23 ديسمبر، 2024 10:55 ص

مطلب الدولة المدنية في العراق ضياع بدءً من المصطلح

مطلب الدولة المدنية في العراق ضياع بدءً من المصطلح

هناك تصنيفات عديدة للدول والاختلاف في التصنيف بحسب محور التصنيف، وضمن هذه التصنيفات لا يوجد في المعاجم السياسية الغربية ضمن أشكال الحكومات أي وجود لمصطلح الدولة المدنية (Civil State)، وإنما هو مصطلح عربي تم تداوله في السنوات الأخيرة إثناء ما يسمى بالربيع العربي أو بعده، ولذا تم الاختلاف بشأنه كثيراً، وهناك من يقول بأن أول من تداول هذا المصطلح هم الإخوان المسلمين في مصر في خمسينيات القرن الماضي بعد سنة 1952 لمعارضة حكم العسكر، أي دولة مدنية في قبال دولتهم العسكرية، وهناك من يذهب بالموضوع أبعد من ذلك ويقول إن أول من استخدمه محمد عبده للتأكيد على عدم وجود سلطة دينية في الإسلام.
يستخدم مصطلح الدولة المدنية-ضمنياً- في المعاجم الغربية في مصطلحين سياسيين وهما الدكتاتورية المدنية في قبال الدكتاتورية العسكرية، والدولة المالية المدنية في قبال الدولة المالية العسكرية.
المصطلح غامض ويرى عدد من المختصين إنه للاستخدام المحلي ولا يدرج ضمن المصطلحات السياسية، ويمكن من خلال جملة من المقالات تتبع المعاني التالية له:
 
1-مصطلح معقد وفضفاض وواسع ويمكن استخدامه استخدامات متناقضة.
2-نوع من التلفيق والخداع الفكري السياسي ولا يعد مصطلحاً لذا لا يتم تداوله ضمن الأوساط الأكاديمية.
3-يقصد بالدولة المدنية ما يقابل الدولة العسكرية – كما ذكرنا سابقاً بخصوص استخدام الإخوان له- أي التي يحكمها المدنيون وليس العسكر، أو هي الدولة الديمقراطية والدستورية التي تستثني الجيش، كما عبر عن ذلك محمد مرسي الرئيس المصري الإخواني المعزول في كلمة له سنة 2012.
 
4-يقصد بالدولة المدنية ما يقابل ويضاد الدولة العلمانية وهذا ما طرحه بعض قيادات الإخوان في كلماتهم، وكما أشرنا لذلك سابقاً في كلمة لمحمد مرسي.
 
5-يقصد بالمدنية ما يساوي العلمانية، واستخدام مصطلح المدنية للتخفيف من حدة عدم قبول مصطلح العلمانية للتمهيد لقبوله، والمدنية بهذه الصورة تتساوى مع العلمانية في كل مواقفها من الدين وكل مبتنياتها ولا تفرق عنها إلا في هذا المصطلح الملفق للتخفيف ليكون مقبولاً لا أكثر.
وهو ما يقصده كل العلمانيين عند استخدامهم المصطلح وكل من يرفض أو ينتقد الدولة الدينية.
 
6-ويقصد بها ما يقابل الدولة الدينية والدولة العسكرية معاً، وقد تفرد باستخدامها بهذا المعنى السياسي العلماني المصري عمرو حمزاوي في كلمة له سنة 2011 حيث قال ما مضمونه إن الدولة المدنية تعني إنها لا سلطة للجيش ولا للدين.
 
7-المدنية في قبال العلمانية، ويستشهدون على ذلك بكلام بعض قيادات حزب الشعب المصري ذي الجذور السلفية الذين أعلنوا بأنهم حزب مدني بخلفية إسلامية وإن المدنية والإسلامية لا يتعارضان.
 
هذه أشهر المعاني المستخدمة والتي استطعنا تتبعها.
 
الخلاصة:
الدولة المدنية مصطلح عربي محلي غير معترف به اكاديمياً، وله معاني عديدة متناقضة غير معترف بسيادة احدها أو أغلبية استخدامه، لا وجود له في المعاجم الغربية ولا في الفلسفة السياسية الغربية، حتى إن البعض عندما يترجمه للإنكليزية يستخدم الترجمة الصوتية له من العربية أي “Madania” لعدم وجود مصطلح مقابل، بدأ الجدل به مصرياً –سياسي-أبان حكم الإخوان ولازال، بدأ استخدام المصطلح في العراق بكثرة أبان التظاهرات الأخيرة (2015) مجاراة لما حدث في مصر دون وعي في الغالب بمعانيه وللجدل بشأنها، وتعمداً من قبل البعض للتمويه على المطالب العلمانية (المعنى الخامس من المعاني)، وظناً من قبل البعض إنها تعني الدولة الديمقراطية أو دولة الحريات أو الدولة الحديثة.