23 ديسمبر، 2024 10:12 ص

مشيخة الأزهر والارث المغتصب

مشيخة الأزهر والارث المغتصب

أن التأريخ في سننه يحفظ لكل مؤسس  ذكره فيما أسس وخاصة المشاهد العمرانية، فالمعابد على مر التأريخ ورغم تعاقب الدهور عليها ومهما كانت مذاهبها وتوجهاتها يحفظ غرض مؤسسها فيها كحق الوراثة الطبيعي أو من باب الأمانة العلمية، فلم يكن المعز لدين الله (أحد ملوك الدولة الفاطمية) عابثاً حين قرر بناء جامعة علمية ضخمة أشتق اسمها من اسم الزهراء بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فكان الأزهر الشريف الجامعة الدينية التاريخية الكبرى وهدفها نشر المذهب الشيعي الإسماعيلي، وذلك عام 970 ميلادية، وبغض النظر عن الاختلاف في المذهب أو المذاهب الأخرى إلا أننا نعلم أن بناء هذا. الصرح كان لهذا الغرض، وما أن سيطر الايوبيين على مصر حتى اغلقوا تلك. الجامعة عمليا وسرحوا علمائها أوقفوا رواتبهم التي كانت تُجرى لهم وبقي مهملا لسنين طويلة، حتى طمست هويته الحقيقة لحين سيطرة المماليك الذين قاموا بعملية تجريف فكري واعادوا. نشاط الأزهر ليتحول إلى جامعة تتخذ من الأشعرية منهجاً ومع ماله وماعليه فقد أصبح مذهبا للأزهر، بيد أن السنين الأخيرة أظهرت حالة من تسيد. الفكر السلفي الوهابي على فكر مشايخها إلى درجة أضعفت دور الأزهر كبوصلة الاعتدال وطريق التقريب المفتوح في العالم الأسلامي، ولو أن مشيخة الأزهر ألتفتت قليلاً لأدركت أنهم يستهدفون الألتفات حول رمزية ومحورية الأزهر في العالم الإسلامي وتحويل تلك القبلة لجهة أصل الحركة السلفية المكاني والفكري. لذا فإن انحراف الأساس الفكري الذي تأسس من أجله الأزهر يُحتم على مشيخة الأزهر أعادة الأرث الفكري لأصحابه دون المعماري حيث أنهم يمارسون الآن أكبر عملية سرقة فكرية في العالم باستغلالهم الأثر معنوياً ومكانيا إلى غير ما أنشأه أصحابه الشرعيين. والحالة هنا مشابهة لعملية إعادة. الآثار المسروقة من الدول المستولية عليها بغير وجه حق وان ابتعد الزمن وطال الوقت فتلك الحقوق لا تسقط بالتقادم.