مظاهرات (العراق) التي تجتاح كل مدن (العراق)؛ ما هي إلا تمهيدا لإحداث التغيير الثوري الشامل في منظومة الحكم في الدولة (العراق)؛ ولتحقيق هذا الهدف لابد من حشد جهود الشعب (العراقي) في كيفية بث روح التنمية البشري في المجتمع والوعي المجتمعي عبر ثقافة التغيير في نفوس الشباب وكل شرائح ومكونات الشعب دون تميز؛ ليكونوا بمستوى المسؤولية؛ وبان تكون رؤيتهم ممنهجة برؤية شاملة وعلى كل المستويات الحياة.. الاجتماعية.. والاقتصادية.. والسياسية، لبناء معالمها الاستشراقية لمستقبل الأمة وبرؤية واقعية ليتم إحداث التغيير الجوهري في منظومة الحكم والحياة .
فلو وقفنا قليل لنتأمل إلى مطالب الشباب التي رفعوها في مظاهراتهم منذ الأول من تشرين الأول 2019 والى يومنا هذا؛ يتبين لنا جليا بأنهم لم يندفعوا إلى شوارع المدن.. ولم يصمدوا بهذا الصمود وبهذا الزخم الجماهير الهائل بالاحتجاجات.. والتظاهرات.. والاعتصام المدني؛ بدوافع ظروف معيشية سيئة فحسب – من حيث تفاقم أزمة البطالة.. والفقر.. والعوز.. وارتفاع الأسعار.. وتدهور القدرة الشرائية للمواطن.. وتدهور أوضاع التربية.. والتعليم.. والصحة.. والخدمات العامة.. والصناعة.. والزراعة.. وتدهور اقتصاد الدولة وارتفاع مديونيته….و الخ، فهذه العوامل بمجملها رغم أهميتها وتأثيراتها البالغة على استقرار المجتمع؛ إلا أنها لم تكن العامل الأوحد؛ وسببا لهذه الاحتجاجات – بل كانت هناك عوامل أخرى سياسية.. وثقافية.. وأخلاقية.. تمس في مجملها عز وكرامة الأمة.. وشرف المواطنة.. وحرية الفرد.. وامن المجتمع وسلامته واستقلاله.. والمساواة.. والعدالة؛ بعد إن دنستها الأحزاب الحاكمة لدولة (العراق) بالظلم.. والجور.. والفساد…. والاستبداد.. وبالقيم المادية.. وهيمنتهم على السلطة وللشأن العام.. وإقصاء الرأي الأخر .
وكل هذه المنغصات أدت إلى انطلاق صرخة المواطن والمجتمع بوجه الأحزاب الحاكمة وسلطاتها الغاشمة من اجل إحداث التغيير الشامل في منظومة الحكم سياسيا.. واجتماعيا.. واقتصاديا، ومن اجل هذا الهدف انطلق شباب والشعب (العراقي) في التظاهرات.. والاحتجاجات.. والعصيان المدني في عموم (العراق)؛ واقفين بوجه العملية سياسية العرجاء التي قامت بأسس خاطئة من حيث توزيع السلطات التنفيذية.. والتشريعية.. والقضائية.. و وفق نظام المحاصصة الحزبية والطائفية المقيتة، ومن اجل تغيير هذه المعادلة؛ خرجوا إلى التظاهرات من اجل البديل السياسي ذو محتوى وطني واقتصادي واجتماعي ينهض بالمجتمع والدولة لإحداث نهضة تنموية شاملة في منظومة الحياة (العراقية)؛ لان الشعب باحتجاجاته انخرط في تظاهرات الشباب (التشرينية) من اجل قضية التحرر الوطني.. والاجتماعي.. والاقتصادي، ولتمهيد تحقيق هذا الهدف وجد الشعب بان ليس إمامة من خيار؛ إلا بإسقاط النظام وسلطته، وهذا ما يتطلب من الشباب المنتفض الرقي بتصرفاتهم وعملهم النضالي بمستوى السياسي والاجتماعي والتنظيمي والتعاون المخلص مع العمال والكادحين والطلبة والأساتذة والنقابات المهنية بكل مكونات هذه الفئات والطبقات وشرائح المجتمع؛ لإرساء البديل السياسي عبر حركة سياسية تحررية شاملة تنظم عمل الجماهير لتحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع دون تميز لا دينيا ولا قوميا ولا مذهبيا ولا طائفيا .
