یتمیز المجتمع الدولي بعدم الاستقرار الدائم فمتى ما تعارضت مصالح الدول الا وقام نزاع بینها ، ولعل هذا ما یفسر سبب الصراعات الدولیة المستمرة حتى أصبحت هذه الأخیرة حقیقة من حقائق عالمنا اليوم.
ويقصد بالنزاع الدولي هنا هو كل نزاع توافر فیه عنصران اثنان:
الاول – ان یكون اطرافه دولا.
الثاني – أن یكون صراعا ظاهرا معبرا عنه بمظاهر سلوكیة معینة وهو يتوافق تماماً مع ما جاء في نص المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولیة.
لذا تعد مسألة الحدود الدولیة من أهم الموضوعات في القانون الدولي وخصوصا الحدود البریة الامر الذي استوجب حدودا وفواصل من صنع الإنسان لا یجوز للآخرین التعدي علیها وكل خرق لهذه الحدود یقود إلى قیام نزاع أو صراع دولي حدودي… وهذا بالضبط ما احدثه تصريح وزير الخارجية الكويتي قبل ايام ومن بغداد والذي تزامنت زيارته مع ذكرى الغزو في الثاني من شهر اب عام ١٩٩٠ ، حينما طالب بالمزيد من الاراضي العراقية – ام قصر ، وفقا لقرارات دولية غير ملزمة وقعها النظام الديكتاتوري في تسعينيات القرن الماضي.
ولأهمية الموضوع يجب ان نثبت حقائق منها:
١. ان العراق الجديد يجب ان لا يعترف بكل ما وقع وتنازل عنه الطاغية بل ويطالب بما وهبه بغير وجه حق طيلة فترة حكمه ، لانه جاء بديلا عنه… وهي ورقة ضغط مهمة على كافة الجيران الكويت والسعودية – الربع الخالي والاردن – الرويشد وحتى ايران بما يتعلق باتفاقية الجزائر وتركيا في التحرك بالمثلث العراقي السوري التركي. ولنا في تجربة فرانكو الديكتاتور الاسباني الذي حكم قرابة اربعين عاما افضل مثال حينما تنصل الملك والأحزاب الوطنية عن كل قراراته واتفاقاته مباشرة بعد وفاته عام ١٩٧٥.
٢. ان العراق خارج البند السابع الملزم وبالتالي هو الان دولة كاملة السيادة ولا يجوز المضي باتفاقيات سابقة كانت لها ظروف خاصة ، لان العراق اليوم يختلف عنه قبل عام؛ بإجماع دول المنظمة الدولية وبضمنها الكويت التي كانت المعرقل الرئيسي لخروجه من هذا البند رغم ايفاءه بكافة الالتزامات ومنذ اكثر من عشر سنوات.
٣. ان الحكومة والأحزاب الحالية في السلطة كلها براء من تصرفات الطاغية وفترة حكمه ، بل جلها كانت معارضة له… وبالتالي هي الأحق والأجدر بالتنصل من كل التزاماته لمصلحة العراق اولا.
ان استمرار الكويت بمطالبها اللامعقولة وضغوطها غير المبررة على ساسة العراق للتوسع على حسابه ، لن يضمن لها الاستقرار والتنعم بالامان مع جار كبير وله عمق تأريخي مثل العراق كما انه لن يديم مباديء حسن الجوار المتعارف عليها دوليا… كما ان سكوت ساسة العراق وموافقتهم ومجاملاتهم للكويت وباقي دول الجوار لمصالح شخصية او حزبية او فردية لن يصب بمصلحة العراق ويحملهم المسؤولية.
انها دعوة للبرلمان الحالي لحماية اراضي العراق باقرار قانون تجريم التفريط باي شبر والتنصل التام عن كل اتفاقيات الحقبة الديكتاتورية والمطالبة بما وهبه الطاغية عبر القنوات الدبلوماسية والمحاكم الدولية وإلزام الحكومة الحالية والحكومات القادمة بتنفيذ ذلك… لان ارض العراق ليست ملكنا فقط بل ملك الأجيال القادمة اولا؛ ولايقاف مد المطامع التي لا تنتهي بهذا البلد الغني ثانيا.