في الفترة الزمنية القصيرة التي اعقبت اجراء الإنتخابات في 30 تشرين ثاني من العام المنصرم , شدّد قياديون من مختلف تنظيمات ” الإطار التنسيقي ” على رفض التجديد لأيٍّ من الرئاسات الثلاث , وتكرّر هذا الرفض عبر تصريحاتهم في وسائل الإعلام , وهم في موقع خسارة الفوز في الإنتخابات , ولم يتركوا ايّ مساحةٍ او مجالٍ لخطّ الرجعة , وفجأةً فاز الحلبوسي برئاسة مجلس النواب , ولم تفلح مسرحية او شبه مسرحية محمود المشهداني في قلب الموقف رأساً على عقب , ويتذكّر المتابعون وعن كثب مرحلة التقارب واللقاءات بين السيد هادي العامري < قائد فيلق بدر ورئيس كتلة الفتح > وما جرى خلالها من مدٍّ وجزر بأشكالٍ نسبيةٍ من العامري , حتى جرت تصوراتٌ وانطباعات لدى جزءٍ من الرأي العام بأنّ العامري سينضم الى الحكومة التي يشكلها التيار الصدري وبإستبعادٍ كاملٍ للمالكي , لكنّ ما حدث ولأسبابٍ ما .! لسنا بصددها الآن ولأكثرِ من سبب , فإنّ هادي العامري استدار بنسبة 180 درجة من هذا التقارب وعاد للإلتحاق بموقف الإطار المشترك مع المالكي .
وإذ يشكّل ذلك بداية المتغيرات التي تخلو من التوازن السياسي وفق متطلبات المعركة الأنتخابية , ودونما اشارةٍ هنا للتأثيرات الخارجية الإقليمية وحركتها المتغيرة المرتبطة بمفاوضات الملف النووي الأيراني ” والتي بلغت مرحلةً متقدّمةً للغاية ” والتي لابدّ من انعكاسها على الأطراف الموالية او التابعة لطهران ,
في مشهدٍ متقدّمٍ من سيناريو هذه المضاعفات , برزت المعركة التنافسية الحامية الوطيس لترشيح رئيس الجمهورية , بين الإتحاد الوطني الكردستاني و الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يفرض سيطرته على الإقليم , والذي مرشّحه هوشيار زيباري لرئاسة العراق , لكنّه وبتزامنٍ تضاعفت المطالبات الجماهيرية على مستوى العراق لرفض زيباري لرئاسة الجمهورية لإتّهاماتٍ بالفساد الإداري – المالي الذي يمكن ايجازه وبتقليص بهدر المال العام ” كما انتشر ذلك في الإعلام وحتى من قبل ان ينتشر .! وذلك ما جرّ ودفعَ المحكمة الإتحادية لإستدعاء زيباري حول اللإتهامات الموجّهة له . والى ذلك لا يمكن الجزم بحضور السيد هوشيار أمام المحكمة او عدمه , ولذلك اكثر من معنيين .!
في تضاعف مضاعفات الأزمة القائمة الى ما هو أشدّ , والذي يمكن حصره آنيّا او مؤقتاً بعاملين او عنصرين على الأقلّ , والذي اوّلهما التصريح المفاجئ للسيد مقتدى بتعليق حضور كتلته الصدرية ومنعها من حضور جلسة البرلمان للتصويت على أيّ رئيسٍ كرديّ للجمهورية , وكانت الأبعاد المضاعفة لذلك هي قيام رئيس ” التيار” بنفسه بالإتصال الهاتفي بالسيد مسعود البرزاني والتطرّق بشأن المسار المشترك لتشكيل الحكومة القادمة , ويبدو ويترآى في مقاييس ” الإعلام ” هو ضرورة التخلّي واستبعاد زيباري عن الرئاسة ” برغم ما لم يجرِ الإعلان والتصريح به من خلال كلا المكتبين الإعلاميين البرزاني والصدري , ورغم المجهول فيما دار في الإتصال الهاتفي المشترك بينهما , وما يمكن ان يترتّب عنه خلال الأيام او الأسابيع القلائل القادمة , وَ وِفقَ إستقراءاتٍ اعلاميةٍ اخرى , كأنّ ما يجري من مجرياتٍ فكأنها مبرمجة مسبقا والى حدٍ ما , اذا لم تكن ممنهجة اصلاً .! وكأنّ الهدف هو الإبقاء على الوضع الرئاسي الحالي , وربما مع تعديلاتٍ طفيفةٍ وخفيفة .!