22 ديسمبر، 2024 2:32 م

قد يتفق الكثير معي بأننا ككتاب عرب قد أسهبنا كثيرا في العقدين المنصرمين في تناول القضايا السياسية المحلية والدولية وغرقنا في ادق التفاصيل للملفات الساخنة في الوطن العربي كإستعراض وتحليل للأحداث وإفرازاتها بأسلوب التضخيم تارة والتأزيم تارة أخرى دون تبصير القارئ وإرشاده وخاصة طبقة الشباب منهم والمساهمة بوضع الحلول الجذرية لتلك الازمات أولا بأول والبحث قبلها في اصلها ومسبباتها والتي تعاني منها الاوطان والمواطن على حد سواء والتي ربما للحكومات والقيادات النصيب الأكبر بسبب سياساتهم الخاطئة المبنية على القصور في التفكير لعواقب الأمور وما يعقبها من قرارات اغلبها تأتى من التعنت والتكبر والعجرفة او الركون لمستشارين غير اكفاء يتخللهم مدسوسون وعملاء فتم احجام الكثير من المفكرين و الكتاب عن قول كلمة الحق اما خوفا من الملاحقة والتصفية عند غضب الزعماء او التطبيل لاسترضائهم وطمعا لسخائهم وقربهم فداهن البعض على حساب الوطن حتى تلبستنا الرزايا والمحن..

وقد ابتعدنا كثيرا عن التحليل المنهجي والأسلوب العلمي في تناول تلك الاحداث ولا تكاد تقع عين المواطن من بين الكم الهائل من كتاباتنا وتحليلاتنا على مخرجات من الممكن التعويل عليها لتخفيف الضغط الهائل الذي تعانيه ومن كل الاتجاهات الطبقات الكادحة فلم يعد هنالك مساحة للثقة بكل ما يكتب ويقال لأنه قد وصل المواطن الى حالة من القناعة والقنوط المترادفين معا باستحالة خروجه من البوتقة التي حشر فيها عنوة وان الجميع يتاجر بمعاناته دون خجل ووجل وانه بات على قناعة تامة بان ما يمارسه السياسي من خداع مفضوح وهو كما يقال ( للبرستيج ) والظهورالإعلامي لا غير دون توافر النية الصادقة عند أولي القرار بمعالجة أي معضلة مما ترك كما هائلا من المشاكل التي لم يعد باستطاعة أي جهة أو جهد استيعابها وحلحلتها ومع كل دورة برلمان وتشكيل حكومة ترحل تلك العقبات الكئداء المتفاقمة بأسلوب التسويف مما أوصل الكثير من الأوطان الى حالة الانفجار المرتقب!!

ومع اتساع كل وسائل التواصل الاجتماعي اتسعت معها رقعة التيه التي يعيشها جيل الشباب في وسط بلدانهم والذي بداء بسببه يتضائل عندهم إحساس الانتماء الوطني فلم يعد الوطن من أولوياتهم بعد ان حوصروا في أمنهم ولقمة عيشهم وامتهان كرامتهم وضياع مستقبلهم !!

وللأسف ونتيجة حتمية لكل تلك السياسات والديكتاتوريات وما افرزته من حروب طاحنة وتفشي الإرهاب الفكري والعنف والتطرف الضارب في الكثير من بلداننا العربية والفساد المستشري في أوساط الطبقة الحاكمة التي تربعت بمشاركة وحماية المافيات والتي تعتبر ان واردات وخيرات الأوطان هي استحقاق وأرث شرعي لها تستحوذ عليه ثم ترمي بالفتات على شعوبها كل ذلك أوصل بالشباب الى حالة القنوط من تحسن الأوضاع في الأفق المنظور وقد دفعت بطبقة عريضة منهم بسلوك طريق اللاعودة بطرق باب اللجوء والهجرة الجماعية بعد ان فسحت بعض الدول الاوربية والعالمية وسهلت عبور أراضيها ,,واكاد اجزم بأنه وفي حال فتح أبواب اللجوء على مصراعيه وتخفيف العقبات على دخولهم لأفرغت بلدان بعينها من الشباب ..

