لو ألقينا نظرة سريعة، وخاطفة على النظام في سوريا.. لوجدنا أن رئيس الوزراء، ومعظم الوزراء، هم من خَلَفِ المسلمين، أو من ذراري المسلمين.
وقس على ذلك! الطبقة التي بعدهم من معاوني الوزراء، والمحافظين، ورؤساء البلديات، والمناطق، والنواحي وحتى أصغر ضيعة، هم في معظمهم أيضاً، من ذراري المسلمين.
وإذا ما انتقلنا إلى التجار، ورجال الأعمال، وصاحبي المصانع، وأصحاب المال، والذين يدعمون النظام دعماً لا متناهياً، هم أيضاً في معظمهم من خَلَفِ المسلمين.
وأما الطبقةُ الدينية! من أصحاب العمائم واللحى، والتي يقف على كل شعرة منها ألف شيطان مارد، والكهان، والرهبان، ويؤيدون النظام، ويباركون جرائمه، ويُصلون لأجله بكرة وعشياً، لإطالة عمره، ويمجدون رئيسه، ويعظمونه، ويمدحونه آناء الليل، وأطراف النهار، ويرفعون أيديهم القذرة – التي يقف على كل إصبع منها، مليون شيطان خناس – إلى السماء، متضرعين إلى الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، والذي يعلم السر وأخفى، أن يحفظه.. هم أيضاً في معظمهم من الذين ينتسبون إلى الإسلام.
الفئة التي تُثَبِّتُ أركانَ النظام الأسدي
بعد هذه النظرة السريعة الخاطفة، يتبين لنا.. أن الذي كان، ولا يزال يثبت أركان النظام الأسدي، ويوطد دعائمه بشكل قوي، منذ عهد الأسد الكبير، وإلى اليوم.. هم ممن يزعمون أنهم ينتسبون إلى الإسلام، وهم لا يعرفون عن الإسلام إلا اسمه، ولا يربطهم به، إلا خيط رفيع، ضعيف، هزيل، أوهى من خيط العنكبوت.
ولولا هذا الدعم، والتأييد من هذه الحثالات المتأسلمة، والذي يربو، ويفوق الدعم من طائفته النصيرية، لما صمد كل هذا الزمن، إحدى وخمسين سنة على الإطلاق.
بل إن هؤلاء الذراري الآبقين، المارقين.. لِيُنَكِّلُون بأبناء المسلمين الآخرين، ويُضيقون عليهم، ويُعَقِدون لهم المعاملات الحكومية، ويشترطون عليهم شروطاً تعجيزية، ليست موجودة في القانون، ويطلبون الرشاوى، ويتجسسون على أقاربهم، وجيرانهم المسلمين، وينقلون للمخابرات الأسدية، أي نأمةٍ، أو أي حركةٍ، أو أي كلمةٍ، أو أي لفظةٍ عارضةٍ، تصدر من أبناء دينهم.. أسوأُ وأشرُ، من طائفته النصيرية.
كل ذلك من أجل أن يبيضوا وجوههم أمامها، ويُظهروا ولاءهم الكاملَ للنظام، وإخلاصَهم، وحبَهم له.
بل الأنكى، والأدهى، والأمَّر.. أن السجانين من ذراري المسلمين، ليُعذبون إخوانهم من المسلمين، ويفترسون أجسادهم، ويفتكون بها أيما فتك، ويُمزقون جلودهم، ويُذيقونهم الويلَ، والثبورَ، والهوانَ، والذلَ، ويقتلونهم بدم بارد، أشدُ، وأعنفُ، وأقسى مما يفعله السجانون النصيريون.
ويغتصبون النساءَ المسلمات الحرائرَ، ويهتكون أعراضهن، أمام آبائهن، أو أبنائهن، أو أزواجهن، أو إخوانهن، أو أيا من أقربائهن، بشكل أكثر سوءاً وشراً مما يفعله السجانون النصيريون، وبطريقة وحشية، ودنيئة، وخسيسة، وحقيرة، ولئيمة، وبجرأةٍ لا متناهيةٍ، في إلحاق الأذى والضرر الجسدي والنفسي لهن، ودون أي رادع من ضميرٍ، أو خلقٍ إنساني، ودون مبالاةٍ، إلى أن هؤلاء، أخواتهن في الإسلام، الذي يزعمون أنهم ينتسبون إليه.
وكذلك العساكر في الجيش، أو الشرطة من خَلَفِ المسلمين، يتسابقون بل ويتنافسون، في قتل المسلمين، وسفك دمائهم.
