أعترف بأني لم اخطط لكتابة الجزء ثالث من هذا الموضوع و الاستمرار بالمتابعة التي اخذت من وقتي الكثير وحتى لحظة اكمال المقالة كنت اتابع خلالها العديد من وسائل الاعلام اللبنانية المقروءة والمرئية ، منتقلا بين الصحف والمواقع الالكترونية ومقلبا القنوات المختلفة بذات الوقت ، لارصد واضيف واراجع وانقح واختزل وما الى ذلك لتكون اكثر فائدة ، ولكن ما شجعني حقا على المتابعة هو الاهتمام المشكور لموقع كتابات بالاضافة الى العدد الكريم من القراءات الملحوظة ، ولست أبغي من سرد هذه المشاهدات ورصد الالتقاطات ، التقليل من اداء مؤسساتنا التنفيذية والمدنية والانسانية ، ولربما هناك الكثير من مواضع التفوق والنجاح فيها ولكنني استهدف اولا وأخيرا وكما اسلفت في الحلقتين الماضيتين الى المزيد من الاطلاع والاستفادة من التجربة اللبنانية في كيفية تعاملها مع حوادث التفجير الارهابي ضد المدنيين ، والبحث عن الوقائع الايجابية في ادارة هكذا ازمة ليس الا ، متمنيا من طاقم رئيس الوزراء في القيادة العامة للقوات المسلحة و خلية الازمة والامانة العامة ومجلس الوزراء قراءتها بامعان مثلما اتمناها على امانة بغداد والمحافظين ومجالس المحافظات بكل لجانها الامنية والخدمية و التعويضات ،كذلك أأمل من السادة النواب والمنظمات المدنية والمؤسسات الاعلامية ذلك .
المشهد في اليومين الثاني والثالث بعد الانفجار
– التجار واصحاب المحال اغلقوا محالهم في منطقة الضاحية الجنوبية (التي تضم خليطا من اللبنانيين السنة والشيعة والمسيحيين والفلسطينيين والسوريين ) لمدة ثلاثة ايام احتجاجا على استهداف المدنيين العزل .
– مدير العمليات في فوج الإطفاء اعلن ان فريقه تكون من 74 منتسبا من ضباط ومراتب مع الياتهم ومعداتهم في انفجار«اللارحمة»كما يسميه،ومكثوا فيه حتى منتصف الليل، علماً أن عملية إطفاء النيران كانت قد انتهت عند الساعة التاسعة تقريبا .
– قُسمت عناصر الإطفاء إلى ثلاث مجموعات: مجموعة أولى كانت مهمتها إنقاذ المواطنين العالقين في الأبنية المحترقة، وتولت مجموعة ثانية إطفاء النيران، بينما أوكلت إلى مجموعة ثالثة مهمة تمشيط الأبنية المتضررة شقة شقة للتأكد من خلوّها من المواطنين، في حين تمّ حجز عناصر الاحتياط في المراكز على اهبة الاستعداد حتى صباح السبت .
– تحول 35 عنصراً من الدفاع المدني إلى المكان ومعهم 10 آليات إطفاء ضخمة و13 آلية مساندة .
– دائرة المدعي العام والأدلة الجنائية قد أعطت الأمر بتوقيف المسح فيه تمهيداً لتسليمه إلى اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية التي عليها أن تعمل على إعادة السكان إلى منازلهم . وأكّد المقداد أن عدد القتلى ليس كبيراً بالمقارنة مع حجم الانفجار، مقدراً زنة العبوة بأكثر من 100 كيلوغرام.
– مدير الدفاع المدني نوه الى ان الناس اندفعوا للمساعدة ومنهم من نقل جرحى ذوي إصابات طفيفة على دراجاتهم النارية إلى المستشفيات أو تم نقلهم بواسطة جمعيات أهلية إسعافية ووسائل مدنية اخرى .
– عناصر الإنقاذ و عناصر «الصليب الأحمر اللبناني» مكثوا في المكان حتى اليوم التالي لاستكمال المسح.
– 15 سيارة اسعاف فوري تولت نقل المصابين، الذين تنوعت إصابتهم بين كسور وحروق وجروح بسبب الزجاج، بالإضافة إلى حالات الاختناق.
– فرق الإسعاف والطوارئ عملت على تقديم الإسعافات الأولية لعدد من المصابين في مكان الانفجار حيث لم تستدع حالتهم نقلهم إلى المستشفيات.
– تم التواصل مع المستشفيات المختلفة للتنسيق والتعاون لاستقبال المتبرعين في مراكز نقل الدم التابعة للصليب الأحمر اللبناني ولتلبية الطلب على وحدات الدم عند الحاجة .
– أعلنت «هيئة الإسعاف الشعبي» أن 30 متطوعاً من فرق الدفاع المدني الشعبي التابعة لها و سارعوا بسبع سيارات إسعاف للمساهمة في أعمال الإغاثة والإنقاذ والمعالجة والمسح الميداني .
– ميدانياً انتهى عمل هيئات الإنقاذ والإسعاف ليل السبت .
– تم تسلّيم ساحة الانفجار إلى البلدية والجهة المعنية بإعادة الإعمار وتعويض المتضررين.