ومع دخول تظاهرات (العراق) شهرها الثالث، بكل ما رافقها من قتل.. وترويع.. وترهيب.. وخطف.. ومجازر.. وإرهاب.. واعتقال.. ليتجاوز عدد الشهداء إلى أكثر من ثلاثمائة وخمسون شهيد؛ وأكثر من خمسة عشر إلف جريح؛ والكثير من هؤلاء الجرحى والذي يقدر عددهم وفق التقارير الطبية بحدود ثمانية ألاف مصاب؛ أصيبوا بعوق جسدي سيلازمهم طوال العمر؛ ومع كل هذه الجرائم التي ارتكبت بحق الشباب (العراقي) الأعزل الذي لم يرفع بوجه القوات الأمنية سوى الإعلام (العراقية)؛ فان الحكومة (العراقية) بقيادة (عادل عبد المهدي ) هو من يتحمل مسؤوليتها باعتباره القائد العام للقوات المسلحة؛ إضافة على ما تتحملها كل النخب والكتل السياسية المشاركة في إدارة الدولة ومنها تحديدا الأحزاب الإسلامية الشيعية الموالية لـ(إيران) التي تمارس الخطف.. والقتل.. والقنص.. والتفجيرات، فما يجري الآن بحق الشباب المتظاهر من قتل.. وترويع.. وخطف.. وتهديد.. ومجازر.. وملاحقات.. تقف منظمات المجتمع الدولي.. وحقوق الإنسان.. والأمم متحدة.. ومجلس الأمن.. وجامعة دول العربية.. تتفرج على هذه الجرائم الإنسانية بدم بارد دون إن تحرك ساكنه اتجاه ما يجري في (العراق)، وان ما تقوم به السيدة (جنين هينس- بلاسخارت ) ممثلة الأمم المتحدة (يونامي) في (العراق) إنما جل ما تفعله هو إيجاد أنصاف الحلول لإنقاذ أحزاب السلطة والفاسدين من الإحكام ومن العقاب؛ بكونها أخذت تتملق بين الطرفين أي بين الأحزاب والمتظاهرين بوضع أنصاف الحلول، ولكن المتظاهرين وعوا بما تقوم به ممثلة الأمم المتحدة لتسويف مطاليبهم؛ تلك المطالب التي تؤكد وتصر برحيل كل المسؤولين عن سلطات الدولة (العراقية) دون أي استثناء؛ بعد إن اتخذ (الشعب) باعتباره مصدر السلطات قراره بتغيير النظام، وهو القرار الذي حملهم بالنزول إلى الميادين وشوارع المدن (العراقية) محتجين ومتظاهرين ليأخذوا حقهم من المفسدين والظالمين؛ لحجم الظلم الاجتماعي والفساد المستشري في مفاصل الدولة والتي تمارسه شلة من الأحزاب الإسلامية الموالية لـ(إيران) ونخب سياسية فاسدة تدير سلطات الدولة دون وعي ومسؤولية وليس همها سوى سرقة المال العام؛ ولهذا فان (الشعب) يطالب بإسقاط النظام و إنزال أقصى العقوبات بحق هؤلاء الفاسدين؛ ومعاقبة كل المفسدين، لان ثمن الذي دفعته الجماهير باستشهاد أكثر من ثلاثمائة شهيد وجرح وإعاقة خمسة عشر إلف مواطن؛ هو ثمن غالي جدا على قلوبهم وضمائرهم؛ فلن يقبل (الشعب) مساومة دماء الشهداء الإبرار مع القتلة إلا بإسقاط النظام ومعاقبة هؤلاء المجرمين؛ وعلى الشعوب الحرة والمنظمات الدولية إن تعي هذه الحقيقة ولا تحرفه .
ولكي لا يغب عن ذهن احد، رغم إن الشعب (العراقي) برمته يعي بان من يقوم بهذا التدمير وهذا الخراب على ارض (العراق) طوال ستة عشر عاما من تردي الخدمات العامة.. لا ماء.. ولا كهرباء.. وارتفاع الأسعار.. واستشراء الفساد.. والنهب.. والبطالة.. والفقر.. والعوز.. الذي ينهش حياة أغلبية (العراقيين)؛ وقل ما تشاء من هذه الأوجاع التي دمرت حياة الشعب، وهو يعي بان بلده هو الأغنى بموارده الطبيعية من بين كل دول العالم؛ ولكن ما قيمة ذلك بدون قيادة رشيدة تنصف الشعب وتحرص على أمنه ومستقبله واستقلال الوطن وحريته…..!
