يقول “ولف فاغنر” الأستاذ المحاضر في جامعة إرفورت الألمانية في مقدمة كتابه (كيف تعمل السياسة) مانصه:
تعتبر السياسة من الأمور غير الأخلاقية، التي تدعو إلى الملل وعدم الإكتراث.
هنا يسأل المرء نفسه: لماذا أكتب عن السياسة؟ لماذا سيكون هناك من يهتم بالسياسة ؟!.
رغم ذلك قد تجد نفسك تكتب عن بعض المواضيع ذات الطابع السياسي، محاولا سحبها -قبل أن تسحبك- إلى ميدان أكثر دقة وتنظيما، ألا وهو الميدان القانوني.
تم إستخدام إصطلاح المساواة في السيادة بين الدول لأول مرة، في تصريح الدول الأربع الكبرى الصادر في موسكو سنة 1943.
وتحرص الدول على سيادتها على نحو يشوبه قدر كبير من الحساسية من أن تجد نفسها خاضعة لسلطة تعلو على سلطتها، كما أن ميثاق الأمم المتحدة، الموقع سنة 1945 قد قام على المبادئ التالية، التي نذكر منها :
أولا- أن الدول متساوية قانونا.
ثانيا- أن كل دولة تتمتع بكل الحقوق الكافية المتضمنة في سيادتها الكاملة.
ثالثا- أن شخصية كل دولة يجب إحترامها، وكذلك سلامة أراضيها وإستقلالها السياسي.
بعد هذه المقدمة البسيطة، وبالعودة إلى موضوعنا، ومن إستقراء القائمة التي سلمتها الكويت -كدولة وسيطة- إلى دولة قطر، التي تضمنت مطالب دول المقاطعة (السعودية، الإمارات، مصر، البحرين) بحسب مانشرته وكالة رويترز، نجدها تتمثل بالآتي:
أولا- خفظ التمثيل الدبلوماسي مع إيران، والإقتصار على التعاون التجاري.
ثانيا- الإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية، ووقف أي تعاون عسكري مع تركيا على الأراضي القطرية.
ثالثا- قطع علاقتها مع ماوصف ( التنظيمات الإرهابية والطائفية).
رابعا- تسليم العناصر الإرهابية المطلوبة لدول الحصار، ومطالب مشابهة أخرى.
خامسا- إغلاق قناة الجزيرة والقنوات المشابهة لها.
سادسا- وقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومصالحها الخارجية، ومنع تجنيس أي مواطن يحمل جنسية الدول الأربع.
سابعا- كما طالبت دول الحصار أن تكون قطر منسجمة مع محيطها الخليجي والعربي على كافة الأصعدة.
كمحايد، أول مايتبادر لذهنك بعد قراءة هذه القائمة، تجد بأنها مطالب إذلال؛ أكثر منها مطالب صلح لإنهاء أزمة، وتدخل صارخ في الشؤون الداخلية لدولة تامة السيادة، إذ إن دول الحلف تخاطب قطر من منصة أعلى، “مستقوية” بفخامة الحلف عربيا، وهذا خلاف ما أستقرت عليه أسس التعامل في الميدان الدولي التي يؤكدها ميثاق الأمم المتحدة.
من ناحية أخرى، فان خضوع قطر لهذه المطالب يعني بجلاء، الخضوع لإرادات خارجية، ويعني أيضا إنتقاص لسيادتها كدولة حرة في تقرير مايجري على أراضيها، بشرط عدم المساس بسيادة الدول الأخرى، وإلا تعرضت للمسؤولية الدولية.
الغريب أن دول الحلف قد حدت أجلا قصيرا لقبول هذه القائمة (100) أيام وبإنتهائها دون الموافقة عليها تعتبر ملغاة. وحتى في القواعد العامة في القوانين؛ مدة كهذه تعتبر مدة سقوط !.
وكأن الحلف يهدد بالخيار العسكري، فتاريخ الأزمات الدولية كان حافلا بسيناريوهات مشابهة، ففشل التسوية أو الصلح يستتبعه حرب !.
تنص المادة الثانية الفقرة الثالثة من الباب الأول من ميثاق الأمم المتحدة: “يمتنع على أعظاء المنظمة في علاقاتهم الدولية عن التهديد … ”
التنجيس ومايتعلق به، يعتبر في القانون الدولي الخاص من الحقوق الدولية الخاصة وهو شأن داخلي صرف تقرره الدولة في ضوء حقوق الإنسان العالمية. كذلك إغلاق قناة الجزيرة التي تعتبر البروبغندا القطرية الأميز ضد الأشقاء !، مطلب كهذا لايرجح أن قطر تفكر بدراسته حتى، وهي الطامحة لدور عربي أكبر، وكان من الأفضل، لوكانت هناك نية لصلح حقيقي لامجرد تكسير أجنحة، لو طلب الحلف من قطر، تعديل خطاب قناة الجزيرة، والكف عن التدخل في الشؤون الدخلية للدول الحليفة.
ورغم أنه لايوجد الكثير من الناحية القانونية لقوله أكثر مما إستعرضناه، نظرا لخلفية الأزمة التي مازالت غير واضحة، ولكن يفهم من مجمل الشروط، أن دول الحلف تخاطب قطر بالسان حلفي:
أنت دويلة !