اقتربنا كثيراً من موعد الانتخابات النيابية ، وكلما ازاد الاقتراب منها ازدادت حرارة الحملات الدعائية للقوائم والمرشحين …
انها مرحلة أفاد منها أصحاب المطابع ، والخطاطون ، وباعة القماش والحديد …
غير أن أصحاب الدعاية الانتخابية ، واجهوا حتى الآن عاصفة هوجاء دمّرت معظم ملصقاتهم الدعائية ، ثم تعرضت تلك الملصقات الى أمطار غزيرة جاءت على الكثير منها ….
وقديما قيل :
(مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ)
ان الخسائر التي تكبدّها المرشحون هي أرباح يقينية عند أصحاب المطابع والخطاطين … ذلك أنهم سيضطرون الى مراجعتهم مجددّاً لتعويض ما تلف بفعل العواصف والأمطار ، الأمر الذي ينعش كل الجهات التي تتولى اعداد تلك الملصقات الدعائية للقوائم الانتخابية المتنافسة ومرشحيها .
والملاحظ هنا :
ان الانفاق على الجانب الدعائي فاقت حدّتهُ كل التوقعات ..!!
والسؤال الآن :
من اين جاءت هذه الملايين من الدولارات ؟
هل هي من جيوب المرشحين ؟
أم هي من مصروفات الكتل والكيانات السياسية التي رشحتهم ؟
أم هي من خارج الحدود ؟
ان المال السياسي يلعب – للأسف – دوراً عجيباً في التأثير على مسار العملية الانتخابية ..
وهذه احدى علامات المرض المرعبة التي منيت بها العملية الانتخابية
ان المسألة لم تقتصر على الملصقات الجدارية والصور واللافتات ….
انها تجاوزت ذلك الى حدود أبعد فهناك المنح والعطايا النقدية
وهناك الموائد الدسمة ….
وهناك المهرجانات الضخمة ….
وكل ذلك لايكون إلاّ مع توفر السيولة النقدية الهائلة .
من هنا نتساءل :
هل تأخر إصدار قانون الأحزاب السياسية ابقاء على هذه الحالة وتغطية على ما يشُوبُها من تساؤلات ومفارقات ؟!!
ام ان تأخير إصدار ذلك القانون،الذي يقضي بكشف حسابات الأحزاب ومصادر تمويلها، كان ناشئاً من التباطؤ والتسويف في انجاز الأعمال ؟!!
ام ان التأخير يستند الى العامليْن معاً ؟
ولك ان تجيب – على ضوء ما لديك من معطيات – على كل واحدٍ من تلك التساؤلات .
والملاحظ أيضاً :
ان عدداً لايستهان به من أصحاب الثروات والأموال ، دخلوا الحلبة
الأنتخابية الحالية .
وهذا أمرٌ له حدّان ، أحدهما ايجابي : وهو وجود رجال أعمال من ذوي الخبرة في انجاح المشاريع الاقتصادية والتنموية واعمار البلد ، ويستطيعون من خلال عضويتهم في البرلمان والحكومة ان يقدموا الخدمات المطلوبة في هذا المضمار لدفع عجلة البناء والتقدم الى الأمام .
وثانيهما سلبي للغاية ، وهو الخشية من ان يكون الغرض من مشاركتهم التربُح والاستحواذ على الثروات الوطنية من خلال ما يكتسبون من مشاريع يرسو الرهان فيها عليهم .
وهكذا تضاف حلقة جديدة من النهب والسلب للثروة الوطنية …
ولا أحد يستطيع ان يكتب صكاً لبراءة جميع المرشحين من تلك الدوافع الخبيثة .
واذا كان مقتضى الأصل ان يكون التنافس بين المرشحين حاراً وفاعلاً في مضامير خدمة البلد ، فانَّ المرحلة الراهنة جعلت المواطنين يشعرون بان التنافس لم يكن الاّ في مضامير الامتيازات والمكاسب الفئوية والشخصية …
وهذا هو الذي جعل العراق في طليعة البلدان الأكثر فساداً في العالم ..!!
اننا لم تعد نُطيق الفاشلين والفاسدين والمتلاعبين بمقدرات المواطنين .
ومن هنا :
تبرُز الحاجة الى دم جديد ، ونهج جديد ، وكفاءات حقيقية ، ومهارات بارعة ، وشخصيات وطنية مخلصة صالحة نظيفة لانقاذ البلاد والعباد، ولا
تفصلنا عن ذلك إلاّ أيام معدودات سيقرر على ضوئها مستقبل العراق .
ولا يجوز بكل المعايير – السماوية والأرضية – ان نفرّط بصالح العراق وأبنائه ازاء اغراءات شيطانية ووعود معسولة كاذبة تسوق الى الخيانة العظمى لله وللشعب والوطن .