ترتكز تطبيق النظريات الاعلامية في بديهياتها على المعرفة التامة للفئة المستهدفة (المتلقين ) للرسائل الاعلامية المختلفة ، وذلك يستلزم قراءة واضحة وافية لطبيعة تفكيرهم وتوجهاتهم ومحاولة دراسة الاستيعاب والتفاعل مع تلك الرسائل الاعلامية على الاسس العلمية المنهجية في تشخيص مكامن تحسسهم العاطفي لاثارة مشاعرهم واحاسيسهم وامكانية استفزازها والوصول بها الى مرحلة الاستنفار لكي تستجيب بردة فعل لها نتائج وعواقب تحقق الاهداف المتوخاة منها و التي تبثها وفق مراحل وتوقيتات مرسومة لها ، ولم تكن موجة ظاهرة تأسيس العديد من القنوات الفضائية وبمسميات لها نفس واحد مصادفة عشوائية ، حيث نراها تشترك وتتعاضد في التوجهات والاغراض في منهج عملها والية تنفيذ اهدافها ومقاصدها ، نرى الكثير منها يلبس ثوب القنوات الدينية لاستقطاب اكبر عدد من المشاهين لمغازلة عواطفهم ليتسنى تمرير الهدف الاساسي من انشائها المتمثل بخلق الفرقة والانقسام والتخندق بين شعوب المنطقة على الاساس (الطائفي ) ، حيث لاتتوانى في عملها ليلا ونهار بتقديم رجال الفتنة (وحسب الطلب ) و التي يتعالى صراخهم وعويلهم ولهاثهم وزبادهم بالتكفير وازهاق الارواح وسفك الدم و التفنن بالقتل والتخريب والتدمير ، والملفت للنظر ان هناك تتنافس حامي الوطيس بين تلك القنوات بما تقدم من المحرضين المتمرسين بالاسلوب المنمق وجزيل العبارة لنسويق خطابهم التضليلي في غرس الكراهية والاحقاد ومحاولة لاقصاء الاخرين والصاق التهم الكيدية لتشويه سمعتهم وبناء جدران من العزل والفصل بين مكونات الشعب الواحد وتعبيد ساحات للتصادم والتناحر ، لذا نرى اليوم معادلة بطرفين يكمل احدهما الاخر ، رسائل الوسائل الاعلامية التي تحمل في طياتها الخطاب التحريضي لتمرير الاجندات التي يبدو قد اتت ثمارها على الساحة العربية بما تشهده شعوب المنطقة اليوم من تنابز وتراشق وتكفير وتهديد على نغمة النشاز (طائفية علنية ) ، اي بعبارة اخرى رسالة اعلامية ماكرة بفن تسويق حطاب اللسان الطائفي الخبيث لأصبح عنوانا مشتركا لمعظم ما يعرض على معظم شاشات القنوات الفضائية ، وعليه يشتركان كلاهما في جريمة ما يحدث من حروب اهلية مستعرة بشكلها العلني المفضوح او المخفي ولكن الى حين قريب .