23 ديسمبر، 2024 9:20 م

قرأت في مقال لأحد الاخوة وهو يتساءل هل كان الزعيم عبد الكريم قاسم دكتاتوراً أو قائداً وطنياً ؟
ولطالما حصل الكثير من التداخل بين الكثير من المصطلحات السياسية العلمية والخلط بين المفهوم العام للمصطلح السياسي وبين المفهوم الشعبي والنفسي لهذا المصطلح و في بعض الاحيان هناك عدم وضوح بين المفهوم العام للمصطلح السياسي والمفهوم الخاص والتطبيقي له
 كما يحصل مثلا في مصطلح الديمقراطية فالمعنى اللغوي لها هو حكم الشعب والمعنى الاصطلاحي العام لها هي حكم الاغلبية والمعنى التطبيقي هو محاولة أختيار الأفضل لذا نجد أنواع من الديمقراطيات المحددة والمطلقة الملكية والجمهورية المركزية وغير المركزية
ومن ذلك الخلط بين الدكتاتورية والوطنية ولا يشترط ان يكون الدكتاتور لا وطنياً ؛ كما لا يشترط بالنظام الديمقراطي ان يكون وطنيا بالضرورة لانهما قضيتين منفصلتين فان الوطنية هي انتماء وهوية  تؤثر على القرارات السياسية حسب طبيعة الحكم السائد ملكيا كان او جمهوريا؛ ديمقراطيا كان ام دكتاتوريا فلا احد يزعم مثلا ان ( هتلر ) لم يكن وطنيا ولهان بحب المانيا بجنون متعصب ومع هذا فهوا من أعتى الدكتاتوريين الذين عرفهم التاريخ وهناك أنظمة ديمقراطية تخضع لضغوط إقليمية او لاعتبارات أيدلوجية يمكن ان تؤثر على وطنيتها
وهناك من يربط دائماً بين الأنظمة المركزية والديمقراطية ويعتقد ( خطاء ) ان الأنظمة المركزية هي أنظمة دكتاتورية وهذا خطاء فالمركزية و ألا مركزية طريقة من طرق إدارة الدولة بغض النظر عن نظام الحكم السائد فيمكن ان نرى دولة ديمقراطية تحت الادارة المركزية كفرنسا مثلا ويمكن ان نجد دولة لا مركزية تدار بنظام خاص غير ديمقراطي كما ن
وكثيراً ما يحدث تداخل بين كلمتي العولمة والعلمانية ؛ و كلمة العولمة هي احدى معاني كلمة (Globalization) والتي تعني التعميم والتوسيع والشمولية وارى ان اقرب و اوضح معنى للعولمة هي هي توحيد الأنماط وسلوكيات وثقافة المجتمعات والأنظمة السياسية والإقتصادية على صعيد الكرة الارضية قاطبة  وقد تمتد لتصل إلى الأذواق بفعل توحيد أدوات المعرفة والثقافة وبفعل الثورة المعلوماتية و ثورة الإتصالات والتغول الإقتصادي لإمريكيا على إقتصاديات العالم ؛ وفيها تبداء الدول والثقافات الصغيرة تذوب تدريجيا في ما هو اكبر منها حتى تتحول امريكيا الى قطب اوحد تدور في فلكها كل نشاطات الارض الفكرية والإقصادية والثقافية كما يقول (فوكويوما) وهناك اشكال متعددة للعولمة منها العولمة السياسية والإقتصادية والمالية والثقافية والعسكرية والأمركة . وأمام هذا التبسيط الشديد والمختصر لمفهوم للعولمة (والذي سنتناوله بشيء من التوسيع في مقال لاحق إن شاء الله(
بينما نجد أن (العلمانية) هي مذهب عقائدي وفكري يتنازع مع مذاهب وعقائد أخرى دينية وغير دينية والعلمانية إصطلاحاً تعني : فصل الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة ، وقد تعني أيضاً عدم قيام الحكومة أو الدولة بإجبار أي أحد على اعتناق وتبني معتقد أو دين أو تقليد معين وبمعنى عام فإن هذا المصطلح يشير إلى الرأي القائل بأن الأنشطة البشرية والقرارات وخصوصًا السياسية منها يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المؤسسات الدينية. كما لا تعتبر العلمانية ذاتها ضد الدين بل تقف على الحياد منه، في الولايات المتحدة مثلاً وُجد أن العلمانية خدمت الدين من تدخل الدولة والحكومة وليس العكس .
