توطئة :
منذ انهيار الأمبراطورية العثمانية في أوائل القرن الماضي وتدخل الدول الغربية في شؤون الشرق الأوسط مما أدى الى وضع الدول المستحدثة في الهلال الخصيب تحت الإنتدابين البريطاني والفرنسي حتى يتم جهوزيتها لنيل الإستقلال .
…………………….
وكما نعلم وبعد الحرب العالمية الثانية واستقلال كل من العراق، سوريا، لبنان والأردن وقيام الدولة الصهيونية في فلسطين الى اليوم لم نر أي تقدم ملموس في تطبيق الديمقراطية واحترام للأقليات العرقية والمذهبية .
بل كل ما وجدناه في الحكومات المتعاقبة وخصوصا في العراق وكذلك في سوريا تواجد حكومات دكتاتورية مستبدة أخذة من الدين الإسلامي والعروبة منطلقا بعد حرمان الأقليات من كل الحقوق المدنية، بينما استخدمت هذه الأقليات وهنا على سبيل المثال – الآشورية – في خدمة العروبة وتحرير فلسطين حيث قدموا قوافل من الشهداء ولكن لم يحصلوا على أي حقوق تذكر إلى درجة منعت لغتهم من التدريس – وخصوصا في سوريا – واعتبرت حتى لغة أجنبية بينما اللغة العربية المفروضة من قبل الغزو العربي الإسلامي منذ القرن السابع الميلادي وما بعده غدت لغة البلاد الرسمية!
والأنكى من ذلك بعد بروز – الحزب البعث العربي الإشتراكي منذ أواسط القرن الماضي وتسلمه زمام الحكم في كل من سوريا والعراق وإنشغاله في مشاريع العروبة الوحدية التي كانت حصيلتها خيبة عظيمة ليس لها بل وحتى للشعب الذي غدا ضحيتها أي الشعب الفلسطيني نفسه.
هذا مما دعا الصحفي الأستاذ حازم صاغية بالقول:
” منذ سنوات لم يعد المرء يسمع ب ( الوحدة العربية ) . فمن مات مات ومن فات فات، بحسب الخطة الجاهلية الشهيرة! هكذا إذن، غدا الشعار الذي لطالما تصدر أعمال الاحزاب ونشاطات الدعاة، وباسمه حدثت الإنقلابات العسكرية، وخوفا منه تشكلت الأحلاف بين الدول، نسيا منسيا. ( حازم صاغية، وداع العروبة، دار الساقي 1999 ) “.
وكما هو معلوم أن كل الحروب والمحاولات لإلقاء إسرائيل في البحر وتحرير فلسطين باتت فاشلة ولم تؤد إلا بفقدان أراض جديدة لصالح إسرائيل، فمصر فقدت شبه جزيرة سيناء وسوريا الجولان والأردن الضفة الغربية!
كل هذه الإخفاقات أدت الى بروز حركات أسلامية في الآونة الأخيرة – داعش والنصرة وكثير من أمثالهما – ورغم قلة عددها وعدتها ولكنها استطاعت أن تقهر جيوش العراق وسوريا معا وتفرض نفسها في البلاد وتلحق بهم الهزيمة تلو الهزيمة.
وإن ما يجري في هذه الأقطار من أخطار هذه الجماعات الإسلامية التي تأخذ من الإسلام منطلقا لهو خطر جدا ليس فقط للأقلية المسيحية في هذه الأقطار، بل حتى للمسلمين أنفسهم !
وإن نتيجة ذلك نرى ما جرى في السنوات الماضية لهذه السياسات العروبية الشوفينية المخيبة كل ذلك أدى الى تدهور أمني على الأقليات خصوصا مما حصل أنهم تحت وطاة الحكومات نفسها أو لهذه الجماعات الإسلامية مما دفعها الى الفرار الى أماكن أكثر أمنية في دول الجوار، وعلى سبيل المثال إن المسيحيين كانوا يشكلون على الأقل 5% في العراق غدوا اليوم 3% وربما أقل وخصوصا بعد سيطرة – داعش – على إقليم نينوى وكذلك الأمر في سوريا حيث كان المسيحيون يشكلون نسبة اكثر من 15% من السكان، واليوم البعض يضعهم الى أقل من 5% من مجموع السكان والعدد يزداد يوما بعد يوم نتيجة إخفاق الحكومتين العراقية و السورية في السيطرة الكاملة على البلاد.
ومن المعروف، ان الأمن والأمان يبعث الإستقرار والذي بدوره يبعث الإزدهار وتقدم البلدان ورفاهية شعوبها بينما بدون ذلك، ينتج عنه الخراب والدمار والفرار!
والخلاصة إزاء هذه التحديات نرى لزاما علينا بالدعوة وتقديم الى منظمة الامم المتحدة بإقتراح يرمي الى وضع كل من هاتين الدولتين تحت الوصاية الدولية كون حكوماتهن أخفقتا واحد من أبسط الشروط الإنسانية ألا وهو صيانة الفرد لحياته وأمواله وآماله .
ونرى جزافا كل الجهود المبذولة من قبل شعبنا لدى الدول الكبرى وبالأخص الولايات المتحدة التي من المعروف أولياتها خدمة مصالحها القومية من جهة ومن جهة أخرى هي ومع الدول الغربية الاخرى كانت السبب الى تعاظم هذه القوى الإسلامية والله من وراء القصد.