لخص رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، الأزمة المالية التي تمر بها البلاد بإنهيار أسعار النفط العالمية، من دون أن يتطرق الى جوهر المشكلة التي يواجهها العراق، وهي إنعدام الرؤية الإقتصادية في تحديد شكل وطبيعة النظام الإقتصادي، والفساد الذي ضيّع ميزانيات السنوات الماضية في صفقات مشبوهة ومشاريع وهمية.
العبادي يرى من الأزمة العالمية الناتجة عن إنهيار أسعار النفط، طوق نجاة يبرر من خلالها كل الإخفاقات الإقتصادية التي شهدها العراق قبل وبعد توليه رئاسة مجلس الوزراء، فـ “الأزمة المالية في العراق، هي جزء من الأزمة التي تواجهها دول العالم نتيجة انهيار أسعار النفط عالمياً”، هكذا قال من دون أن يقدم الحلول العملية لتجاوزها مكتفياً بكلام إنشائي عابر عن وجود “رؤية واضحة لمواجهة الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، ونستطيع الخروج منها بتعاون الجميع”.
القضية لاتقف عند حدود إجراءات تقشفية والإستعانة بقروض داخلية وخارجية يادولة الرئيس، مع إنك تكره هذا اللقب، لكن هذا هو التوصيف الدارج لأعلى منصي تنفيذي في البلاد، لذا أستميحكم العذر إن وجهت اليكم تساؤلاً ملحاً عن ماهية النظام الإقتصادي السائد في العراق أهو نظام إشتراكي أم رأسمالي .. إقتصاد تمتلك أدواته ووسائلة الدولة، أم إقتصاد سوق؟ .. وقبل أن تتعطف وتتكرم علينا بالإجابة، أود أن أبين رؤيتي المتواضعة لشكل هذا النظام الذي أراه مشوهاً وهجيناً، لاوجه له ولا صورة، وهذه مشكلة المشاكل التي يواجهها العراق.
تساؤل آخر من صلب الأزمة : أين ذهبت أموال الموازنات الإنفجارية التي حققها النفط العراقي في السنوات الماضية ؟ .. فدولتكم أدرى أن البلاد لم تتقدم خطوة الى أمام في مجال الإستثمارات ولم تبن مشروعاً صناعياً ولا زراعياً ممكن أن يشكل مورداً جديداً للعراق، ناهيك عن مشاريع السكن التي لم تر النور حتى الآن، فيما ظلت حملات الإعمار مؤجلة منذ 2003 .
دعني دولتكم أن أتحدث معكم بلغة الأرقام، حيث بلغت موازنات العراق منذ عام 2003 وحتى نهاية عام 2014 ” 850″ مليار دولار، ويتجاوز هذا المبلغ ترليون دولار إذا أضفنا إليه موازنة عام 2015 ، بحسب تصريح وزير نفطكم الدكتور عادل عبد المهدي، والتساؤل لم يزل قائما : أين ذهبت هذه الأموال؟ ، وقديماً قالوا “الفلس الأحمر ينفع في اليوم الأسود”، لكن واقع الحال يؤكد أن هذه الأموال بددت وسرقت ولابد من ملاحقة المفسدين بإختلاف عناوينهم ممن ضيعوا ثروات البلاد والعباد، وهذا الإجراء ينبغي أن يكون في مقدمة المعالجات للأزمة المالية .. والسلام ختام