18 أكتوبر، 2024 9:27 ص
Search
Close this search box.

معادلة القوى الإقليمية!!

معادلة القوى الإقليمية!!

مرتكز القوة العربية يتحدد في ثلاثة دول هي العراق وسوريا ومصر, هذه الدول الركيزة الأساسية لقدرة العرب , وأي إضعاف لها يتسبب في إنهيار القِدر العربي وإنسكاب ما فيه.
وبإنهيار العراق كدولة وجيش وقوة ذات قيمة إقليمية وكذلك سوريا , إندلع ما في العرب وإنسكب فوق رمال وجودهم المتصحر , وبقيت مصر تريد الحفاظ على إستقامتها وثبات عمودها , لكن أوتاد الخيمة العربية تقطعت , والعمودان الآخران قد إنكسرا.

وهكذا أخذت الرياح والعواصف تعبث بالوجود العربي , وإجتاحته أعاصير المصالح والتطلعات وتصفية الحسابات , وخرجت من جحورها الآفات والوحوش المفترسة , التي تريد الإنقضاض على فرائسها بلا هوادة.

ووجد العرب أنفسهم أمام إرادة المحق الحضاري , التي إستهدفت تأريخهم ولغتهم وهويتهم ودينهم , فالآثار مستهدفة ورموز وجودهم الروحي والفكري , يتم تدميرها بإستخدام أعتى الأسلحة وأدوات التدمير الشامل , كما أن الفساد أصبح دستورا , وإنتشرت المحسوبية وعمّ الفقر والتهجير والقتل والسلب والنهب والخطف , برعاية الحكومات المأسورة في زنزانات مناطقها , والمحاطة بذوي المصالح المكشرة أنيابهم والمندلعة ألسنتهم , والذين يسيل لعابهم على مصالحهم المُعلنة والخفية.

وصار التدخل السافر أمرا مقبولا , والرضوخ لمشاريع الآخرين سياسة مطلوبة , وما عاد الوجود إلا كارتونيا , ويُدار بمن يسمون أنفسهم بالساسة والقادة , وكأنهم يؤدون أدوارهم الدرامية الدامية, وبعد أن يتم ذلك يتساقطون من على خشبة مسرح الويلات , ويوضعون في أكياس قمامة سوء المصير.

ولهذا فالحديث عن إسترداد العافية العربية مع إغفال تقوية سوريا والعراق , إنما نوع من الهذيان وإضطراب التفكير , والضحك على الذقون لغايات في نفس يعقوب.

وفي هذا الخضم الإنهياري , لا يمكن الحديث عن القضاء على التطرف والإرهاب , وأعمدة القوة العربية ساقطة أرضا , أو أنها في مرحلة التهاوي والإنهيار.

فالإرهاب يمكن القضاء عليه بإعادة قوة العراق وسوريا , وترسيخ قيم الدستور الوطني الصالح والقانون , والإستثمار الفعال في الثروات والإنسان , وبإبعاد الأحزاب الدينية المتطرفة المنغلقة عن السياسة , ومساعدة أبناء البلاد المتنورين الكفوئين على القيام بدورهم الوطني , ووضع الأسس والبنى التحتية لثقافات وطنية معاصرة , وبالتأكيد على التعليم وبناء المدارس اللائقة بالإنسان.

فالدول كافة تسعى لتحقيق مصالحها وإمتلاك الطاقة , وكما هو معروف وعلى مر العصور , والإفتراس يعني إمتلاك طاقة الآخرين وتوظيفها لصالح إرادة المُفترس , ولهذا جرت الحروب وتجري أبدا.

وتحول العرب إلى فريسة , يتم هضمها وتسخير طاقاتها وفقا لمقتضيات مصالح الدول القادرة على إفتراسها, وتلعب دول الجوار شرقا وشمالا دورا سلبيا في هذا الخصوص , لأن مصالحها الوطنية قد

أعمتها , وجعلتها تتناسى الدور الإنساني وحقوق الجيرة والمصالح المشتركة , والتفاعل التأريخي الحضاري العقائدي على مرّ العصور.

وفي الواقع المحفوف بالمخاطر , فتِحت الأبواب وأشرِعَتْ المنافذ للقادمين من كل حدب وصوب , حتى تحولت الأرض العربية إلى ميدان إفتراس شرس , لا يعرف إلا الخراب والدمار وسفك الدماء.

وتحولت ثروات النفط إلى دخان , والبشر إلى سجير , وما عادت الأوطان إلا مواقد متأججة , وكأن الوطن أصبح تنورا.

تلك مصيبة الوجود العربي وأوجاعه المتنامية , التي تسعى لتحويله إلى رماد تتناهبه الرياح والأعاصير العدوانية الهابة عليه بلا هدوء ولا إنقطاع.

وهذا يفسر سقوط العراق في مخالب الحروب منذ أكثر من ثلاثة عقود , وإبتداء ولوج الدول العربية في مسيرة حمام الدم وجحيم النيران , التي ستبسط حريقها على عقود القرن الحادي والعشرين القادمة , وهي المقدمة لويلات الضياع الأبيد , أو لمحق العرب عن بكرة ابيهم!!

فهل سيتحقق الخروج من قبضة اليأس ومخالب القنوط وحُفر الضياع؟!!!

أحدث المقالات