إن قضية مصرف الوركاء وضحاياه ممن أودعوا أموالهم فيه باتت معروفة للكثير ، فمصرف الوركاء للاستثماروالتمويل تأسس عام 1999 واستمر بعمله بعد 2003 على وفق قانون البنك المركزي العراقي وتعليماته وقانونالشركات و القوانين المرعية الأخرى ، وبسبب ما يتمتع بهالمصرف من مكانة وموقع في القطاع المصرفي فقد لجأالعراقيون للتعامل معه أفرادا وشركات ومن مختلفالقطاعات ، وبلغت قيمة الإيداعات في المصرف 344 ملياردينار لحسابات ( الجاري ، التوفير ، الحوالات ) ، وقد شهدالمصرف تدهورا وفشلا مفاجئا اقل ما يقال عنه بأنه سقوط ،فمنذ 2009 أصبح المصرف معسرا وغير قادر على تلبيةمسحوبات العملاء تحت ذريعة انه يعاني من أزمة سيولةادعى إنها ستزول بالقريب ، ولكن المشكلة لم تحل و تداعياتها وآثارها السلبية تتفاقم على المودعين من عموم المواطنين ممن جمعوا مالا مشروعا لتحقيق ما يهدفون إليهمن أحلام ومشاريع ، وقد بذل المودعون جهودا كبيرة مضنية وبذلوا محاولات عديدة و طرقوا الأبواب لدى كل الجهات لإعادة أموالهم ولكن لم يجدوا الحلول و أموالهم لمتعاد لهم منذ 16 عام و حتى اليوم ، وقد أصبح شبابهم من كبار السن ومنهم من توفى او أصيب بالجلطات او الشلل وبمختلف الوعكات .
وقبل أيام أطلق الوركاء مبادرة بإشراف البنك المركزيتتضمن توزيع بعض الأموال على المودعين بدفعات وهي ليست من أمواله وإنما جزءا من قرض قدمه له البنك المركزي ، وقد استبشر المودعون خيرا بذلك اعتقادا منهم بأنها نهاية المشكلة ولكنهم تفاجئوا بما لا يسر عند التوزيع ، فبعدانتظار لكل تلك السنوات التي حرموا منها في التصرف بأموالهم ، فان التوزيع يتم بنسب لا تشبع ولا تسمن لأنهابلغت 3% – 4% من الإيداعات بالدينار وما يعادله بالدولار، وشهد التوزيع بطئا وبيروقراطية غاية في الإذلال إذ يتماختيار 25 اسما يوميا للتوزيع ، وفي يوم التسليم يعاملالمودعون كالغرباء فلا يتم الترحيب بهم او توفير المتطلباتالإنسانية لكون اغلبهم من كبار السن وبعضهم من القادمينمن خارج بغداد او العراق ، و هذه الطريقة البائسة تعطيمبالغ ضئيلة جدا ولا تراعي أية حالات وفيها ظلم كبير ولا تكافأ ما تحمله المودعون في سنوات الانتظار ، فنسبة منالمودعين أودعوا أموالهم في فروع المصرف خارج بغداد ولكنهذه الفروع أغلقت لذا يتوجب حضورهم لمرات للتسجيلوالبحث عن الوجبة والاستلام وفي كل منها ينفقون أموالاللسفر و المبيت وما ينفقونه ربما لا يتناسب مع مايستلمونه من دفعات ، ومما يثير الاستغراب عدم استخدامآليات الدفع الالكتروني إذ يعتمد التسليم النقدي اليدويرغم ان القضية تتم من قبل لجنة من البنك المركزي وهو الذيبات يحظر التعامل بالنقد ، كما يلاحظ المودعون ضررا يقععليهم بسبب بقاء أموالهم كما هي عليها منذ 2009 فلمتحتسب الفوائد على الحسابات الجارية والحوالات ، كما إنالفوائد الممنوحة على التوفير لم تكن بمستوى الفوائد عندالإيداع إذ كانت 7% في حين احتسبت بنسبة لم تزيد عن2% ، وبذلك تضاف خسارة لهم إضافة لخسارتهم منتضخم الأسعار للمدة 2014 – 2025 التي ترتفع كل عام ،ناهيك عن خسارة الفرصة في استثمار الأموال بسبب بقاءأموالهم مجمدة دون حركة واستخدام .
ويشعر المودعون بان ما يتم ( توزيعه ) لا يعدو كونه لعبةمن ممارسات تعود عليها مصرف الوركاء في الكذب والتسويف والتخدير ، وكلهم يتساءلون أين ذهبت إيداعاتنابالمليارات كي يتم التوزيع ( وليس السحب ) كصدقات من قرض وليس من الاحتياطات او الموجودات ؟! ، ومتى ستعاد كامل الأموال ؟ ، فإذا وزعت اليوم بنسبة 3% او4% فان القضية ستحتاج إلى ما لايقل عن 25 دفعة وإذاكانت الدفعة توزع كل 16 عام فانا بحاجة إلى قرون لإعادةالأموال !! ، وكل ما جرى ويجري يعارض الشرائع السماويةوالوضعية { وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ الشعراء:183 } ،والمودعون يناشدون السلطات والجهات المعنية ومن يعنيهم الموضوع من المسؤولين للتدخل بشكل حازم وعادل بما يكفلإعادة أموال الناس ومساءلة المقصرين عن الكيفية التيهدرت بها تلك الأموال وأين استخدمت طيلة هذه السنوات ؟!، وقضية مصرف الوركاء ليست تخص ضحاياه من المودعينلأنها تحولت لقضية وطنية ، فاستمرارها يمس سمعةالقطاع المصرفي وثقة الناس فيه ويؤثر على دوافعواطمئنان الناس في إيداع أموالهم في المصارف وما يترتبعن ذلك من ضرر جسيم يؤثر على الاقتصاد الوطني ،والأرقام خير دليل فأكثر من 75% من مجمل الكتلة النقدية العراقية تكتنز خارج المصارف ، وواحدا من ابرز أسباب العزوف عن إيداع الأموال في المصارف بدلا من هنا او هناك هي الخشية بأن لا تعاد لهم الأموال كما فعل الوركاء وغيره من الفاشلين ، نعم .. إنهم أسهموا بزرع بذور الازمات ومنها أزمة السيولة النقدية التي نعيشها البلاد منذ سنوات !! .