بعض المرضى يغمى عليهم من شدة الضرب .. وآخرون يخسرون أهلهم بسبب كلام المشعوذين
أكثر الضحايا من النساء .. ولابد من تدخل فاعل للجهات ذات العلاقة
يدّعون أنهم أصحاب روحانيات وكرامات .. وأن لديهم المقدرة على معالجة كل أنواع المس والسحر .. تارة ينهالون على مرضاهم بالضرب المبرح .. وتارة أخرى يعطونهم بعض الطلاسم والتمائم لتحجبهم عن العين وتقيهم شر الإنس والجن .. لكن المستور في نهاية المطاف ينكشف للجميع فلا يبدو هؤلاء غير مجموعة من المشعوذين والدجالين الذين يستغلون جهل البسطاء ويتاجرون بآلامهم ومآسيهم .. فيما المواطن الغلبان هو الذي يدفع الثمن في كل مرة ويتطلع لما يتوجب عمله من قبل الجهات ذت العلاقة.
ضرب مبرح
كالعادة نمر من ذلك الشارع الذي ينتهي بنا في سوق القات ثم نعود منه إلى حيث أتينا ..لكن شيئاً كان يبعث على التساؤل والدهشة إنه ذلك الصراخ والأنين الذي تعودنا على سماعه أثناء مرورنا إلى سوق القات.. مصدر ذلك الصوت في العمارة البيضاء المكونة من ثلاثة طوابق حيث الطابق الأول الذي يمكث فيه الشيخ ويمارس أساليب وطرق علاجية مدهشة كما أشار صاحبنا عبدالله .. وبفضول أقتربنا من المبنى وأمامنا اللوحة وقد كتب عليها «العلاج بالقرآن الكريم» وهناك عدد من الأشخاص على مقربة من الباب ينتظرون مرضاهم سألنا أحدهم عن الصياح والصراخ اللذين يشبهان صراخ مرضى أجريت لهم عمليات جراحية دون مخدر.. لكن صاحبنا سالم محمد أكد أن ذلك الصياح ما هو إلا نتيجة للضرب الذي يلحق بمريضهم الذي أكد الشيخ أنه مسكون بجني وأن الغرض من الضرب هو طرد الجني .. وذلك الصياح هو صوت الجني أما المريض فلا يشعر بشيء وأثناء حديثه معنا انقطع الصراخ والأنين فجأة لندرك أن المريض لم يتحمل شدة الضرب فأغمي عليه وتم في الحال نقله إلى المستشفى ليفيق وفي جسمه علامات الضرب المبرح وهو ما جعله طريح الفراش لأيام ..
أوهام ليس إلاّ..
إنه لمؤسف حقاً أن تجد اليوم من مازال متمسكاً بما يروج له البعض من الأفكار السخيفة والهمجية وتلك الأفكار الرجعية التي تعود بنا إلى ما قبل الإسلام أيام الجاهلية حيث كان في ذلك الزمن للكاهن دور في تحديد مستقبل الفرد وكان الناس يؤمنون بخرافات وأساطير ويعتقدون بالتأويل والتنجيم بمعنى أن بيئتهم كانت بيئة جهل وظلام ومفاسد ومجون فكانت البيئة هي المورد الذي يستقي منه هؤلاء أفكارهم وتصوراتهم لأنماط الحياة المختلفة .. فقد كانوا معذورين إن حضرتهم أشباح الليل في التصور الذهني فقط .. أما اليوم فأنماط الحياة مختلفة تماماً وثقافتنا بطابعها البيئي وليس اللغوي مستقلة تماماً وهناك انسجام بين النفس البشرية والبيئة التي تعيش فيها .. لم يبقَ سوى الوهم والخيال ومتغيرات الظروف ربما تنعكس على النفس لتغذي الذهن بالصور المقلوبة ومن ثم قد يصاب الإنسان بهلوسات مرضية وهذيان وتقلب في حالته النفسية التي تنعكس على سلوكه ومنطقه حينئذٍ يظن البعض إن ذلك إما سحر أو جني سكن فيه أو عمل له طلاسم أو.. أو ..الخ من المسميات في حين تظل حقيقة حالته لا علاقة لها بكل ماذكر أساساً.
شعوذة وخداع..
– بصراحة موضوع الجن والحديث عنهم مخيف بعض الشيء لكن طالما ونحن في مجتمع إسلامي نؤمن بحقيقة وجود الجن إيماناً مطلقاً .. يبقى الالتباس في تفاصيل الكيفية التي يعيشون عليها وماهي النمطية التي تقوم عليها حياتهم وهل ما يدعيه بعض المرضى صحيح أم أن ذلك خرافة حول ما يقال أنهم يلتقون بالجن وبعضهم يقول بأنه متزوج من جنية وتنجب له أطفالاً و.. وغيرها من الأقاويل.