نعم إن ستة عشر عاما مضى من عمر الشعب من هدر.. ونهب المال العام.. وسرقة أموال العقود والتراخيص النفطية.. واستيراد السلاح الفاسد.. وسوء الإدارة.. وتردي الخدمات.. و البطالة.. واستقطاب الإرهابيين إلى ارض العراق.. ومن ثم تكوين ميلشيات؛ بحجة تحرير ارض (العراق) من هؤلاء الإرهابيين (الدواعش)؛ وهي ميلشيات سلحتها ومولتها (إيران) لأهداف سياسية معروفه وليس من اجل سواد العيون الشعب (العراقي)؛ وهذا ما كشفته الوثائق المسربة ونشرته جريدة (نيويورك تايمز ) الأمريكية؛ حيث تعد هذه الوثائق جزءا من أرشيف الاستخبارات الإيرانية السرية، وحصل عليها موقع (ذي انترسيبت) الذي تشارك في نشرها مع صحيفة (نيويورك تايمز) في وقت واحد، حيث تضمنت هذه الوثائق؛ مئات التقارير والمراسلات التي كتبت خلال عامي 2014 – 2015 فحسب؛ من قبل ضباط في الاستخبارات والأمن في (إيران) وآخرون يعملون بمعيتهم في (العراق) – وما بالك ما تم في الأعوام ألاحقة…..! – والتي كشف فيها عن ملفات خطيرة جدا تمس امن الدولة (العراقية) وسيادته واستقلاه؛ وكيف الطبقة الحاكمة في (العراق) خانوا الأمانة.. وخانوا ضمائرهم.. وباعوا الوطن.. وأهدوه على طبق من ذهب إلى حكام (إيران)، ليصبح (العراق) تحت الهيمنة (الإيرانية) .
وفي الوثائق أسماء لهذه النخب الفاسدة يمكن الاطلاع عليها في هذه الوثائق؛ وللأسف يتبين في هذه الوثائق كيف تمكنت (إيران) من شراء ذمم أناس انحرفوا وخانوا الوطن؛ ليكونوا لها اذرع وجواسيس في (العراق) ينفذون أجندتها بكل وسائل منحرفة؛ وبدؤوها بتصفية الطيارين (العراقيين) وقادة الجيش (العراقي) من الذين شاركوا في معارك القادسية الثانية؛ ومن ثم عملوا بغرق السوق (العراقية) بالبضائع الإيرانية من اجل تدمير الاقتصاد الوطني (العراقي) والصناعة الوطنية؛ كما اغرقوا الأسواق بالمخدرات؛ وما إلى ذلك؛ ليتم نشر الانحلال الأخلاقي في المجتمع؛ بل تمادى قادة (الإيرانيين) بالتدخل بشؤون (العراق) الداخلية عبر سفرائها في (العراق) وقائد فيلق القدس الإيراني (قاسم سليماني) وأعوانه من الذين يديرون عمليات إجرامية بحق الشعب (العراقي)؛ وعبر أذراعها من الأحزاب الشيعية (العراقية)، حيث يتم تمويلها وتزويدها بالسلاح والذخائر الخفيفة والثقيلة لتكون قوتهم اكبر من قوة الدولة (العراقية)؛ بل تمادوا على السيادة الوطنية بتخزين أسلحة (إيرانية) داخل الأراضي (العراقية)؛ وهم في كل ذلك كان رهانهم بوجود رصيد جماهيري لهم في المدن الجنوبية والفرات الأوسط؛ باعتبار أغلبة سكان هذه المناطق من الشيعة الذين كانوا يشاركونهم مناسبات دينية شيعية، لتأتي الانتفاضة الأول من تشرين الأول 2019 ردا قاسيا لساسة (إيران) بعد إن هبت الجماهير (العراقية) من إخوتنا من أهل الشيعية من كل مدن (العراق) الجنوبية تندد بـ(إيران) والأحزاب الموالية لها، لتكون هذه المظاهرات (التشرينية) بمثابة رفض مطلق من أبناء الشعب (العراقي) للنفوذ (الإيراني) في (العراق)، مهما كان نوعها وشكلها؛ بعد إن سعت (إيران) عبر اذرعها وجواسيسها بفرض سيطرتها على جميع أنحاء البلاد من (الفاو) إلى (زاخو)، ولهذا أراد (الشعب العراقي) يوصل رسالته بعيدا عن سلطة الدولة – التي اختطفت سلطتها – ليهتف بأعلى صوته؛ وضميره النابض بحب الوطن؛ هتافات معادية لـ(إيران)، بل وقام جمع غفير من شباب (العراق) المتظاهر بإنزال العلم (الإيراني) من فوق قنصليتهم في (كربلاء) وأماكن أخرى من (العراق)؛ كما قاموا بحرق صور للمرشد الإيراني (علي خامنئي) في أكثر من موقع؛ كما قام أبناء الشعب في مدن عدة من مدن (العراق) في (بابل) و(الديوانية) و(ميسان) و(المثنى) و(ذي قار) و(كربلاء) و(واسط) و(ألبصرة) بحرق مقرات الأحزاب التابعة لـ(إيران)، وهذا ما كان بمثابة صاعقة تصعق رؤوس قادة (إيران) وسياسيها واذرعها في (العراق)؛ ليعيدوا خططهم وحساباتهم في (العراق)؛ وتحديدا مع المتظاهرين الشباب والشعب (العراقي)؛ ليتدخلوا وبشكل مباشر وغير مباشر عبر أحزاب (عراقية) موالية لهم؛ باستخدام أسلحة غير اعتيادية ضد المتظاهرين وممارسة القوة المفرطة بحق الشباب المتظاهرين؛ ليزرعوا الرعب بين صفوف الشباب الثائر؛ مما تمادوا في هذه الأفعال العدائية ضد الشعب (العراقي) هو عدم وجود رادع داخلي أو إقليمي أو دولي بما تسببه الاستخدام المفرط لأسلحة الغاز المسيل للدموع والذي يحتوي على غازات سامة وجرثومية يسبب شلل في أعصاب المصاب؛ ومع كون هذه الأسلحة محرمة دولية إلا إننا لم نجد أية منظمة دولية تدين هذا الاستخدام وبإجراء التحقيق عن هذه الأسلحة؛ ومما يثير استغرابنا هو الموقف الأمريكي الغير المبالي بما يحدث في (العراق)عدا بعض التصريحات الإعلامية والتي لا تقدم ولا تؤخر من شيء ……….!
وهذا ما قاد قادة (إيران) بإعطاء توصياتهم إلى اذرعها العاملة في (العراق) والحاقدين على الشعب (العراقي) بان يعيدوا حساباتهم في مواجهة تظاهرات الشباب باستخدام القوة المفرطة والذخيرة الحية ضد المنتفضين؛ ضننا منهم بإمكانهم القضاء على التظاهرات بغض النظر عما يترتب عنه من خسائر وعدد القتلى إضافة إلى قيامهم بعمليات الخطف وملاحقة الجرحى إما بتصفيتهم أو خطفهم، بكون (مرشد إيران) وصف التظاهرات في (العراق) و(لبنان) بـ (أعمال شغب ) كما وصف التظاهرات التي انطلقت في هذه الأيام مدن (إيران) اثر رفع أسعار الوقود؛ ليبرهن للعالم اجمع مدى حقده على الشعوب الحرة بدءا بأبناء شعبة؛ فكيف الحال بالنسبة إلى الشعوب الأخرى….!
