القضية المصرية، حققت نقلة في التوجهات السياسية السعودية، وكشفت براغماتية امريكا، من خلال تعاطي كل منهما، حسب موقفه، انطلاقا من المسؤولية الاقليمية بالنسبة للمملكة والدولية بالنسبة للولايات المتحدة.
فثورة الشعب المصري على (الاخوان المسلمون) خطوة جريئة، اقرنها باسقاط الشعب الايراني للشاه عام 1979، المصريون مدعومون بالجيش يقوده الفريق عبد الفتاح السيسي والايرانيون مدعومون باشرطة الكاسيت، التي تحمل محاضرات الامام روح الله الخميني.
لكن الفرق بين التجربتين، يقوم على كون امريكا تخلت عن الشاه محمد رضا بهلوي، في ايران، وظلت ملتزمة د. محمد مرسي في مصر، اما السعودية، فمع الشاه، ضد الخميني، والان هي مع السيسي.
حرب صدام على ايران (1980 – 1988) وحرب امريكا عليه 2003، جعلت الجميع يعيد النظر، بمواقفه، والنتائج الممتدة جوهر الحدث، اعراضا واضحة، بعد ان كانت امريكا تلجأ الى تسقيط اعدائها، على انهم ارهابيون، واذا بها تدافع عن الاخوان، العمق السوقي للارهاب العالمي.
بينما السعودية التي يفترض الجميع تبنيها الاخوان، استنادا الى ثوابت شاهدة كثيرة في التاريخ، دعمت المصريين في تحررهم من مرسي.
تحولت المملكة من الدبلوماسية الهادئة، الى وضوح الموقف السياسي، فنظير حربها على ايران، متوارية خلف صدام حسين، ماشة نار، وشعبه كبش فداء.. قربان نار حرب بالنيابة.
اما امريكا، فبقدر ما ناورت في ادعاء مقاتلة الارهاب، ناصرته صراحة، بتخفيض المساعدات التي تقدمها لمصر، نظير حق التحليق في اجواء ارض الكنانة، ومنحها افضلية المرور من قناة السويس.
مصر شكلت الجدار الاختباري الراشح، للجميع، نفذت منه السعودية، بمرونة، تجاه شعب مصر العظيم، تعاونه في محنته، بينما امريكا تلكأت عند تحرزات لم تستطع كتمها، مقدمة الدليل على تخمينات كثيرة، ظلت شعوب العالم ترزح عند الحد الفاصل بين الحقيقة والخيال، إزاءها.
فالكل يعرف ان بن لادن، وقاعدته، تشكيل امريكي؛ لاخراج روسيا من افغانستان، ولما تم لها ذلك، احتارت بلملمة سرطان “القاعدة” الذي انتشر في الكرة الارضية، لم تنج منه اي من دول العالم المائة والثلاث وتسعين، وصدام حسين، عندما كان نائبا، ازاحت لاجله احمد حسن البكر.. الرئيس العراقي الذي رفض دخول الحرب، ضد الخميني.
تكشفت حقيقة امريكا، البراغماتية واثبتت السعودية سعيها للاسلام الحق، ذي الابعاد الانسانية، النابعة من رسالة محمد وآله وصحبه، كي تصب خيرا في المستقبل.