18 ديسمبر، 2024 4:56 م

مضاربات الدولار وسراب “امنيات” البعض

مضاربات الدولار وسراب “امنيات” البعض

حينما كتبتُ مقالا قبل نحو اسبوع ، ونشر هنا ، في هذا الموقع الرصين ، وتابعه الملايين ، حول “جراري الخيط ” من شخصيات تضمر شرا بواقعنا المالي والاقتصادي ، اتجهوا الى الفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي ، مغردين بحلو الكلام ، الذي يحمل في باطنه سوادا ومرارة لا تخفى عن اللبيب ، هدفهم اثارة زوبعة من التشكيك ، وقد تسببوا في خلق بلبة وهمية ، ادت الى استفادة جوقة المضاربين  بخلق فجوة بين سعري البنك المركزي العراقي والسوق الموازي الذي يقوده بعض ضعاف النفوس ..

لقد حمل مقالي آنف الذكر، عنوانا اغاض النبات الذي خرج من ارض سبخة ، واعني بهم ( خبراء ) آخر زمن من حافظي الارقام وبعض المصطلحات من هذا الكتاب او تلك الدراسة .. كان العنوان ( مرضى النفوس … كفى ! ) وقلت فيه نصاً ( ان التلميح بأن ما جرى ويجري ، من خطوات يتخذها البنك المركزي العراقي لمعالجة سعر الصرف ، يجري لصالح الجهات التي تسعى الى تدمير الاقتصاد العراقي ، من خلال التشكيك بالحزم التي قلم بها البنك في الفترات الاخيرة ..) واكدتُ على ضرورة ابعاد الاصوات الشاذة عن الحوارات الاعلامية ولاسيما التلفزيونية  ، فهي اصوات تصب الزيت على النار ، وتسعى الى انهاء العمل المصرفي في العراق بذرائع شتى ، متعكزين على قرار فرض وزارة الخزانة الامريكية ، عقوبات على 14 مصرفاً عراقيا ، بحرمانها من التعامل بالدولار ، بلعبة باتت مكشوفة ، وهي ان القرار المذكور جاء نتيجة عن سوء تخطيط من ادارة البنك  الحالية ، ناسين الحقيقية المؤكدة ان القرار الامريكي ، نتاج العام 2022 ، اي قبل تشكيل الوزارة الحالية ، وهو على خلفية تدقيق حوالات المصارف التي حرمت من التعامل بالدولار، لتلك السنة ، وقبل تطبيق المنصة الإلكترونية..

ان تفكيك بنية التشكيك التي يروجها البعض في التصريحات التي كثُرت في الايام القليلة المنصرمة  ، للبنك المركزي العراقي ، ليست بالشفرة المستعصية على الحل وإنما هي مكشوفة وبائنة ، بسبب تناقضاتها وثغراتها ، ولا تحتاج إلى ذكاء لبيب لاكتشافها ، فبين اتهام وتشكيك ، وتشكيك  واتهام   وكلمة وكلمة ، و جملة وجملة، وفقرة وفقرة ، تبرز المتعارضات والمفارقات الدالة على الاستهداف .. وهو استهداف مؤسسة ، حظيت باحترام ومحبة الشعب ، وتقدير مؤسسات مالية عربية ودولية.. فلنبتعد عن خلط الاوراق .. فقد بانت خيوط ومسببات هذه الهجمة والاتهامات واضحة للعيان ..!

وانني هنا ، اشد على ايدي هيئة الاعلام والاتصالات ، التي وجهت الخميس 27 الحالي ، بقرار صادر عن رئيس جهازها التنفيذي ” بضرورة امتناع وسائل الاعلام عن نشر اية اخبار مضللة او غير دقيقة عن العملة الوطنية والقطاع الاقتصادي ” .. ان هذا القرار ، الذي سيتهمه البعض بأنه سدا لباب الديمقراطية ، وخنق حرية التعبير ، لكني اراه مصيبا ، فحماية الاقتصاد ، هو حماية للوطن ، فالتصريحات غير المسؤولة ، هي مثل الشائعة …  طائرة أسرع من الصوت ، في صوتها وجبروتها وخطورتها ، وهي تروج في أول الأمر، بخبث ثم تغوص تحت السطح لتظهر مرة أخرى عندما تتهيأ لها الظروف بالظهور، فهي ذات خطورة مجتمعية وادارية في حياتنا اليومية .. وامامنا الحالة اللبنانية شاخصة ، وما آل اليه الوضع حين ركزت الفضائيات اللبنانية والعربية والصحف على ابراز مشاكل اقتصادية ومالية ، دون ان تضع الحلول لها ، حتى فقد المواطن اللبناني الثقة بالمصارف اللبنانية ، وجرى الذي جرى..

لا اريد لبلدي ان يعيش اجواء ما حدث ويحدث في لبنان من انهيار مالي ، فالقطر الشقيق يعاني اصلا من أزمات اقتصادية ومالية تجعله عرضة لاهتزازات بنيوية داخلية خطيرة ، الأمر الذي يجعله عرضة للتأثر بارتدادات تحولات اقتصادية ومالية .

رجاء اتمنى ان يتحقق ، وهو نابع من حرص وطني : اتركوا للبنك المركزي ، وكوادره المختصة ، فسحة العمل لعودة الامور الى نصابها ،     فالبنك ، وهو يخطو بخطواته المتأنية ، وبالحُزم التي اتخذها بعقلانية واقتدار وحنكة ، يدرك ان معركة الدينار مع الدولار ستنتهي لا محال ، بصمت الاصوات المريبة ..  وان “أهل مكة أدرى بشعابها “..!