18 ديسمبر، 2024 7:49 م

مشكلة اللادولة بالعراق؟

مشكلة اللادولة بالعراق؟

لم يؤد الأجتياح الأمريكي للعراق في 9/4/2003 الى سقوط النظام السابق وأحتلال البلاد فحسب ، بل أدى الى تدمير دولة كاملة بكل كيانها السياسي والعسكري والأقتصادي والثقافي والأجتماعي والحضاري ، بعد أن فتحت الحدود وأستبيح العراق بشرا وحجرا. وعلى الرغم من مرور اكثر من 21 عام على ذلك الحدث الكبير والرهيب وتعاقب 7 حكومات على أدارة البلاد وعودة جميع مؤوسسات الدولة العسكرية والأمنية منها والمدنية وأنشاء الدستور وأنتخاب البرلمان ، وأصدار الكثير من القرارات والقوانين وكذلك الأنفتاح السياسي للعراق على محيطه الأقليمي والعربي منه تحديدا والأستقرار النسبي للحالة الأمنية ، فعلى الرغم من كل ذلك ألا ان العراق الجديد كدولة أعيد تاسيسها لم يسترد عافيته بعد!؟ . فلا زالت هيبة الدولة ضعيفة بعيون الناس! ، وقد كان للتطبيق الخاطيء ( للديمقراطية والفدرالية)! ، باعتبارهما الأساس الذي يقوم عليه النظام السياسي الجديد في العراق أثره الواضح في ذلك!، حيث برزت الكثير من القوى التي صارت تنازع الحكومة ، في فرض سلطتها وهيمنتها وقوتها على الشارع العراقي!. أن ما حدث بالعراق من فراغ سياسي وأمني بعد سقوط النظام السابق وأحتلال البلاد ، وغياب صورة الدولة بشكلها ومعناها المركزي والتي جبل عليها الشعب العراقي منذ تأسيس دولته عام 1921 ، دفع بالكثير من المواطنين الى الأستقواء بعشائرهم وطوائفهم الدينية وقومياتهم لتكون ملاذا آمنا ومصدرقوة لهم!. ولقد آشرنا آنفا بانه وعلى الرغم من مرور اكثر من 21 عام على أعادة تأسيس الدولة العراقية الجديدة ، ألا أن المواطن العراقي ظل متمسكا بهويته العشائرية والطائفية والقومية بسبب ما يراه من ضعف الدولة والحكومة وقراراتها وغياب سلطة القانون وتعدد مراكز القوة داخل الدولة!. فغالبية العراقيين لديهم شعور بأن العراق الجديد لا تحكمه سلطة الدولة والحكومة وقوانينها وقواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية ، وهو الذي يفترض أن يكون ، بل هناك الكثير من القوى الأخرى التي تنازعها وتنافسها القوة والسيطرة على الشارع العراقي!. فالمرجعيات الدينية على أختلاف مذاهبها والعشائر العراقية والفصائل المسلحة التابعة لبعض الأحزاب السياسية القوية والعصابات والمافيات المنظمة ، والتنظيمات الأرهابية ( داعش) بخلاياها النائمة منها والعاملة وقوات الصحوة وحتى حمايات المسؤولين ، كل هؤلاء يمثلون مراكز قوى مؤثرة في الشارع العراقي! ، أضافة الى الشركات الأمنية الخاصة لحماية الأمريكان والأنكليز والسفارات والبعثات الدبلوماسية وغالبية هؤلاء من المرتزقة ومن جنسيات عالمية مختلفة، ناهيك عن وجود القوات الأمريكية وسفارتها والتي تمثل مركز الثقل الأكبر والأقوى لكونها صاحبة الحل والعقد في الشأن العراقي! ، كل هذه القوى بمختلف توجهاتها وغاياتها وأهدافها عكست صورة مشوهة لا لضعف الحكومات التي قادت البلاد من بعد الأحتلال ، بل لفقدان هيبة الدولة بشكل عام!. وأخيرا أن غالبية العراقيين ومنذ الأحتلال الأمريكي البريطاني الغاشم للعراق ولحد الآن يشعرون بشيء من الأسى والخوف بأن هناك أكثر من دولة داخل الدولة العراقية!. فمتى تنتهي مشكلة اللادولة بالعراق؟.