، 2024 5:53 ص

الاستماع الى صراخ أغنية ( اللي يعادينا نهجم بيته) والتي بثتها قناة فضائية مؤيدة للحكومة العراقية الحالية ، في فترة الإعداد للانتخابات، لم تكن توحي ببعث الروح في النظام البائد  وإنما تعكس، أيضا عقلية وسلوكية القوى المتنفذة في الحكم الحالي. فقد اثبت رئيس الوزراء نوري  المالكي وبامتياز، قدرته على هجم بيوت معارضيه سواء كانوا خارج إطار تحالفه الطائفي أو داخله. تحت هذا الهاجس وغيره من الأسباب رمت معارضة المالكي وبالذات من تحالفه الوطني، بكل ثقلها في الانتخابات الأخيرة ، إلا أن المالكي الجديد عرّاب نظام الفساد والسرقة والطائفية كان ينام ملء جفونه، إدراكا منه أن معارضيه، لا يسعون إلا  لتبادل الأدوار، وهم لا يمتلكون أي سلاح جاد في معارضته. فهم من رتب أفرشة (زواج الفساد والسياسية) وعلى أيديهم انتهكت عذرية المواطنة، وبالتالي، لم يكن لهم برنامج حقيقي ( باستثناء التيار المدني وبعض القوائم الصغيرة الأخرى، رغم كل الملاحظات ) كي يكونوا بديل عن نظام المالكي. هم من صوت لمفوضية الانتخابات التي هي أهم حلقة في الانتخابات بشكلها الطاثفي وبضمان نسبة مريحة لكتلة (دولة القانون) فيها. هم كانوا الأغلبية في البرلمان ولكنهم لم يسعوا لإقرار قانون للأحزاب و إجراء تعداد سكاني. هم من لاذوا بالصمت في التفسير الغريب للمحكمة الاتحادية لمفهوم الكتلة الأكبر،  هم الذين ساهموا بنهب الدولة وتفرجوا على إزهاق أرواح العراقيين، ولم يكن لوزرائهم شئ يتشرفون فيه بقادم الأيام. هم من ساهم بتجهيل العراقيين وحولتهم إلى مسيرات مليونية في الزحف والتطبير واللطم ، هم من ساهم بنكبة العراقيين شعبا ووطنا.  هم وهم… كانوا شركاء المالكي ومعبدين لطريق تربعه على هرم السلطة. على مستوى التحالف الشيعي، ما أن بدأت النتائج الأولية للتصويت حتى أعلن السيد عمار الحكيم وشاركه معارضون آخرون  وجهة نظره هذه،عن دعوته لإعادة بناء التحالف الشيعي وبأسس جديدة.  لم  يعرب الحكيم عن تفاصيل خطته،  ولكنها في كل الأحوال لا تتعدى محاولة  إخراج هذا التحالف من طائفيته، ومن أين للحكيم او غيره من عرابي المحاصصة والفساد، من أين يأتي ببرنامج يفتح الطريق لحاضر ومستقبل يحلم به العراقيون. قوائم المعارضين الانتخابية تصدرتها كما قوائم المالكي أسماء ترتبط بأكبر عمليات الفساد والسرقة والطائفية وضمت العديد من البعثيين والانتهازيين الذين يدركون أسعار مقاعدهم النيابية في حال فوزهم. المالكي يدرك أن هذه (المعارضة) لم تكن سوى (سواريّة) وهم لا يمتلكون أي برنامج وطني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وقي نهاية المطاف وبعد حسم نتائج فرز الأصوات فان إيران والمرجعية هما من   يحدد كابتن الفريق اللاعب خلال الدورة القادمة.

معارضة المالكي في الطرف الآخر لم تختلف في جوهر الأمر عما جرى ذكره، فهم كانوا الوجه الآخر للعملة. نتائج الانتخابات التي ستأتي بالمالكي كولاية ثالثة أو أهم لاعب في الفترة القادمة، لا تخرج العراق من مأزقه السياسي والاقتصادي  .بالعكس ستدفعها أكثر في نفق اسود وستزيد من الخيبة في إصلاح الأمور وتزيد من احتقان المتناقضات على كل المستويات ، خاصة في ظل تزايد نشاط قوى الإرهاب بكل أشكالها، ولن تنفع الخطب والوعود الكاذبة التي أصبحت السمة العامة في توجهات القوى المتنفذة. إن النتائج الأولية لفرز الأصوات لا تعكس رغبة حقيقية في التغيير، ربما يكون هذا الأمر ملموسا في الحياة اليومية إلا أن نتائج الانتخابات لن تعكسها.قد يكون سر هذا الأمر كما يرى الكثير في التفسير البسيط بان الشخصية العراقية وبفضل سياسية النظام البائد والحالي حولتها إلى شخصية منافقة ومضطربة إلى أقصى حد في خياراتها، ولكن مهما كان الأمر، فإن القادم وبفضل وما ستفرزه نتائج التصويت، لن يكون   خيراً.  ……………………………………………..

* السواريّة: بعض  متتبعي أخبار المجالس والمواكب والولائم، يشكلون مجموعات صغيرة تتبع أحد قراء المجالس الحسينية والتي تسير خلف الخطيب وتتبع أثره عند الذهاب الى أحد مجالس التعزية، وتردد معه ( الردة) التي هي اخر جزء من مقطع المرثية الشعرية التي ينشدها، وتكون في الواقع ( بطانة) الخطيب التي تستطيع الحصول على نصيب مضمون مما يقدم في مجالس التعزية من الكعك ( الجرك والبقصام) والشاي والسكاير، واحيانا وجبة طعام دسمة. وبهذه المناسبة يمكن ذكر المثل الشعبي المعروف والمتداول في العراق حول هؤلاء ( السوارية)- المتطفلين أو الطفيليين: ( يبكي على الجرك ما يبكي على الحسين)، او( يبكي على الهريسة ولا يبكي على الحسين)، كما يردد البعض الاخر. أبراهيم الحيدري، تراجيديا كربلاء – سوسيولوجيا الخطاب الشيعي. دار الساقي، ص 438