11 أبريل، 2024 8:28 ص
Search
Close this search box.

مصير أوكرانيا بين الانتصار الروسي و ولادة “مثلث فايمار” أمريكي

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان من المفترض، أن أكتُب، و رئيس المركز الدولي للتحليل و التنبؤ السياسي (روسيا)، مقالاً مشتركاً عن أوكرانيا. السيد دينيس كوركودينوف، كان مهتماً أكثر، بنشرِ تغطيةٍ صحافية لـ “ويبنر”، مع مسؤولين و أكاديميين، من بعض الدول العربية، لتحليل نتائج التصويت الأخير (عربياً)، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، و إدانته من معظم الدول الوازِنة، في المنطقة، رغم إنّهُ ليس قراراً مُلزِماً، لكنه انتِصارٌ معنوي للغرب ضد موسكو.

هذهِ الندوة الإلكترونية، و التي حضرتُها مُشاهِداً صامتاً لبعض الوقت – انسحبتُ بعدها – بسبب أخطاء “تقنيَّة”!

غامر كوركودينوف – المُستند لرصيدٍ متواضع من الحصافة و الأدب المهني – عندما نقل تفاصيل هذا الـ “ويبنر”، من الشِفاه الناطِقة، إلى نصٍّ مُدوَّن، بالذهاب، إلى إنَّ الدول العربية، تقِفُ بالضِّد من “موقف الولايات المتحدة و حلفائها الأوروبيين”، و أنها باتت أكثر “تَفَهُماً للعملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، و التي اصبحت بتعبير دبلوماسي عربي سابق، عملية خاصَّة ضد الناتو”. المُفارقة إنَّ التقرير نُشِر في وكالةٍ إخباريَّة عربية، باللغة الإنكليزية فقط.

كُرة ثلج دعائية

كانت هذهِ الآراء و غيرها، كُرة ثلج صغيرة، ينتظرُ الزميل دينيس منها، أن يكبُر حجمُها، حالما تبدأ بالتدحرُج في وسائل الإعلام “البديل” – منصات الإعلام الإلكتروني عموماً – لتصِل حتّى و لو بحجمٍ صغير جدّاً، إلى الإعلام السائد في المنطقة، خاصَّةً القنوات العربيَّة المؤثِّرة.

الهدفُ المفترض هو: “تصفير قيمة التصويت، في الجمعية العمومية، من قبل وعي الإنسان العربي”. كان الأجدر به، البناء على عدم صدور بيان مشترك، لقمة الدول العشرين الأخيرة في الهند، و الأداء الرائع للوزير لافروف؛ الذي ذكَّر بمسألتين غاية في الأهميَّة. الأولى؛ إنَّ موسكو لا تُريد سوى تأمين دونيتسك و لوغانسك، و الثانيَّة إنَّ بلاده تُريد التفاوض، و لكن الغرب دفع الرئيس زيلينسكي، إلى إصدارِ قرارٍ، يُحرِّمُ التفاوض مع موسكو، ما دام الرئيس بوتين في الكرملين!

الوزير لافروف لم يدخر وسعاً أيضاً، في تذكير الجميع؛ الذين حضروا جلسته النقاشية، على هامش أعمال القمة الهندية لدول العشرين، بما كتبه سيمور هيرش، عن قيام واشنطن و بمعية بعض الدول الأوروبية، بتفجير خط أنابيب “نورد ستريم”.

بغداد، كوسوفو، صربيا و غيرها، حضرت أيضاً في حديثه. كانت رشيقةً على لِسان الوزير لافروف، كأنهُ كان يستعين بألمعيَّة الراقص الإيقاعي الشهير، فاسلاف نجنسكي.

إنَّ الذي فعله الزميل كوركودينوف، كان تعبيراً روسيّاً، عن اضطراب بلاده، نتيجة العداء الأوروبي؛ الذي خرجت آثارُه المزمِنة، من قاع الحدث الأوكراني. اثبت هذا الحدث وكما رأى الفرنسي، تييري مونبريال، بأنَّ: “العداء لروسيا يُساهم في وحدة أوروبا”، و إنَّ: ” روسيا جزءٌ من جغرافيَّةِ أوروبا لكنها لا يمكن أن تكون أوروبية”.

ألكسندر دوغين، صاحبُ النظرية الرابعة، و عقلُ بوتين كما يوصف، قال ذلك مِراراً و تكراراً. الأهم إنَّهُ بيَّن – الأسبقية لـ مونبريال على حدِّ علمي – إنَّ روسيا تُعاني من “فُقدان هويةٍ، و إيديولوجية متماسِكة، يجبُ أن تمتلكها للحِفاظ على زخمها في القرن الحادي و العشرين”.

المُفارقة التي ذكرها دوغين أيضاً، في لقائه الأخير، مع إحدى القنوات العربية – قبل أيّام قليلة – بأنَّ التأكيد على “أهمية الهوية الوطنيَّة الروسية، سيكون موجوداً بين خُلفاء بوتين في الكرملين، و أنهُ لا داعي لانتظار خروج بوتين من الكرملين، أو إلى العالم الآخر، كي يتأكدوا من ذلك”. بالنسبة لي، اعتقد إنّهُ بات على الغرب، أن يكُفَّ عن انتظار بوريس يلتسين جديد، أو غورباتشوف آخر!

مصير أوكرانيا في 2023

كُل ما تقدَّم يأخذُنا بالتأكيد، إلى محاولة رصف خطِّ سيرٍ، لمصير أوكرانيا في 2023. الأمريكي، سكوت ريتر الأبن، و هو أحد المفتشين السابقين عن أسلحة الدمار الشامل، في العراق. عَمِلَ في الأمم المتحدة 1991-1998م، ليبرِز بعدها كأحدِ أنشط النُقَّاد، للسياسات الخارجيَّة لبلاده، ذهب إلى إنَّ “العملية الروسية المفترض أن تنطلق في الربيع، سوف تشهدُ انتصار روسيا، و إنَّ الأمل بصمود كييف، يشبهُ نجاة كرات ثلج موضوعة في الجحيم”.