وأعتقد بأن كل ذلك لن يؤكد إلا بحقائق علمية تبرهن لنا صحة ما يقال .. لأنه وبصراحة كلما كان هذا غامضاً كلما استغله البعض لخداع الناس ونشر أكاذيبهم وخرافاتهم (فهناك الكثير ممن احترفوا مهنة معالجة المرضى الذين يعانون من حالات نفسية بواسطة الطلاسم والحرز وأشياء كثيرة وعملوا على تقديم العلاج لهم وهم بذلك يشخصون مرضاهم ويعبرون عن ذلك بعدد من المصطلحات وهي إما مس شيطاني أو سكون جني في أحد أعضاء المريض وغيرها من المسميات التي يطلقونها على مرضاهم .. ومعلوم أن الشيطان ليس له سلطان على البشر إلا من خلال الوسواس والتمثيل وتصوير الأشياء على غير حقيقتها وهذا لمن هم أهل للشيطان.
هؤلاء أقرب ما يكونوا إلى الشعوذة وهم بعيدون كل البعد عن الطب النفسي المبني على أسس علمية حقيقية وصحيحة وما نخشاه هو أن يأتي يوم وقد صور لنا هؤلاء أن كل واحد منا قد سكنه جني أو سكنته جنية.
نصب واحتيال..
في أحياء وقرى ومناطق بلادنا مازال الكثير من بائعي الكذب والدجل يمارسون خداعهم وأساليبهم الملتوية التي تؤثر تأثيراً سلبياً ومباشراً على المجتمع ونتيجة لاقتناع البعض بما يقوله هؤلاء المشعوذون تصبح لديهم اعتقادات ربما تقودهم إلى بؤرة من المشاكل في حين يفقدون التفكير السليم وهنا سأوضح لك بعض المشاهدات التي حصلت .. في القرية المجاورة لقريتنا ذاع صيت رجل لا أحب ذكر اسمه هنا على أنه صاحب قدرات فائقة ومنها اكتشاف السرقات ومعرفة السارق عن طريق البيضة وكثير من الناس كانوا يتوجهون إليه للتعرف على الحرامي الذي سرق كذا وكذا واستمر على هذا فترة قصيرة إلا أنه نتج عن ذلك مشاكل وصراعات وكل من ظهرت صورته في البيضة كان السارق (حسب ما يزعمه الشيخ) وبالتالي كل واحد يصبح غريمه إما جاره أو صديقه أو ابن عمه فبدأت الصراعات وازدادت الاختلافات حتى وصلت إلى القتل .. وبعدها تم القبض على هذا الدعي، ومثل هذا يحدث في مناطق عديدة ولأن البعض على نياتهم وطيبون يصدقون وهذا ما يجعلهم يتقبلون مثل هذه الأفكار الضالة والمضلة .. وفي هذه الحالة لابد أن يتدخل القانون لعقاب هؤلاء المشعوذين والذين ينشرون أباطيلهم في مجتمعنا .. إذ أنهم يسخرون وسائل الزيف والخداع في سبيل الاسترزاق المحرم وهذا ما نهى عنه ديننا الإسلامي الحنيف كما أنهم يثيرون الفتن ويفككون الأسر .. وحرفتهم ليس لها معنى سوى النصب والاحتيال عن طريق الدجل والشعوذة والإفتراء .. وهذا ما يجعل منهم خطر على المجتمع وعلى ثقافة المجتمع.
ضحاياالشعوذة
.. في الحقيقة ان هذا الشيخ اوذاك لهم ممارسات في علاج ضحاياهم ومرضاهم فهم اوالبعض منهم يقومون بالشد والضرب والمد والجزر ..إن هؤلاء المشائخ الذين يمارسون هذه المهمات بغير علم بلاشك هو دجل وشعوذة وقلة خير وحياء أيضاً لأن من يدعي علم الغيب كاذب ومن يدعي المعرفة لفنون ومهام الطب العربي أو ما يسمى التداوي بالأعشاب بغير علم أيضاً كاذب ويتعرض الكثيرين للخطر بسبب ما يقوم به هؤلاء الذين لا يعلمون شيئاً أيضاً من يقول أن له خوارق وو.. وهؤلاء إذا لم تلتفت إليهم الدولة وتضع لهم حداً سيكونون مصدر خطر على المجتمع .. لأن تركهم هكذا أضر بمصالح الناس .. والذي نخشاه أن يزداد نشاطهم وسيكون ذلك مؤشر سلبي على ضعف الوعي والصحة العامة.
