23 ديسمبر، 2024 2:49 ص

مصادرة ممتلكات ام انتقام سياسي ؟!

مصادرة ممتلكات ام انتقام سياسي ؟!

تتصاعد ردود الافعال الرافضة لقرار هيئة المساءلة والعدالة بشأن مصادرة ممتلكات مسؤولي النظام السابق وكان ابرزها تصريحات رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي في المؤتمر الصحفي الاسبوعي الذي قال فيه صراحة ” لايجوز استخدام المساءلة والعدالة في الفساد والصراع السياسي .. ويجب ان تكون الامور في نصابها الصحيح .. ” وانتقد العبادي اجراءات المساءلة والعدالة مشيرا الى ان لديهم معاناة منها فلا يجوز ابتزاز اشخاص بوضع اسمائهم في المساءلة والعدالة ورفعها بعد ذلك ..
وطالبت منظمات وشخصيات واحزاب عراقية وعربية الهيئة بالغاء قرارها الذي يتعارض وابسط حقوق ومباديء الانسان وينسف كل الجهود لاجراء مصالحة وطنية حقيقية يشعر الجميع فيها بالامن والمساواة ..
ومما يثير الحيرة والتساؤل ان هذا القرار بما يحمل من روحية انتقام وكراهية قد صدر كما يقول بيان الهيئة بعد عملية تدقيق ما يعني ان هنالك استهدافا مقصودا للبعض دون الاخذ بالاعتبار استشهاد بعضهم ،كما انه يتناقض ومباديء الدين الاسلامي الحنيف والقوانين الدولية بل انه يدفع بشريحة غير قليلة من الاحفاد والاقارب من الدرجة الثانية الى عدم التاقلم مع الاوضاع الجديدة للعراق .
ان على هيئة تدعي العدالة ان تميز بين من اجرم بحق الشعب العراقي فعلا وارتكب فعلا يستحق عليه العقاب وبين اخرين خدموا العراق من خلال مواقعهم واخرين لايجوز محاسبتهم على ما يؤمنون به من افكار .
لقد تامل الكثيرون بعد الانتصارات المتحققة على عصابة داعش الارهابية وبعد تحسن ملموس في الملف الامني الذي لاينفصل عن السياسي ، بان يتبع ذلك اجراءات سياسية عملية تفتح الافاق واسعة للبناء والتقدم والنهضة من خلال اشاعة روح المواطنة بعيدا عن قيم الانتقام والكراهية والثأر التي سببت كل هذا الخراب للعراق ، غير انهم فوجئوا بهذا القرار الذي يعكس عن افق ضيق ورؤية سوداوية وهو يؤكد ما سبق ان طالبت به بعض التيارات السياسية ومنظمات دولية بعدم تسييس ملف المساءلة والعدالة وان يكون هذا الملف بيد القضاء وفي اطار القانون.
ويبدو بصراحة ان الهيئة وبرغم كل صرخات الاستنكار والادانة لقرارها غير مكترثة ولا تنوي تصحيح مسارها لذا فان المطلوب اليوم من الشخصيات الوطنية ان ترفع صوتها عاليا ضد هذا الظلم ليس من اجل مسؤولي النظام السابق بل من اجل العراق ومستقبله ..كما ان على الامم المتحدة وممثلها في العراق ومنظمات حقوق الانسان الدولية ان تتخذ موقفا واضحا يضع حدا لمثل هكذا اجراءات وممارسات ظالمة … اضافة الى ذلك فان على شعبنا الطيب الابي ان يؤكد رفضه لمثل هذه العقلية الانتقامية الحاقدة ولا يمنحها صوته في الانتخابات المقبلة .
لانغالي اذا قلنا ان القراربصيغته الحالية قد ينفع طبقة سياسية فاسدة كونه عمليا يفرخ مزيدا من الازمات التي تعتاش عليها هذه الطبقة الفاسدة .. اضافة الى انه يسيء للعراق وينسف كل الجهود لفتح صفحة جديدة تؤسس لبناء عراق ديمقراطي بحق ..ويؤكد روحية الانتقام المتأصلة في نفوس تيارات اسلاموية تتاجر بمباديء الدين ومن هنا فعلى جميع الشخصيات والتيارات الوطنية الحقيقية ومنظمات حقوق الانسان ان تستمر بتصعيد معارضتها للقرار وايصال صوتها للعالم من اجل انصاف العراق وليس سواه .