28 ديسمبر، 2024 7:33 ص

مصائبنا ليست في مديونتنا

مصائبنا ليست في مديونتنا

أصدرت وزارة المالية تقريرا بعنوان ( الوضع الاقتصادي للعراق ) كأداة لمراجعة أوضاع اقتصادنا للفترة الأخيرة وتوقعاتها لعام 2022 بما يتفق مع نظرة صندوق النقد الدولي ، وتقرير من هذا النوع يفترض أن تتوفر فيه درجة عالية من المصداقية والموثوقية التي تعول عليها الأطراف المحلية والدولية ، ومن الأمور التي تضمنها ما يتعلق بواقع الديون العراقية بتاريخ 1 \ 5 \ 2022 ، إذ بلغ مجموعها 99,737 تريليون دينار منها 28,645 تريليون تمثل الدين الخارجي و71,092 تريليون تمثل الدين الداخلي ، ووفقا للتقرير فان الدين التجاري الحقيقي الوحيد للعراق هو اثنين من ثلاثة سندات يورو بوند بمعدل فائدة 5,8% و 6,72% ، بينما الثالث بمعدل فائدة 2,149% مضمون من قبل الحكومة الأمريكية بمعنى إن الديون بشروط ميسرة للغاية ، وهناك ديون تتعلق بالنظام السابق بمقدار 57,8 تريليون دينار ( 39,3 مليار دولار) وهي مجمدة ( بدون فوائد او سداد ) منذ عام 2003 ، وخلاصة ما تقدم إن بلدنا بحالة مطمئنة من ناحية الديون ولا تشكل خطرا يهدد البلاد ، فالدين الخارجي بحدود 29% من مجموع الديون والداخلي نسبته 71,% من المجموع ، وهناك إجراءات للسلطة المالية لتخفيف أعباء الدين الداخلي ، بإعادة تشكيلها لتصبح بآجال متوسطة او طويلة الأمد بعد اتفاق الحكومة مع البنك المركزي والمصارف العامة منذ 2020 لتحويل حوالات ( سندات ) الخزانة إلى قروض أمدها 10 و20 سنة وبمعدل فائدة 2% ، كما وافق مجلس الوزراء بجلسته بتاريخ 5 نيسان 2022 على اعتماد إستراتيجية سداد الدين العام الداخلي للسنوات 2022- 2024 .
واستنادا لتصريحات وزير المالية الحالي ، فان من المتوقع أن يؤدي التعافي المستمر لأسعار النفط إلى زيادة الاحتياطيات الأجنبية إلى أكثر من 90 مليار دولار بحلول نهاية العام الحالي ، وان الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ارتفع بنسبة 20٪ في عام 2021 وان المتوقع أن يستمر بالارتفاع بنسبة 5٪ في هذا العام وان التضخم في العراق اقل من التضخم في دول الاقتصاديات الناشئة ، وهي مؤشرات أكدتها التقارير الدولية التي جعلت العراق في مقدمة دول المنطقة في (النمو) بعكس العديد من البلدان التي تعاني من مشكلات خطيرة بسبب تداعيات كورونا والحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار النفط ، ومن المفروض أن نحول هذه (النعم) إلى استثمارات واستراتيجيات لإنقاذ اقتصادنا الوطني بمختلف القطاعات وتخليصه من الاعتماد على النفط ، وهي الفرصة التاريخية التي قد لا تتكرر بالصدفة على الدوام ، وان التطور المنشود يعد من الواجبات الأخلاقية للسياسيين في إزالة ( الانسداد ) ، الذي أوقف الموازنة وقيد تشكيل حكومة كفوءة تضطلع بالمهام الجسام ومعالجة المشكلات الكبيرة التي تعاني منها الكثير من شرائح المجتمع ، فمشكلتنا اليوم ليست في الديون ولا في الإيرادات ، وإنما بمن لديه الرغبة والقدرة لتفعيل الاستثمار وإلادارة الكفوءة للأموال ويحول الصدف إلى فرص لتامين حاضرنا ومستقبل الأجيال .