17 أبريل، 2024 3:31 ص
Search
Close this search box.

مشكلتنا النصف الفارغ

Facebook
Twitter
LinkedIn

الكأس نصفان, ممتلئ و فارغ, المتفائلون يرون النصف الممتلئ, والمتشائمون يرون الفارغ, منذ فجر التاريخ وهذا الأمر موجود, تحل الكوارث على البشرية وتنزل المحن عليهم, وتضيق عليهم الأرض, حتى يستجدي نصف البلد لقمة العيش, ونصف النصف الاخر يبيع ممتلكاته, حتى يصل إلى قلع الأبواب والشبابيك, ويأتيك من ليس له علم بالجوع, والبؤس والحرمان, فيقول لك مصبرا, أنظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس.

النصف الممتلئ, يراه كل من غط أطفاله بنوم عميق, بعد وجبة العشاء, المحتوية على لذيذ الطعام والفاكهة والعصائر, وهم ينعمون بصحة جيدة, لا يعرفون المرض, يراه من حصن نفسه بأموال نتوء من ثقلها العصبة من الرجال, يراه من سكن الحصون المنيعة والرجال تحرسه والجنود, يراه من شرع القانون قميصا يرتديه, يراه من أصبح قوت الناس بيده, يرفع الأسعار متى شاء ويخفضها متى أحب.

النصف الممتلئ, لا علاقة لنا به, فهو لم يصنع لنا, فقد كُتب علينا التعب والعناء, فنحن من يرتشف الأرض ويلتحف السماء, دفاعا عن المقدسات, نقدم أرواحنا لحفظ الأعراض والاموال, ونسقي دمائنا للأرض لكي تتحرر, كُتب علينا أن نزرع ونسهر على زرعنا حتى إذا أينع ودان القطاف ذهبت البركات لجماعة النصف الممتلئ, كُتب علينا أن ننظف الصوف ونغزله حتى إذا كدنا أن ننتهي نكثناه بعد قوة, كُتب علينا مخالفة الرحوم الشفيق وإتباع من تمتع بالنصف الممتلئ.

النصف الفارغ, حصتنا من الحياة, حياة فارغة تبدأ معنا ونحن أجنة في بطون الأمهات, وتنتهي عندما نُحمل إلى القبر, النصف الفارغ مشكلتنا الأبدية, لأنه كان ممتلئ , ولكننا أفرغناه عندما حولناه حبرا وغمسنا به أصابعا, لنملئ النصف المحرم علينا التفكير بما يحتويه من خيرات, خلقها الله أساسا لنا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب