22 ديسمبر، 2024 11:24 م

“مصيبتنا” والكهرباء..

“مصيبتنا” والكهرباء..

أصابتني نوبة من الضحك وانا اشاهد مقطعاً فيديوياً لمجموعة من الاشخاص وهم يطلقون الأهازيج ويرفعون الرايات داخل مدينة الطب في حالة تسمى (العراضة العشائرية) وبعد اطالة النظر بعنوان الفيديو علمت ان هؤلاء جاؤا لمواساة شيخ عشيرة يرقد في احدى مستشفيات المدينة التي لاتبعد عن وزارة الصحة سوى عدة أمتار، تذكرت حينها اننا نعيش في بلد ديمقراطي يوفر الحرية للجميع في التعبير عن أفراحهم وأحزانهم وبالطريقة التي تلبي رغباتهم.

تخيل عزيزي القارئ لو ان احد عناصر الامن في مدينة الطب حاول منع تلك “الأهزوجة العشائرية” او طالبهم على الأقل باحترام خصوصية المرضى الذين يرقدون الى جانب شيخهم، لكانت تلك العشيرة او غيرها قد اعلنت “النفير العام” وأهدرت دم العنصر الامني، وقد تتطور الى ابعد من ذلك لتكون النتيجة مهاجمة جدران مدينة الطب بالاسلحة النارية تحت عنوان “الدگة العشائرية” او قد نشاهد عبارات تكتب باللون الأحمر على أسوار المدينة تبلغنا بانها “مطلوبة عشائريا”.

نعم.. لا تستغربوا فجميع تلك الحالات تحصل في بلادنا التي تعيش مؤامرة دولية لرفع درجات الحرارة وتغيير أجوائها المناخية كما ابلغنا الشيخ محمد اليعقوبي في احدى محاضراته حينما اكد ان “هناك جهات دولية لديها مراكز تعمل على التاثير في الأحوال الجوية كارتفاع درجات الحرارة واحداث الزلازل والفيضانات، ليخبرنا بان تلك الدول جعلت العراق ضمن قائمة مراكزها للتحكم بأحوالها الجوية”، لكن المفاجأة ليس في حديث الشيخ الذي كان يمثل “الأب الروحي” لحزب الفضيلة قبل ان يأمر بحله وإغلاق جميع مكاتبه انما في تزامنها مع زيارة وزير الكهرباء لؤي الخطيب لمكاتب المراجع الدينية في النجف ولقائه الشيخ اليعقوبي قبل ايام من اكتشاف “المؤامرة الدولية”، فقد يكون سيادة الوزير هو صاحب هذا الاكتشاف العظيم لكونه يتمتع بقدرات تجاوزت امكانات السيد حسين الشهرستاني حين ما تحدث قبل ست سنوات عن نوايا الحكومة لتصدير الطاقة الكهربائية.

المشكلة ان ازمة الكهرباء تتكرر مع كل صيف وارتفاع درجات الحرارة لنسجل معها بداية لقصص السادة المسؤولين ووزراء الكهرباء منذ ايام وحيد كريم الذي هرب الى اميركا بعد صفقة ألعاب الاطفال التي جهزت للعراق كأدوات احتياطية لمحطات توليد الطاقة، مرورا بأيهم السامرائي وقاسم الفهداوي الذي مازال تصريحه يتذكره جميع العراقيين حين ما حمل “عُبَّاد الله” مسؤولية تردي تجهيز الكهرباء بسبب استخدامهم سخانات المياه في فصل الصيف، ليكون دور وزير الكهرباء الحالي لؤي الخطيب المدعوم من تحالف سائرون لكونه “الشخصية الشيوعية النزيهة”، ليبشرنا خلال مؤتمر صحفي بان وزارته سجلت اعلان تجهيز في الطاقة بتاريخها في وقت تعيش منازل المواطنين درجات حرارة مرتفعة بسب انقطاع الكهرباء لأكثر من ثماني عشرة ساعة يوميا، يقابلها “صمت” لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي لا يمكن تفسيره.

المضحك امام جميع تلك “الكوميديا الحكومية”، بأن سيادة وزير الكهرباء لؤي الخطيب كان يخضع للعلاج بمصح نفسي في العاصمة البريطانية لندن قبل ابلاغه بالعودة الى بغداد للحصول على منصب وزير الكهرباء، وهي معلومات نقلتها شخصية سياسية مقربة من دوائر القرار في القوى السياسية جمعتنا صدفة مساء احد الايام وتحدثنا عن مشكلة الكهرباء، في وقت يتحدث السيد عبد المهدي عن حكومة “كفاءات” قادرة على توفير الخدمات للمواطنين وتغيير الواقع، لكن مايحصل يختلف تماما عن الأمنيات التي يعيشها دولة الرئيس مع وجود وزراء في كابينته كانوا يتلقون العلاج في مصحات نفسية.

الخلاصة.. ان ازمة الطاقة الكهربائية قد تكون بمجملها قضية صراع سياسي ضحيته المواطنون، فمن غير المعقول ان تعجز الحكومات المتعاقبة منذعام 2003، وحتى الان عن توفير طاقة مستقرة على اقل تقدير في فصل الصيف لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة على الرغم من كمية الاموال التي صرفت لبناء المحطات توقيع العقود مع شركات عالمية اخرها شركة سيمنز التي قد تفشل في إنعاش صيفا لأسباب لا يعلمها “الا الراسخون بالحكومات”.. اخيرا السؤال الذي لابد منه.. متى ننعم بالكهرباء كحال بيوت السادة المسؤولين؟..