اليوم، تتفاخر القبائل العربية بمضائفها ودواوينها العامرة لإثبات وجودها بين القبائل الأخرى. وقد دخل الفن المعماري المتطور في بناء هذه الدواوين الكبيرة، حيث بذل أصحابها مبالغ كبيرة من المال لإنشائها، وذلك للحفاظ على سمعة وأصالة عشائرهم وقبائلهم. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الكرماء ما زالوا موجودين في كل زمان ومكان.
نعم، لقد دخلت العصرنة الحديثة في كل مجالات الحياة، وربما لم تترك لنا شيئًا نتفاخر به أمام الشعوب الأخرى. ولكن أبناء القبائل الأصلاء نهضوا من جديد ليثبتوا أن من كان أجدادهم وآباؤهم يسيرون في درب الشجاعة وإكرام الضيف، فإن أبناءهم الأصلاء قد انتخوا ليكونوا على نفس المنهاج الذي سار عليه آباؤهم.
اليوم، وأنت تتجه إلى منطقة غرب الموصل وإلى قرية “الثلجه” التابعة لناحية حميدات، تجد إحدى العوائل العريقة المعروفة بعطائها، والتي كتب عنها الكثيرون لتمسكهم بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة. ابتداءً من ارتداء صغيرهم وكبيرهم الزي العربي الأصيل، تجد عنوان الضيافة لدى الجميع وتشعر أنك أمام نخبة من خريجي مدرسة ألزگيف الذين تعودوا على استقبال الضيوف بالهلا ومرحبا.
لقد قام أبناء هذه العائلة الكريمة بإنشاء مضيف كبير يستقبلون به زوارهم يوميًا من كافة أنحاء العراق والأقطار العربية المجاورة. وتجد هذا المضيف الذي قاموا ببنائه بطريقة عصرية حديثة مشرعة أبوابه لاستقبال جميع أبناء القبائل. ولم تكن فكرة بناء المضيف جديدة على هذه العائلة العريقة، فهم أصحاب مضائف منذ بداية القرن العشرين وما زال نهجهم مستمرًا على نهج آبائهم وأجدادهم. وإن بنائهم لهذا الصرح العمراني المميز جاء لمتطلبات العصر الحديث، وخاصة بعد دخول العالم في مجال التكنولوجيا الحديثة.
نعم، إنهم عائلة ألزگيف ينتمون إلى قبيلة الجبور عشيرة البو سالم، والذين يطلق عليهم لقب “مغاوير الجبور”. تجد لهم حضورًا واسعًا في كل المحافل الاجتماعية والرسمية، وتجد أسماءهم بارزة لدى كل شيوخ العشائر والقبائل الموجودة في العراق وفي سوريا وبلدان الخليج العربي، لأنهم استطاعوا بطيبة قلوبهم وكرمهم وشجاعتهم بناء علاقات قوية مميزة مع جميع أبناء المجتمع. فتجد في مضيفهم العامر المسؤول الحكومي والوزير والمحافظ والقائد العسكري وشيخ العشيرة والمواطن البسيط الذي قصدهم لحلحلة قضية اجتماعية معينة.
إنهم نخبة من شيوخنا الأجلاء يضحون بأموالهم وأوقاتهم من أجل خدمة الناس ولا يبتغون من أحد نظام المقابل. لقد سطروا أسماءهم في سجلات الكرماء في التاريخ المعاصر، وأصبح مضيفهم محطة من محطات الكرم والضيافة تضاف إلى مضائف قبيلة الجبور “إخوة هدله”، والذين يتفاخر بهم وبنسبهم وجودة أعمالهم كل أبناء القبائل الأخرى.
ولهذا المضيف ميزة كبيرة في نفوس الجميع لموقعه الجغرافي الذي يربط قبيلة الجبور بأبناء قبائل البادية والجزيرة العراقية، وكذلك لطيبة أهله وحسن معشرهم وكرم ضيافتهم.
ومع كل هذه الصفات الحميدة، تجدهم يتذكرون أبناء قبيلتهم بكل مناسبة، وتجدهم السباقين في عمل الخير وجمع الشمل.
اليوم، ومع إعلان أسماء الشهداء الذين وجدوهم في إحدى المقابر الجماعية في منطقة حمام العليل، ومشاركة لعوائل الشهداء، قام الشيوخ الأفاضل
الشيخ عبدالسلام كنوش الزگيف..والشيخ عبدالحليل جاسم الزگيف بمجلس عزاء حضره عدد كبير من المسؤولين المدنيين والعسكريين في محافظة نينوى، وأغلب شيوخ العشائر والقبائل، إضافة إلى جمع كبير من المواطنين الذين جاؤوا لمواساة عوائل الشهداء من خلال مجلس العزاء المقام في مضيف الزگيف، مضيف قبيلة الجبور.
مبارك لكل أبناء قبيلة الجبور هذا المضيف المميز الذي أصبح عنوانًا كبيرًا يضاف إلى الصروح الشامخة من دواوين القبيلة.