– «الهيئة العليا للإغاثة» أعلنت تكليف قيادة الجيش ـ لجان المسح وتخمين الأضرار بالكشف على الأضرار البشرية ( الضحايا) والمادية (منازل، سيارات، محال تجارية، انشاءات) الناتجة عن الانفجار الإرهابي ، بناءا لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء واعلامها النتيجة فورالانتهاء منها».
– بلدية حارة حريك بكل اجهزتها وآلياتها وعناصرها، بالتكافل والتضامن بين اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية والدفاع المدني والمؤسسات الصحية وحتى صهاريج نقل المياه الخاصة العاملة في المنطقة لإسعاف الضحايا وإخماد الحرائق.
– السبت كان مخصصاً لرفع الأنقاض ودعا واكد جميـــع المواطنـــين المتضررين الى مراجعة اللجنة الخاصة المكلفة من البلدية لإعطاء المعلومات اللازمة عن الاضرار، للتنسيق مع هيئة الاغاثــــة من اجل مســـح الاضـــرار وتقدير التعويضات.
– يبلغ قطر الأضرار نحو 200 متر، وعدد المنازل والمؤسسات والسيارات التي تضررت فيه كانت 550، اذ اتى الحريق على 90 شقة و40 متجراً.
– القنوات التلفزيونية ما انفكت عن متابعة موضوعة التفجير ومنطقة الرويس ، اذ لا تمر نشرة اخبار الا وتضمنت فقرة ما او شريط اخباري اوخبر مصورعن منطقة الرويس، فنقلت بالصورة والصوت عملية انتشال جثة طفل صغير من بين الانقاض وكان آخر الجثث التي اخرجت .
– القنوات التلفزيونية تتنافس على نقل شتى انواع القصص الخبرية من بين ثنايا الحادث وتتقصى عن النادر والمؤثر من القصص الانسانية المصورة المثيرة للضمائر والوجدان من قصص الحادث .
– القنوات تنتقل بالبث المباشر بين حين وآخر لنقل زيارة الوفود الشعبية والسياسية والدينية الى منطقة الرويس للتضامن الروحي مع الأهالي وسكان المنطقة المنكوبة .
– بقايا جثث تجري المستشفيات عملية فحص الدي ان ان على قدم وساق للتعرف على اصحابها .
– الوعي الأمني لدى المواطنين دعاهم الى اخبار الجهات الامنية عن وجود سيارة مشبوهة كشف عن سيارة تحمل متفجرات بمايزيد عن 250 كغم قبل البدء بتفخيخها في منطقة الناعمة جنوب الضاحية قبل منتصف ليلة السبت / الاحد .
– الاحد صباحا ، الضاحية تنفض غبارها وتعلن اكمال رفع الانقاض والركام من بقعة الانفجار .
– الداخلية تدعو المواطنين الى اخبارها عن اي جسم غريب على رقم قصير قابل للحفظ ولا تتعدى ثلاثة ارقام ( 112) عبر نشره على شريط اخباري من شاشات التلفزيون .
– الوعي العام دفع باصحاب السيارات المتوقفة في الطرق والشوارع الفرعية لوضع بطاقة تعريف عن اسم ورقم هاتف صاحب السيارة خلف زجاج السيارة لتسهيل الأمرعلى القوات الأمنية وشباب المنطقة تطوعوا لضبط ايقاع الأمن الى جانب القوات الأمنية وانتشروا في التقاطعات القريبة من مواقع سكناهم .
– وسائل الاعلام تشير وتجمع الى ان التهديدات الأمنية ستبقى قائمة مهما كانت التدابير الأمنية الحزبية والرسمية ، منطلقين من قناعة مفادها أن الثغرات تبقى موجودة لدى أكبر الدول وأجهزتها الأمنية !
واخيرا كان الخبر التلفزيوني المثير في الشاشات اللبنانية الاكثر اثارة عصر اليوم /الأحد حينما نقلت القنوات التلفزيونية مراسيم حفل زواج متعمد مكانيا وزمانيا في منطقة الرويس وبمبادرة فردية من العروسين وبملابس العرس البيضاء حينما نزلوا في موقع الانفجارمع جمع غفير من ابناء المنطقة باعلان الحياة امام تحديات الموت وبطريقة شعبية مبتكرة وذات دلالات نفسية واعلامية كبيرة ، ليتحول العرس الى تظاهرة شعبية غاضبة مزيجة بالدموع والزغاريد في منظر قل نظيره تعالت فيها الاناشيد والقصائد في مسيرة ضمت عشرات النساء والرجال من الاسر المنكوبة وجيرانهم في رسالة انسانية شفافة اخترقت قلوب المشاهدين وهزت مشاعرهم بقوة .
ليتنا نتعلم من العروسين شعبيا ورسميا واعلاميا كيفية التصدي للارهاب الذي يحصد الاف الارواح العراقية البريئة ويقطع الاف السيقان الغضة لاطفالنا ونسائنا وشبابنا ويصادر احلام الملايين بالعيش الكريم ألآمن كل يوم دون ذنب اقترفوه ..