بل كان الطيارون منهم، يُلقون بالبراميل المتفجرة، على أبناء قريتهم، أو بلدتهم، وهم يضحكون! ويتفاخرون بأنهم دمروا عدداً أكبر من البيوت فوق رؤوس ساكنيها، وقتلوا عدداً أكبر من المسلمين، وأصابوا بالأسلحة الكيماوية عدداً أكبر مما أصابه غيرهم.
وكذلك خطباءُ المساجد من المشايخ، الذين انسلخوا من الدين كلياً، وبقوا مرتبطين به بالاسم، والمظاهر المزيفة فقط.
فقد كانوا بتنافسون، ويتسابقون على تمجيد رأس النظام، وتلميعه أمام العامة، ومدحه بشكلٍ مفرطٍ ، وبشكل مقزز، وبشكل يدعو إلى السخرية.
بل كانوا يرفعونه إلى مستوى يفوق مستوى الأنبياء! ولا تزال كلمة مفتي دمشق (بشير عبد الباري) الذي هلك منذ أيام قليلة مخاطباً بشار (أنت هبة الله إلى أهل الشام) يتداولها الأحرار من أهل سورية، ويستهزئون بها، ويسخرون منها.
هذا عدا عن الثناء المفرط من قبل المفتي العام لسورية (حسون)، ووزير الأوقاف، ومعاونيه، الذين كانوا ولا يزالون يصفونه بأوصاف أعظم من أوصاف الملائكة، والأنبياء، والمقربين.. والدعاء له باستمرار بالتمكين، والتأييد، والقضاء على الثائرين على نظام سيدهم، ووصفهم بالإرهابيين، والمجرمين، والقتلة، والعملاء، والخونة.
إن معظم موظفي الدولة في سوريا هم من ذراري المسلمين، ويعملون بخنوعٍ، وخضوعٍ، واستسلامٍ، واستخذاءٍ للنظام بشكل لا متناهي، ويثبتون أركان النظام، ويرسخون دعائمه في الأرض.
وأما التجارُ، وأصحابُ البقاليات، والمراكز التجارية، هم في معظمهم من أحفاد المسلمين، ويقومون بدور شرير، وخطير، وفي منتهى السوء، في إلحاق الضرر، والأذى، والعنت، والضيق، بأهلهم، وأقربائهم، وجيرانهم، وإخوانهم من المسلمين – إلا قليلاً منهم – حينما يحتكرون المواد الغذائية، ويُخبئونها عن المستهلكين، طمعاً في رفع أسعارها، وجشعاً في تحصيل أرباح خيالية، على حساب الفقراء، والمساكين، والضعفاء مما يؤدي إلى تقوية النظام، وتحويل الناس، إلى قطيعٍ، ليس له همٌ إلا البحث عن لقمة العيش، والتفكير المستمر، والقلق الدائم حول تأمينها.
أسباب سلوكيات ذراري المسلمين
إذا أردنا أن نبحث بشكل دقيق، وصريح، وحقيقي، ومعمق، وبشكل حيادي كامل، عن أسباب هذا الانحدار الخلقي، والانحطاط السلوكي، والانبطاح المهين، والخنوع المشين، والتعاون الوثيق لذراري المسلمين، مع نظام القتل، والإجرام الأسدي.. نجد الأسباب التالية:
انسلاخ ذراري المسلمين من الإسلام كلياً، وليس ابتعادهم عن الإسلام فقط.. إذ أن الابتعاد عن الإسلام، قد يؤدي بالمبتعدين، أن يؤوبوا إليه مرة أخرى، وأن تستيقظ ضمائرهم، ويتأجج الإيمان في قلوبهم من جديد، فيرجعوا عن سلوكهم المشين، ويندموا على ما قاموا به من جرائم. أما هؤلاء فلا يزدادون إلا تمرداً، وبغياً، واستكباراً، وإصراراً، على محاربة الله، والالتصاق بأولياء الشيطان، فهم كما وصفهم الله (صُمٌ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلونَ) البقرة 171.
من مقتضيات الانسلاخ من الدين، الانسلاخ من القيم الخلقية، والمثل العليا، والتجرد من المشاعر والأحاسيس الإنسانية، وبالتالي، قساوة القلب، وتحجره، وعدم مبالاته بآلام الناس، وعذاباتهم، ومعاناتهم.
حب الدنيا، وأهوائها، وشهواتها، وملذاتها، وإيثار المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، والحرص الشديد على تبوء مناصب قيادية في الدولة، وإن كانت هذه المناصب تافهة وسخيفة.