عودة إلى الوراء
اليوم ومع معطيات العصر الحديث فيمكن القول أن لا مجال لهؤلاء لأن يكونوا محل اهتمام وتصديق فنحن في عصر العلم والتقنية ولاداعي للرجوع إلى الوراء إلا أنه في الوقت ذاته مازال هؤلاء عباقرة الدجل ومبدعي الاكاذيب يستغلون جهل البسطاء من الناس ويوهمونهم بأن لهم القدرة على النفع والضر وكشف المستور .. كما أنهم يقومون بعمل طلاسم قاصدين منها جلب المحبة وطرد الكراهية و غيرها من الأعمال السخيفة التي تعكس مدى تطاول هؤلاء في الشرك بالله تعالى فهم حين يقولون أنهم على يقين من نفع هذا أو ضر ذاك فإنما ذلك شرك بالله تعالى في صفاته وإن كانوا يستخدمون هذا الاسلوب للترويج لبضاعتهم ولكسب تصديق الناس لهم ليكونوا مصدر رزق .
في حين أن البعض قد كشف أمرهم وقبض عليهم وهم يمارسون الدجل والشعوذة ومازال بعضهم مستمرين في مواصلة إحراق البخور وترديد التمتمات المتقطعة في سبيل إقناع الآخرين بعظمة ما يقومون به وأنهم على صلة مع عالم غير عالمنا.
أكثر ضحاياهم من النساء
النساء في مجتمعنا أكثر عرضة لتأثير هؤلاء وتصديقهم والجري لتلقي نصائحهم الضارة وذلك بسبب تفشي الأمية بنسبة عالية في بعض الأرياف بين أوساط النساء الأمر الذي يساهم بسهولة في تقبل آراء وطلاسم الشعوذة .. وكثيرا يكون الاقبال على أماكن هؤلاء من النساء .. كما أن هناك من بين هؤلاء المشعوذين من قد يعمل على الايقاع بمن تحلو له من النساء وقد حدثت نماذج من هذا النوع وقد سمعنا أن شخصاً كان يعالج فتاة بين الحين والآخر ثم تزوجها ..وآخر رآها فريسة له فهم بها وكشفه الناس ..وفي حين يظل بعضهم متلبسا بالاستقامة محاولة منه لكسب ثقة الناس به في حين تجد أن ممارساته لاتمت بأي صلة إلى مانهانا عنه الدين وتتعدد أصناف وأنواع هؤلاء الدجالين والكذابين .
إننا على أمل بضرورة أن تقوم الدولة بحملة وقائية ضد المشعوذين ليكفوا المجتمع شرهم .. وحرصاً على سلامة المجتمع.
مطلوب توعية الناس
في الحقيقة السحر والشعوذة محرمان إذ أن ذلك يتعمد استغلال الكثير من الناس لجلب المصالح الشخصية إذ يقوم البعض من هؤلاء باستخدام وسائل غير مشروعة في نشر وتوزيع الأباطيل والكذب وزرع الفتنة والتفريق بين الاخوان والأب وولده والرجل وزوجته فهم يمارسون ماحرمه الله وذلك عن طريق الطلسمة والشعوذة.
ولهذا دعانا الدين الإسلامي إلى تجنبه والابتعاد عنه لأن ذلك قد يؤدي
بالكثيرين إلى الشرك والعياذ بالله لأن الاعتقاد بما يعمله هؤلاء المشعوذين يعد شركاً ربما أن البعض من الناس قد تؤثر فيه تلك الأفعال نتيجة للجهل والانقياد لما يقوله هؤلاء .. لذلك مطلوب توعية الناس وآفراد المجتمع بخطر هؤلاء واجتنابهم لئلا نقع في فخ الرذيلة والبعد عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
إن ما يمارسه البعض من أعمال الطلاسم ومن يقومون به من عمل أعمال الفرقة ، المحبة وغيرها من المسميات المتعلقة بالطلاسم هذا حرام ولا يجوز شرعاً.
وفي الحقيقة هناك نوعان ممن يقومون بالعلاج عن طريق القرآن الكريم النوع الأول وهم أهل صدق ومعرفة وذو علم فهم يقومون بالمعالجة بآيات الله وبطرق شرعية مصادقة للشرع وفي هذه الحالة تكون المعالجة بالقرآن بصورة شرعية وجائزة.
أما النوع الثاني وهم الذين ليس لديهم علم يؤهلهم للقيام بعلاج الناس بالقرآن وإنما استغلالاً لجهل الناس فهؤلاء يصبح أمرهم موكولاً على الدولة بحيث يكون هناك منح تصاريح أو تراخيص تمنحها الدولة لمن هو قادر على هذه المهام وبحيث يتم اختيارهم والتأكد من ما يملكونه من مؤهلات ومعارف في هذا الجانب وبذلك لن يكون هناك من يدعي الشيء وهو فاقد له .
وبالتالي فإننا سننجو بجتمعنا من دعاوى المبطلين وأصحاب الفتن والخرافات الذين يعممون أفكارهم على الناس بغير علم ولا هدى .. وهؤلاء يشكلون خطورة على المجتمع إذا لم يتنبه لهم وتوضع لوائح من شأنها الرقابة على ما يقوم به هؤلاء المعالجين الذين ينتشرون هنا وهناك.