23 ديسمبر، 2024 6:28 ص

مصل الإصلاح من سم الفساد

مصل الإصلاح من سم الفساد

تفاقمت موجات الفساد، وتعالت أصوات الإصلاح، وبين هذا وذاك مفسدون ينادون للإختباء بين طيات دعوات الإصلاح، وكأن الفساد مرض معدي فتاك أصاب طبقة سياسية، ومستعد لعدوى مكافحيه؛ أن لم يتخذوا من وسائل الوقاية الوطنية والتدرع بالمسؤولية، وبما أنه وباء نشرته فئة لا تنوي حياة للمجتمع؛ فالمسؤولية على الجميع بالتشخيص والتشهير والبحث عن علاج.تتضرر طبقات كبيرة من الفساد، وأولهم المفسدون أنفسهم، وجامع شرائط الفساد كجامع المال لإضرار نفسه؛ وكلما زاد كان أكثر إنحدار وإنحطاط. نجزم أن الفساد نوع من الأمراض التي تترك عاهات مستديمة أن لم تعالج في آوانها؛ إذا لم يك البحث جدي عن العلاج والوقاية، بل التمعن بالأشخاص المحيطين والملامسين وحتى من زارهم بحسن نية، ولا شفاء المُصاب يعني الخلاص من جرثومة تتحرك بوسائل لا تُرى بالعين المجردة، وقد يحملها الإنسان ولا يشعر بأعراضها إلاّ بعد إستفحالها، وربما نعتقد بشفاء شخص ولكنه يعمل جراثيمها لفترة من الزمن.تعتقد معظم الشعوب أن الوقاية خير من العلاج، وأن أصابها داء تستنفر كل إمكانياتها للقضاء عليه، ومنها من تخصص 99% للوقاية و 1% للعلاج، ومهما كانت الأمراض؛ فأن علاجها من نفس داءها ومصلها من سمومها، والوقاية منها بعد محاصرتها إضعافها ونقلها مجمدة، ومعرفة طرق إنتقالها وردم البيئة الحاضنة.إن الحصول على مصل الوقاية يتم بإضعاف الجرثومة المسببة، وحقن الجسم بجرع ضعيفة ليتعرف على جرثومة المرض، ويقدر على مقاومتها أن جاءت بقوة هائلة مهاجمة، وأن أردنا صناعة مصل للإصلاح، فلنأخذ من الفاسدين نقاط ضعفهم ونلزمهم بما ألزموا أنفسهم، وأن أرادوا الإصلاح فعليهم الجلوس للحساب، وقد يبدو غريباً أن طرح أن العلاج من الداء نفسه، ولكنها حقيقة علمية لا تنجح تجاربها؛ إلاّ بالتضعيفوالمحاصرة وأجواء التجميد عن الحركة السياسية والإجتماعية، وبما أن الإصابة مؤكدة فمن الضروري البحث عن علاج الحاضر ووقاية للمستقبل.بعض الإشخاص لا يخدمون أنفسهم وذويهم بالمال والجاه والمنصب، وكلما إنغمس في مرض الفساد زاد تشوها وتشويها للتاريخ والأوطان.من الضروري إقتلاع أنياب الأفاعي قبل إستخراج أمصالها، ومن المهم إشعار الفاسدين بقيمة الإصلاح وإرتباطه بالمنظومة القيمة للفرد والإلتزامات القانونية تجاه المجتمع؛ لذلك علينا تعريضهم الى مصحات السياسة وأفران النزاهة، وإطعامهم مرارة المعناة والجوع وويلات الإرهاب، وإيقافهم للقصاص والسؤال عن كل صغيرة وكبيرة، وعن مالهم ومن أين لهم هذا، وعن أفكارهم التدميرية ومن أي جيل تطفلت وتهاجنت بين الدكتاتورية والأنا والإرهاب؛ وأنجبت جيل فاسدين وبائيّن يسعون الى شل حركات الدولة؛ إذن علينا إضعافهم وإستخراج المصول من أجسادهم وتعريف المجتمع بسوابقهم وحواضرهم ومبيتغياتهم، وقلع أنيابهم ومحسوبياتهم، وإعادتهم الى تاريخ ما قبل 2003م، وبأيّ قميص جاءوا أن كان بعضهم يملك قميصاً في ذلك الوقت.