وأعتقد أنها تطبيقياً إنتهت إلى مفهوم إخضاع كل الأفكار والمعتقدات إلى دائرة الإختبار والإستقراء العلمي المختبري وأقترب مفهومها السياسي من مفهوم (اليبرالية) التي تعني حرية الإعتقاد الفكري والثقافي والسياسي لإستحالة إقصاء الفكر السياسي الديني والإسلامي على وجه الخصوص في عالمنا الإسلامي (بفعل تطور الفكر السياسي الإسلامي ونتيجة لإختلاف الفكر السياسي الإسلامي المعاصر عن الفكر السياسي المسيحي في القرون الوسطى عند النشوء النظري لمثل هذه المصطلحات السياسية وفي ذلك تفصيل لاحق إن شاء الله)
لذا ليس من الظروري إن كون هناك تعارضاً حاسماً بين العلمانية واليبرالية والدين على الإقل في ميدان الصراع السياسي العراقي (وفي ذلك تفصيل لاحق إن شاء الله)
 وهناك تداخل نكد بين مفهوم (الطائفة والطائفية والطائفية السياسية(
فالطائفة من الشيء الجزء منه ، والطائفة جماعة أو فرقة من الناس ، وقيل أقلها رجلان وقيل ثلاثة وغير ذلك . وهي مؤنث طائف وهي جماعة أو فرقة يجمع أفرادها مذهب واحد أو صفة محددة أو فكر محدد لذا فقد تم مزج مفهوم “الطائفة” ذات المكون العددي مع مفاهيم أخرى ذات مضمون فكري أو فسلفي أو عرقي أو مذهبي فتحول إلى ما يشبه “المصدر الصناعي” ، وبذلك تداخل وتوسع مفهوم (الطائفة) مع (الطائفية) وإستخدم سياسياً كبديلا لمفاهيم “الملة والعرق والدين” التي كانت سائدة قبل ذلك، واختلطت هذه المفاهيم جميعا في بيئة متزامنة فكريا وسياسيا فأنتجت مفهوم “الطائفية” باعتباره تعبيرا عن حالة أزمة وتعيشها مجتمعات عربية مثل العراق ولبنان حيث أصبحت الطائفية مذهبا وإيديولوجيات وهوية حلت محل الهويات الأخرى والانتماءات الأعلى بل وبدأت تتعالى عليها وقد تبدي الاستعداد لتقاطع معها وأخذ موقعها وهذا كان يحدد وحدة العراق اليوم.
وإن تنتمي إلى طائفة فذاك أمراً عقائدياً يلزم فيه الفرد والطائفة به وكذلك الإنتماء القومي فهو إنتماء فطري قصري لا يمكن الفكاك منه والتخلي عنه أو تبديله ؛ وحتى التعصب إلى تلك القومية أو ذاك المذهب وتلك الطائفة والإيمان به دون سواه من مذاهب أو عقائد فهو أمر مقبول وتفرضه الكثير من العقائد ويكفله حرية الإعتقاد ويمكن لأي طائفة ما أن تعتقد بدينها أو مذهبها أو معتقدها أو طائفتها أو قوميتها .
ولكن الطائفية هي ليست سلوك متعصب ومتزمت فقط بل هي فعل يقترن بالدرجة الأولى بالعنف ويتسم بالإعتداء على حق الأخرين بالإيمان وحتى التعصب لمذهبهم أو طائفتهم والطائفية تعني الإنحياز للطائفة وظلم الآخرين (الطوائف الأخرى) والإعتداء عليهم وإستلاب حقوقهم ومصالحهم دون وجه حق . وهي (الطائفية) بهذا المعنى أقرب إلى كلمة (البغي) ؛فلا غضاضة بل من الجميل أن يتنوع المجتمع إلى طوائف وقوميات متعددة تتشارك في الحقوق والواجبات وتتداخل دون تفريط بالخصوصية الدينية أو القومية وإن يكون بينهما (مشاركة) في المواطنة والحياة إن تعذر إيجاد الإحترام والمودة والحب بين تلك المكونات دون بغي من أي منها على الآخرين وذلك ما تكفله الشرائع الدينية والأنظمة الوقتية والمواثيق الدولية تحت باب حق الإنسان في الإعتقاد والفكر فأذا ما حصل (البغي) دخلنا في (الطائفية) البغيضة التي تحرمها الشرائع الدينية والقوانين والأنظمة الوقتية ومواثيق ومعاهدات الأمم المتحدة وبهذا يكون (البغي) هو الحد الفاصل بين كلمتين متشابهتين لفظاً مختلفتين بالمعنى (الطائفة و العرق) و (الطائفية) الباغية الأولى ننتمي اليها والثانية نتبراء منها .
ولقد أستليت المعنى الأخير للطائفية من الآية القرآنية التاسعة من سورة الحجرات : ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾  صدق الله العلي العظيم.
وهكذا تتداخل الكثير من المصطلحات السياسية في حياتنا المعاصرة كالفدرالية والكونفدرالية والسيادية وغير السيادية والتقريب والمشاركة والطائفي والإسلامي …الخ ؛ ولكن الضغط السياسي على تفاصيل حياتنا اليومية يضع المواطن البسيط في قلب الصراعات السياسية وهو من يدفع ثمنها من دمه ومعاشه ومستقبله مما يفرض عليه التعرف على هذا الوحش المخيف والغانية اللعوب السياسة لا كي يسهم في التغيير ولكن كي تجنب الاخطار باحثاً عن حياة …

[email protected]