فإننا لن نستغرب من هذا الجلاد وأعوانه بما يوعز لجلاوزته في (العراق) إلى قمع الانتفاضة بكل الوسائل المتاحة؛ وهذا ما قادهم لاستخدام هذه الأسلحة الفتاكة التي تمزق أجساد المظاهرين و تسبب لهم إعاقة جسدية دائمة؛ حيث لحد إعداد هذا المقال تفيد تقارير من أطباء (عراقيين) عملوا في معالجة جرحى التظاهرات بان أكثر من سبعة ألاف متظاهر – كما ذكرنا سابقا – اليوم يعانون من عوق سيلازمهم طوال عمرهم؛ مما ترتقي هذه الأفعال التي تمارسها قوات الأمن (العراقية) ضد أبناء الشعب (العراقي) إلى مستوى جرائم الحرب، وحين تم طرح هذه القضية إلى وزير الدفاع (العراقي) السيد (نجاح الشمري) باعتباره مسئولا امنيا؛ أكد بأن عتاد المسيل للدموع وبنادقها والقنابل الصوتية والدخانية لم تستوردها إي جهة حكومية (عراقية)، بقدر ما لمح بوجود (طرف ثالث) هو من يملك هذا النوع من السلاح ويستخدمه ضد المتظاهرين، ولم يذكر اسم هذا (الطرف) لأسباب ………!
ولكن الشعب يدرك جيدا ويعرف من هو (الطرف الثالث) الذي يستخدم هذا السلاح الفتاك وبقسوة وحقد ضد المتظاهرين الشباب العزل، وان إرادة (الشعب العراقي) وضعت النقاط فوق الحروف لكي لا يكون أمر هذه الجريمة ضد أبناء الشعب (العراقي) لغزا يصعب حلها، فـ(الطرف الثالث) وبكل وضوح وصراحة هو (إيران) وميلشياتها واذرعها من الأحزاب الشيعية التي تمولها، وهنا إشارة واضحة بأن بنادق و رمانات الدخان القاتلة وعتاد الغاز المسيل للدموع تستخدمها ميلشيات حزبية شيعية (عراقية) موالية لـ(إيران) ضد المتظاهرين؛ وليس من قبل أجهزة الأمن (العراقية) التي لم تزود بها في المطلق، وهذا السلاح أيضا يتم استخدامه كذلك ضد القوات الأمنية؛ حيث قال الوزير: بان ((..القنابل المسيلة للدموع لم تستوردها أي جهة (عراقية) وان كل القنابل التي أدت إلى مقتل المتظاهرين غير موجود شبيه لها لدى القوات (العراقية) بل إنه حتى أداة الإطلاق والبندقية المستخدمة في الإطلاق غير موجود شبيه لها لدى القوات (العراقية) بل إنه حتى أداة الإطلاق والبندقية المستخدمة في الإطلاق غير (عراقية) ودخلت إلى (العراق) دون علم الحكومة وليس عن طريق الحكومة….))، وهذا الكلام من السيد الوزير أحرج الحكومة مما اصدر توضيحا بكون (الطرف الثالث) هو من يقومون باستخدام هذا النوع من السلاح وقتل المتظاهرين ودون إن يحدد اسم هذه الجهة .
علما بان هذا (الطرف) هو المسؤول عن حالات الخطف واختفاء عشرات النشطاء والمتظاهرين في ظروف غامضة وسط (بغداد)؛ وهذا ما يوضح مدى هشاشة الوضع الأمني في (العراق) لدرجة التي تم في منتصف تشرين الثاني اختطاف اللواء (ياسر عبد الجبار) رئيس المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري مع حمايته وفي عز النهار على يد مسلحين والذين يسرحون ويمرحون في طول وعرض البلاد بدون محاسب؛ ومن يحاسبها….! وهي تمتلك نفوذا وقوة تفوق قوة الدولة وتديرها (إيران) بقرار سياسي، نعم إن الاختطاف تم في وضح النهار وفي قلب مدينة (بغداد) حيث اقتادوه إلى مكان مجهول؛ وحين يتم اختطاف مسؤول حكومي وبهذا المستوى؛ فكيف الحال بالنسبة إلى مواطنين بسطاء ليس لهم سلاح ولا احد يحميهم …..!