فلا تلوموا سادتي المواطن العاجز الذي تخلى عنه الجميع عندما يكون اسمى هدفه في الحياة ان يحصل على أي فرصة للهروب من وطنه الذي عجز ان يقدم له حياة كريمة امنة!!

ويا للأسف ان تهجر الأوطان وتكونا الهجرة واللجوء هو مبتغى و حلم شبابنا ليجمع احدهم ما لديه او يجود احدا عليه او يقترض ليثقل كاهل من يعوله ووالديه ليهرب من وطنه فانظروا لأي حال أوصلوا شبابنا وتلك هي الحلقة الأهم من مخططهم الشيطاني!!.

من هنا ارى ان بعضا من اقلامنا وما يبث من قنوات ليل نهار والتي اتسع نطاقها دون وعي ساهمت في زيادة المعاناة النفسية للمواطن وبالأخص شريحة الشباب البسطاء منهم بل حتى مثقفيهم وحطت من عزيمتهم خصوصا بعد انحسار الاعلام الورقي المنضبط واخلاقيات النشر وبروز الاعلام الرقمي المنفلت والذي خرج عن نطاق السيطرة..

فاليوم شبابنا بحاجة لمن يعيد زرع الثقة في نفوسهم وايصالهم لدرجة من الوعي بالابتعاد عن النقمة على الأوطان وهجرها وترك الساحة ليصول بها الاعداء وينعق فيها الغربان!!
فالمظلومية اليوم تعاني منها الأوطان كما تعاني منها الشيبة والولدان وربما تفوق بحزنها وظلالها عن كل المظلوميات التي يتأسى البعض لهامع كل ذكرى فهي مرتهنة مثلكم ولم تكن هي يوما سببا لمعاناتكم..

فلقد عانت الشعوب الاوربية الكثير لكن درجة النضوج والوعي لديهم اوصلتهم لقناعة ان سبب معاناتهم لم تكن اوطانهم بل هي نتيجة حتمية لأعدائهم وخونتهم فعملوا بادئ الامر بالإتحاد ونبذ الفرقة والتسامح والتخلص من الخونة وتنظيف البلاد منهم ثم شمروا عن سواعدهم لبناء بلدانهم فهذه المانيا التي يؤمها المهاجرون اليوم لو يطلع احدكم على ما عاناه شعبها بعد انكسارها في الحرب العالمية الثانية وقد حولها الحلفاء الى مجموعة خرائب يستحيل معها العيش ثم شطروها لجزئين لإضعافها لكنها سرعان ما لعقت جراحها ولم يغادرها أهلها وخاصة شبابها بل أعادوا بنائها حجرا حجرا وهي اليوم في مصاف الدول المتقدمة كذلك اليابان وفيتنام وماليزيا والهند ومناطق كثيرة اجتاحها الغزاة ..ربما الفارق بيننا وبينهم انهم وبعد تلك الفتن والحروب والصراعات تولت امورهم قيادات وحكومات اخذت على عاتقها بناء الأوطان على النقيض من ذلك فأوطاننا ابتليت بقيادات عميلة مازالت المعاول بيدها تهدم مالم يطاله العدو وهذا هو السبب الرئيسي لتدهورنا وتأخرنا وزيادة معاناتنا !!

لكن ذلك لن يثني عزيمة الشباب من التغيير فأنتم من تنتظركم الأوطان لتفكوا اسرها وتعيدوا لها وجهها المشرق ..

فلا تزيدوا رعاكم الله من جراحات الوطن فتهجروه فوالله إن انينه ليفوق أنينكم وينحب كالمكلوم لفراقكم فهو كالأب الذي تقوس ظهره لأجلكم وهو كألام التي خارت قواها لإسعادكم فهجره وعقوقه يفوق عقوق الوالدين إجحادا وكفرا فالحذر الحذر!!

((إلا من أكره وقلبه