سيطرةُ الخوف والرعب من العبيد على قلوبهم، وزوال الخوف من رب العالمين، وعدم تقديرهم له، وعدم اهتمامهم بتعليماته، وعدم مبالاتهم بوعيده، وتهديداته، لمن لا يُطيعه، بما فيهم المشايخ الذين من المفترض حسب دراستهم، وتدريسهم للعامة عن الله، أن يكونوا أشد رهبةً وخوفاً من الله، ولكن بسبب انسلاخهم من الدين، فقد أصبح ذكرهم لاسم الله فقط للمتاجرة به، وتضليل العامة، وتحصيل المنافع الدنيوية.
الخواءُ الروحي! الذي إذا تعشش في حنايا النفوس، حَوَلَها إلى هياكل عظمية وعضلية فقط ، ليس لها هدف إلا تنميتها، وتضخيمها، والعَبِ من الشهوات الحرام، وإشباع البطون والفروج، من الملذات، دون اكتراث بمصدرها.
الهزيمةُ النفسيةُ، والشعورُ بالدونية، والنقص. والتربيةُ على الاستكانةِ، والاستخذاءِ، والخنوعِ، والخضوعٍ للحاكم – أيا كان – والثقافةُ على عدم الاعتراض عليه، أو الخروج عليه، مما يدفع بهؤلاء، للتعويض عن تلك الصفات السلبية السيئة، ولتغطيتها وحجبها وسترها عن أعين الناس، إلى الانهماك في خدمة ذلك الحاكم، للظهور بالمظهر القوي، كي يفرضون سلطاتهم على المستضعفين، وينفشون ريشهم عليهم، ليعوضوا عن النقص الداخلي، المتجذر والمتشرب في حناياهم.
فالأبله، والأحمق، والغبي.. لا يجد طريقة للتغلب على ما يعانيه من نقص، وهزيمة في نفسه، وهزالة، ومحدودية في التفكير، إلا بركوب عربة الاستعراضات الهزلية، والاستقواء بالحاكم على المستضعفين.
ملاحظة هامة جداً
قد يبادر أحد الإخوة الطيبين، إلى توجيه اللوم إلى الكاتب، لأنه ركز على ذراري المسلمين، وجعلهم – حسب فهمهم، واستنتاجاتهم الخاطئة – السبب في إجرام النظام الأسدي، وتغافل عن جرائم الأسد نفسه، ولم يتعرض إلى ذكره بسوء!
هذا غير صحيح! فالكل يعلم بلا شك، ولا ريب، أن عائلة الأسد، هي المصدر الأساسي في مشاكل سوريا، منذ إحدى وخمسين سنة، حينما استولى حافظ، على السلطة بقوة السلاح.
ولكن لو أن ذراري المسلمين، لم ينحنوا، ويركعوا له، وبقوا شامخين برؤوسهم إلى الأعلى، ما كان ليستطيع أن يصعد على أكتافهم!
علاوة على أنهم لم ينحنوا له فقط ، بل دعموه، وساندوه، وشاركوه في الإجرام، والقتل، ونهب أموال الضعفاء، والفقراء. فهم شركاء في الإجرام، وليسوا هم السبب الأول في الإجرام.
كيف يمكن أن يتم حل هذه المشاكل؟!
الحل بسيط ، وواضح المعالم لكل ذي عقل سليم، وتفكير رشيد. إلا أنه في الوقت نفسه، صعب المرتقى، والطريق إلى تحقيقه شاق، وعسير، ويحتاج إلى أولي العزم، وإلى ذوي البأس الشديد، والهمة العالية، والشهامة، والمروءة، لتكوين مجموعة مؤمنة صادقة، مخلصة منهم، تشمل كافة الاختصاصات اللازمة، للعمل على اقتلاع نظام الأسد، مع أعوانه جميعاً – سواءً كانوا من طائفته، أو من ذراري المسلمين – لأن هذه الذراري قد فسدت عقولهم، وقلوبهم، كما قال تعالى: (خَتَمَ اللهُ على قُلوبهم وعلى سَمعِهم وعلى أبْصَارهم غِشَاوةٌ) البقرة 7. فلا بد من استئصالهم جميعاً، كما يعمل الجراح على استئصال العضو المؤوف.
وقد تكلمنا في مقالات سابقة، عن ضرورة الانضواء تحت مظلة (تجمع السوريين الأحرار) وبينا، وشرحنا بالتفصيل عن أهمية هذا التجمع، وأنه هو الأمل، والطريق الوحيد للخلاص من نظام الأسد.