فـ(الطرف الثالث) الذي أصبح بحجم نفوذه وسلطته؛ سلطة في (العراق)؛ ميلشياتها تجوب شوارع مدن (العراق) تقتل.. وتخطف.. وتنهب المال العام.. وترهب (الشعب) من دون إن تستطيع أية جهة أمنية وعسكرية (عراقية) من إيقافهم ومحاسبتهم، فهذا (الطرف) الذي تسمية السلطات (الطرف الثالث) يعمل بحرية وإمام أنظار سلطات الدولة (العراقية) التنفيذية.. والتشريعية.. والقضائية؛ من دون إن يصدر منهم أوامر بإيقافهم ومحاسبتهم؛ وهم على علم – علم اليقين – بهوية هذا الطرف الذي يسمونه (الطرف الثالث)؛ وهذا هو التسويف الغير المبرر؛ وعجز امني واضح يساهم في انتشار السلاح بيد ميلشيات مسلحة خارج إطار الدولة؛ ليكون نفوذهم فوق نفوذ وسلطات القانون والمساءلة، لان سلطة هؤلاء الميلشيات موازية لسلطة الدولة إن لم تتفوق عليها، وهذا ما جعل الشارع (العراقي) يثور أكثر وأكثر ويندد ويطالب بإسقاط النظام، فالنظام الذي لا يستطيع حماية الشعب ومحاسبة ميلشيات (الطرف الثالث) كيف له يبسط سيطرته ويحكم الدولة (العراقية) …….؟
وهو الأمر الذي ساهم في استشراء الفساد في كل مفاصل الدولة بعد إن تم اختطاف السلطة منه من قبل (الطرف الثالث) الذي هو ميلشيات حزبية شيعية (عراقية) عميله وقوى امن واستخبارات (إيرانية) يتم الإشراف عليها وتوجيها من قبل (قاسم سليماني) قائد فيلق القدس في الحرس الثوري (الإيراني) والسفارة (إيرانية) في (العراق)؛ فهذه الإطراف المعادية تعمل كل ما في وسعها من اجل تكريس حالة اللا دولة في (العراق) لتمرير مشاريع (إيران) لتدمير الدولة (العراقية) اقتصاديا.. وسياسيا.. واجتماعيا، وهذا هو التدخل السافر بشؤون (العراق) واعتداء صارخ ومخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية؛ فالتمادي بالقتل وارتكاب الجرائم بحق الشعب والشباب (العراقي) المتظاهر؛ وتخريب الاقتصاد الوطني، ومع كل الأساليب المنحرفة التي تمارسها (إيران ) في (العراق)؛ فان الشباب بات يدرك بنوايا (إيران) واذرعها في (العراق) لذلك أصروا على مواصلة التظاهر رغم ما يتعرضون من حالات القتل.. والقنص.. والترهيب.. والترعيب.. والخطف.. والتهديد.. ومهما كانت التضحيات؛ لحين إن يتم تحقيق جميع مطاليبهم المشروعة في التغيير ومحاسبة الفاسدين والجرمين والقتلة، لذلك فان الشعب (العراقي) لم تعد مطاليبه تنحصر باستقالة (عادل عبد المهدي).. أو تغير وزراءه.. ولا بحل البرلمان.. أو إجراء تعديلات في الدستور.. أو إجراء انتخابات جديدة، فكل هذه الإجراءات هي إجراءات صورية لا قيمة لها ولم تعد حلا.. ولن تصلح كحل لازمة (العراق) الحالي، فـ(الشعب) باعتباره مصدر السلطات؛ قرر إن يدير شؤون البلاد بإرادته الحرة دون أية أملاءات؛ ولا يريد مشورة وتعديلات زمر كانت سببا في تدمير (العراق) اجتماعيا.. وسياسيا.. واقتصاديا.. طوال ستة عشر عاما ليوصلوا الوطن إلى حالة يرثى لها، فـ(الشعب العراقي) قرر وهو مصر بما قرره على محاسبة كل هؤلاء النخب الذين شاركوا في العملية السياسية منذ 2003 والى يومنا هذا؛ ولا نستبعد بان غليان الشارع بعد إن بلغ سيل الزبى؛ قد يعيد بحقهم المشهد السياسي الذي كان في نهاية الخمسينيات القرن الماضي بسحل (نوري سعيد) وأعوانه في شوارع (بغداد)، قصاصا لهم و وفاءا بحق دماء الشهداء الشباب التي سالت في شوارع (العراق)، لان شوارع (العراق) المخضبة بدماء الشهداء ستتكلم بلغة ثورية نضالية؛ لان الشعب قرر إن يستعيد الوطن المختطف؛ ويعيد بناءه بناءا حضاريا يليق بمكانته الحضارية والتاريخية العظيمة؛ لأنه يريد إن يبني الوطن ويؤسس (العراق) بقيم ومبادئ معاصرة وبإرادة الشعب وليس بإرادة الجواسيس والخونة والعملاء.