الكولونيل الأمريكي دوغلاس ماكريجور، و الذي اجرى النيابي البريطاني الأسبق، جورج غالاوي، حِواراً معه، وَجَد أيضاً إنَّ “أوكرانيا حُشرت بين الغرب و موسكو و ستدفع الثمن”.

المُتابع للشأن الأوكراني، خاصَّةً في المنطقة العربية، يجب عليه أن يفهم بأنَّ ما يحصل في أوكرانيا، هو محاولة حقيقية لحذف روسيا، من قائمة الدول العُظمى، في القرن الحادي و العشرين.
هذا الحذف، ليس مشروعاً مُراهِقاً من الناتو. باراج خانا، عالم السياسة الأمريكي، من أصلٍ هندي، كتب عن ذلك في (العالم الثاني). مفادُ ما ذهب إليه خانا: “القرن الحادي و العشرين؛ سيكون أمريكياً، صينياً، أوروبيا، و إنَّ روسيا لا تعدو كونها دولة إقليمية كُبرى”.

واشنطن بالطبع، تحاولُ الحصول على أرباح حذف روسيا المُفترضة، من الحدث الأوكراني. نستطيع أن نصِف هذا الربح بـ “الربح البولندي أو ربح مثلث فايمار”.

مثلث فايمار المكوَّن من ألمانيا، بولندا، و فرنسا، و الذي كان المُرادُ منه وما يزال، أن يُساهم بشكلٍ غامض، في استقرار غرب و وسط أوروبا، ضخَّم الحدثُ الأوكراني حجمه، في العيون الأمريكيَّة. وارسو و بحسب هذا الربح؛ ستكونُ عاصمة وسط أوروبا الأمريكية! و مركزاً جديداً لاستقطاب دول أوروبا الشرقية، بعيداً عن نفوذ موسكو.

انتصار روسيا المتوقع في أوكرانيا، سيطلقُ على الأرجح إعلاناً أمريكياً – أوروبياً، من النوع المُتسرَّع، بفتح الباب على مصراعيه، أمام كُل من يودُ الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، رغم إنَّ بروكسل تُصرِّحُ كثيراً، إنَّ الانضمام إليها يمرُّ بطريقٍ طويل من تنفيذِ الاشتراطات.

العيبُ البسيط في هذا التصميم، إنَّ وارسو إضافة إلى دولٍ عديدة، من وسط و شرق أوروبا، لديها مُنازعات حدودية مع أوكرانيا. الزميل كوركودينوف، سرَّب استعداد روسيا، لتقاسم الجغرافيا الأوكرانية مع تلك الدول. أمّا عيبهُ الأضخم؛ فسيكون إطلاق تسونامي يميني في أوروبا، يُهدد الاتحاد الأوروبي نفسه.

السلوك الأفضل للعرب في الحدث الأوكراني

السيناريوهات الأمريكية و الأوروبية؛ التي تُريد المُضاربة بالحدث الأوكراني، لن تستطيع أن تؤثِّر على المنطقة العربية بشكلٍ كبير، إن استخدمت دول المنطقة، خاصَّةً الخليج العربي، إمكاناتِها الدبلوماسيَّة الكبيرة، حتّى و لو بدرجةٍ متوسِّطة.

الأفضلُ لها أن تسمح باستخدام مواردِها الإعلاميَّة، بشكلٍ مفتوح و لو جزئياً، لصالح سيناريوهات تحليلية، بالتعاون مع مراكز بحثيَّة، تجِدُ الميديا العربية، سهولة و يُسراً، في إيصالِها إلى فضاء الرأي العام العربي.

الهدف أن تُبقي دولنا العربية، خياراتٍ مفتوحة، للتعاطي مع الحدث الأوكراني، بعيداً عن ازدواجية واشنطن و بروكسل، و اضطراب موسكو؛ التي تُريد تعطيل الرأي العام الدولي، المُسيطر عليه أمريكياً، بتحفيز الميديا في المنطقة العربية؛ الُمحبطة، إلى انتِهاج خِطابات عدائية، تجاه الغرب، و التي ليس لها من قيمة، إلَّا باستغلالِها من قبل “إسرائيل”.

الحدث الأوكراني، فُرصة عظيمة أمام الدبلوماسيَّة العربية، في ملء أرصدة حضورِها، بين نظيراتها، في قارات العالم الأُخرى، حتّى لو كان ذلك بعيداً عن تصوَّرات الغرب؛ بل و من أجلِ غربٍ أكثر معقولية، و المُساهمةُ كذلك في عِلاج، داء المركزية لديه، بالتعاون مع شركاء مُعتبرين، في هذهِ اللحظة التاريخيَّة، مثل بكين، موسكو، نيودلهي، برازيليا، و مع واشنطن، أهمُّ شريكٍ مؤثِّر في عالمٍ أُحادي أو متعدد الأقطاب.

 

6
مُرفقات
• تم الفحص من قِبل Gmail.
معاينة فيديو YouTube Watch again: Russian Foreign Minister Sergei Lavrov speaks at geopolitical conference in India

معاينة فيديو YouTube مقابلة خاصة | المفكر الروسي ألكسندر دوغين “عقل بوتين”

معاينة فيديو YouTube Scott Ritter – Odessa and Kharkov: The Next Targets in Russia’s Offensive

معاينة فيديو YouTube INTERVIEW: UKRAINE has no chance of winning #ColDouglasMcGregor

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب