23 ديسمبر، 2024 10:31 ص

مصاب عاشوراء  .. وهريسة  الانتخابات !

مصاب عاشوراء  .. وهريسة  الانتخابات !

ليس له مثيل في جميع الامم الانسانية، ولم تجاوز معضلته الاخلاقية على مر العصور ، ولا يمكن اغفال شجاعته مر الدهر والزمان ، انه الامام الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام ، في واقعة الطف، هذه الملحة الانسانية التي  انتصر فيها الدم على السيف، ولا يمكن انتزاع اية صفة غير الطمع بالسلطة على اولئك الذين قاتلوا الحسين “ع” ، فيما لا يمكن غير وصف الاصلاح في امة جده ،النبي محمد “ص” ، كل هذه المواصفات التاريخية العميقة والمتصلة في الوجدان الشعبي الملحمي العراقي  خاصة والاسلامي عموما، تتطلب ان تستنهض الهمم  كقدوة حياتية تتطلب التأسي بها ، وليس الحزن المأساوي عليها ، فدرب الحسين ، انما هو درب الصلاح الاخلاقي  قبل اي شيء اخر ، واذا  كانت الفاجعة تتطلب نوعا من الحزب يصل الى ضرب الجسد باللطم والزنجيل بل وحتى بالتطبير ، فان اي من هذه الامور ما زالت محل خلاف بين علماء الشيعة انفسهم قبل غيرهم  .
  ما يثير  التساؤل اليوم ، كيفية  توظيف هذه التراجيديا الوجدانية من اجل  تحشيد الراي العام لصالح احزاب بعينها ، لمجرد انها “تسير في درب الحسين ” واذا كانت هذه الاحزاب كذلك منذ عام 2003 وحتى اليوم ، طيلة عقد من الاعوام التي مضت من دون اية نتيجة لبناء العراق الجديد ، وحين تسوق هذه الاحزاب في التحالف الوطني العراقي “حزنها ” على الحسين  من اجل اصوات الناخبين ، فأن السؤال المطروح من سرق اموال العراق؟؟ ولماذا هذا التنابز بالاسم الفسوق  بين رئيس الوزراء  نوري المالكي ودولة القانون والتيار الصدري وزعيمه السيد مقتدى الصدر بهذه البيانات الصاخبة التي  جعلت السيد جعفر الصدر  يدين نبرة التهجم في  مواقف المالكي من ال الصدر ؟؟ ولمصلحة من يحدث كل ذلك اذا كان الجميع يسير على درب الحسين في الاصلاح حتى ان ابراهيم الاشيقر الجعفري اطلق على تياره السياسي تسمية “الاصلاح” في توظيف واضح  لعبارات اطلقها  ثائر  الاسلام الاول  في واقعة الطف بانه لم يخرج بطرا انما للاصلاح  .
كل ما تقدم يخرج  شعائر عاشوراء عن نهجها الشعبي  للاحتفاء ببطل الاسلام واستذكار مصيبته، حينما تقف العقيلة زينب على التل وهي تشاهد الرؤوس المقطوعة تعلق على الرماح وسط هرج ومرج ذلك الانتصار الزائف على الرسالة  المحمدية من اجل  طمع السلطة فحسب ، وهي تكرر اليوم بطرق مختلفة، وارامل العراق وفقا للاحصاءات الرسمية العراقية يتجاوزن المليون وهناك اكثر من 6 ملايين يتيم وحوالي ربع الشعب يعيش على هامش خط الفقر، في  دولة تتجاوز  ميزانيتها سقف المعقول في 130 مليار  دولار ، وهي لا تستطيع ان تقدم الرفاة الامني كي توقف عجلة الموت المجاني   ليس  لشيء بل  لذات النموذج في “طمع السلطة ” الذي انتهى بنحر سبط  الرسول  وسيد شباب اهل الجنة ، فيما تقوم الاحزاب السياسية العراقية اليوم بنحر الشعب ، في كل انتخابات، للامساك بتلابيب السلطة فحسب  .
  هل يستعيد العراقيون اسطورة عاشوراء وهم يقارنون ما بين تراجيديا القتل الاهوج  في واقعة الطف وبين واقعهم المأساوي، وهم  يستمعون الى اناشيد الحياة التي تبكي الحسين ، ام انهم  قادرين على التغيير  ؟؟
سؤال صعب الاجابة ، منيع الاركان  ما بين التوظيف الجاهل لواقعة الطف وعاشوراءها ،وبين التسويق السياسي لها وجريمة نظام صدام انه لم يتعامل مع هذه التقاليد الشعبية باحياء  ذكراها بما جعلها امنية ، تحولت بفعل  احاديث  قادة الراي العام من على المنابر الحسينية ، الى تمجيد ديني  واجب الحضور في الشعائر اليومية ما دامت كل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء ، وهو القول الذي يتطلب  الاقتداء بمنهج الحسين انما تحول بفعل هذه الاحاديث الى مجرد سيرة للمقارنة بين شخوص اليوم  بشخوص الماضي البعيد ، فانتهى الامر الى حالة من الفرز الطائفي التي  يتطلبها الصراع ما بين  اجنحة الاسلام  السياسي الطائفية  فاما تكون  شيعيا على منهج الحسين او تكون من قتلته في واقعة الطف  ، وحينما  ينظر العراقي الى صندوق الاقتراع عليه ان يتذكر هذه المقارنة ، حتى وان لم يكن مقتنعا بمن سينتخبه ،سواء امان شيعيا ام سنيا ، فالانتماء للعراق بات من امنيات الماضي في سياق التأصيل الطائفي  للعراق الجديد  .
مرة  اخرى ندعو جميع المثقفين الى الغاء هذا الفرز الطائفي، وايضاح حقيقة ان توظيف  مراسم عاشوراء وتحوليها  من  تقاليد  مجتمعية  دينية الى نموذج للتحشيد السياسي، من خلال استعادة دور المرجعيات الدينية الرشيدة ، بان يترك ساسة عراق اليوم الناس يبكون مصاب الحسين من دون ان تكون عينهم على هريسة صناديق الانتخابات!!