مشروع قانون حرية التعبير … رصاصة في قلب الديمقراطية العراقية

مشروع قانون حرية التعبير … رصاصة في قلب الديمقراطية العراقية

في خطوة تثير القلق والاستنكار يعود مشروع قانون حرية التعبير إلى الواجهة مرة أخرى حاملاً بين طياته مواداً تقيّد الحريات وتكمم الأفواه بدلاً من أن تكون ضمانة لحقوق العراقيين في التعبير عن آرائهم بحرية وهذا القانون الذي يُروّج له تحت شعارات حماية الأمن والمشاعر الدينية يتحول في حقيقته إلى أداة لقمع الأصوات الناقدة وإسكات المعارضين مما يهدد أحد أهم مكاسب العراق الديمقراطية بعد 2003.

وتتضمن مواد المشروع غموضاً واسعاً في تعريف جرائم مثل إهانة السلطات أو المس بالمقدسات مما يفتح الباب أمام تفسيرات تعسفية تستهدف الصحفيين والناشطين والمدونين ففي بلد يتعافى من عقود من الديكتاتورية يجب أن تكون القوانين حامية للحريات وليس أداةً لتكريس الخوف وإعادة إنتاج الاستبداد.

وهكذا فإن التجارب السابقة أثبتت أن مثل هذه القوانين تُستخدم انتقائياً ضد منتقدي الفساد والسلطة بينما تُغض الطرف عن خطاب الكراهية والعنف عندما يصدر من جهات نافذة فهل يُعقل أن يُحاكم صحفي لتغريدة ناقدة بينما تفلت الميليشيات والمجموعات المسلحة من عقابها على خطاب التحريض والتهديد؟

العراق اليوم بأمس الحاجة إلى قوانين تضمن حرية التعبير لا أن تفرض رقابة مبطنة تحت مسميات فضفاضة والديمقراطية ليست مجرد انتخابات وإنما هي أيضاً حق المواطن في أن يقول كلمته دون خوف من السجن أو الاختطاف أو القتل.

وإذا كان الهدف حماية المجتمع من الفتنة فليكن ذلك عبر العدالة والمساواة وملاحقة كل من يتجاوز القانون وليس بإسكات الأصوات المخالفة فالتاريخ لن يرحم من يحوّل العراق إلى سجن كبير للأفكار وسيُسجّل أن هذا القانون كان رصاصة في جسد الديمقراطية الناشئة.

ولهذا نقول بأن الخيار الآن هو بين أن يكون العراق وطناً لكل أبنائه أو أن يُصبح ساحة لقمع الحريات وتكريس الهيمنة فالشعب الذي ضحّى بالآلاف من أجل كلمة حرّة لن يقبل بأن تُسرق منه أحلامه بقانون يجعل من الحق جريمة . وحمى الله العراق والعراقيين من الفاسدين والطارئين.

أحدث المقالات

أحدث المقالات