العقل الجمعي او ما تعرفه الفلسفة “الأثر الاجتماعي المعلوماتي”، هو ظاهرة نفسية تفترض فيها الجماهير، ان تصرفات الجماعة في حالة معينة تعكس سلوكاً صحيحاً، ويتجلى تأثير العقل الجمعي في الحالات التي تسبب غموضاً اجتماعياً، وتفقد الجماهير بوصلة تحديد السلوك المناسب، بدافع ان هل الجميع على خطأ.
كنت قبل يومين في بغداد مع صديقين اثنين، لإنجاز مهمة ما، ركبنا سيارة “تكسي” بالقرب من نقابة الصحفيين العراقيين الى الجادرية، أول ركوبنا تخاصمنا عمداً على اجرة “التكسي”، وبعد ان اشتد وطيس الخصام لجئنا لمفهوم التسوية، التي تقتضي ان يقدم كل منا تنازلاته لإنهاء الامر وتسويته.
اعترض أحدنا وقال انه نزف الكثير سابقاً وليس منطقياً ان اتساوى معكم! لكن في النهاية التسوية اجبرته على تقديم تنازلاته والوصول الى نقطة التقاء، كي لا تنقسم مجموعتنا وكل منا يستقل سيارة، وبهذا سنفقد اموالاً أكثر وعلاقة تتلاشى، اقتنع سائق “التكسي” ان لا خيار امام وحدتنا سوى التنازلات المتبادلة.
بعدها سألت سائقنا من سينتخب في الدورة القادمة، لاقتباس رأي من الشارع البغدادي قال انه سينتخب السيد المالكي، برمنا اتفاقاً بالإشارات ان واحداً سيدعي الشيوعية، والأخر سيكون مناصراً لحزب الدعوة، فيما بقيت انا معتدلاً لم ادخل صخب السياسة بعد، استنكر الشيوعي ضد انتخاب المالكي مجدداً، وبدأ يعد إخفاقات حكومته، فيما اعترض على كلامه صاحبنا مؤيد الدعاة.استمرت مناكفات لدقائق، بعدها قدمت لهم رؤيتي وقلت: سأنتخب مرشحاً من تيار شهيد المحراب، لما يتمتع به من تفويج الشباب للساحة السياسية، وصراحة مللنا من الوجوه المعتقة، وانهم قادرين على بناء الدولة، وحققوا منجزات في وقت قياسي وفسحة تمثيل قليلة، كذلك لديهم فصائل مجاهدة وتمكنت من تحرير مناطق عصية.
استمال لرأيي الشيوعي فيما بقي الاخر على قربه من السيد المالكي، رغم انه أيد رؤيتي واعترف بصدق ما قلته.خلاصة القول: بسبب ازدحامات العاصمة وقطع طريق ساحة التحرير بسبب مظاهرات الاخوة الصدريين، تمكنا قبل ان نصل مبتغانا من الاتفاق على انتخاب شخصية شابة معتدلة وطنية، لا تخرج من دائرة كتلة المواطن، وقبل ان ننزل سألنا رفيقنا “أبو التكسي” ثانيةً، من ستنتخب الان؟ قال انه سينتخب عادل عبد المهدي لو رشح مجدداً!!!سلام.