23 ديسمبر، 2024 12:27 ص

مشروع قانون المحاماة الجديد

مشروع قانون المحاماة الجديد

نحو نقابة يزاول النشاط بظلها الوطني جميع الاعضاء
تناولنا في المداخلتين السابقتين المنشورتين على صفحات جريدة الزمان بالعددين (5251) و(5282) المؤرختين في 4/11 و7/12/2015 اولا: مدى تعارض مشروع القانون لأحكام المادة (6) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 المتعلقة بـ(تداول السلطة) وعدم جواز انتخاب النقيب لأكثر من مرتين متتاليتين على ان يطبق هذا المبدأ باثر فوري ورجعي اذا ما أنتهت المرة الثانية معاصرة لصدور قانون المحاماة الجديد لأمكانية الطعن بعدم دستوريته وثانيا : اغراق النقيب بأغلب الصلاحيات والاختصاصات الواردة في المشروع على سبيل الانفراد بقيادة النقابة وعلى حساب مصادرة العمل الديمقراطي الجمعي لمجلس النقابة كمؤسسة منتخبة من قبل الهيئة العامة ودون الالتفات لحجم الاثار الخطرة التي قد تترتب على مثل هذه التوجهات بتغليب الفرد على الجماعة وما تشكله من مخالفة لأسس ومبادئ العمل النقابي ومرجعياته الدولية والوطنية .

المنهج يقتضي في المداخلة الثالثة على مشروع قانون المحاماة المعروض للقراءة الثانية على مجلس النواب استكمال الملاحظات والتعقيبات على ما ورد فيه من نصوص تتعلق بالهيئة العامة ، واجتماعاتها والقسم القانوني الذي يؤديه المحامي وفروع النقابة والرقابة على اموالها وحساباتها وعلى الوجه الاتي :-

اولا : انصرفت المادة (77) من مشروع القانون الى بيان تكوين الهيئة العامة للمحامين المؤلفة من (جميع المحامين المسجلين في جداول المحامين غير الممارسين والمحامين المتقاعدين) دون بيان المقصود بالمحامين غير الممارسين على وجه الدقة بالتعريف ليصار الى حرمانهم من المشاركة في اجتماعات الهيئة العامة للنقابة وهذا النص اي المادة (77) من مشروع القانون هو ذاته المنصوص عليه حرفيا في المادة (76) من قانون المحاماة النافذ رقم 173لسنة 1965 دون الاخذ بنظر الاعتبار او الوقوف على المتغيرات الكبيرة الحاصلة على عدد المحامين المنتمين الى نقابة المحامين والمسجلين في جداولها خلال الـ(50) سنة الماضية التي تلت تاريخ قانون المحاماة الحالي في22/12/1965رغم الاشارة الصريحة الى حجم وتوسع عدد المحامين المنتمين الى النقابة ، في الاسباب الموجبة لمشروع القانون ، وبالتالي يمكن القول ان مشروع القانون قد ابتعد كثيرا عن المعالجات القانونية الناشئة عن الزيادات المرتفعة والمستمرة لعدد المحامين والتي ينبغي ان تنعكس بالضرورة على السياقات العامة لبناء الهيكل التنظيمي للنقابة ومؤسساتها الداخلية كالهيئة العامة وفروعها واختصاصاتها ، وعلى مجمل نصوص المشروع وبخلاف ذلك تترتب نتائج حتمية تحول دون تنظيم وتعزيز علاقة المحامين بالنقابة ، وانعدام كفالة مشاركتهم في اجتماعات الهيئة العامة ، والتجاوز المسبق بمصادرة حقوق المحامين في المحافظات بالمشاركة في قيادة النقابة ، والانتقاص من دورهم المؤثر والكبير على صعيد كل محافظة ضمن توجهات مجلس النقابة وخططه وبرامجه العامة ، ولهذا فان استعارة مواد قانون المحاماة النافذ رقم (173) لسنة 1965 ونسخها مجددا في مشروع القانون دون الاخذ بالمتغيرات والتطورات الحاصلة سواء على صعيد عدد المحامين الاخذ بالتصاعد والمفاهيم الحديثة التي اخذت بها التشريعات القانونية والادارية في العراق ما ينفي بالأصل مبررات واسباب اصدار قانون جديد للمحاماة .

ثانيا : ينبغي ان يكون المطلوب انجازه من خلال مشروع القانون هو : نقابة عراقية واحدة تضم وتمثل جميع المحامين العراقيين ، يسودها نظام ديمقراطي واحد ، وان المدخل لهذا التوجه يقتضي اعادة النظر وبصورة جذرية في كيفية تشكيل الهيئة العامة للنقابة ، وفي انتخاب مجلس النقابة والنقيب واستحداث مجالس لفروع النقابة على مستوى كل محافظة ونقل اختصاصات مجلس النقابة الواردة في المادة (78) من المشروع الى مجالس الفروع التي يمارسها في الوقت الحالي على سبيل الحصر كنوع من المركزية الشديدة الفاقدة لمبرراتها ، والتي غادرتها اغلبية الانظمة الادارية ، والتأكيد على الممارسات القانونية ضمن

مؤسسات النقابة ، بصيغ قانونية يضمها مشروع القانون ، وبهدف تمكين المحامين من التأسيس لفرع للنقابة في كل محافظة عراقية يتوفر فيها عدد محدد من المحامين وانتخاب مجلس فرع ورئيس للفرع لأدارة العمل النقابي بكل وجوهه واشكاله ، وعلى مستوى المحافظة ، وتمثيل الفروع في انتخابات المؤتمر العام للنقابة الذي يتكون من الاعضاء تبعا لعدد المحامين في كل محافظة ، وفي اطار المؤتمر العام الذي يعد اعلى هيئة قيادية في النقابة ، كبديل للهيئة العامة على ان تعقد له الاختصاصات في الاشراف على فروع النقابة ، وفي رسم ووضع الخطط والبرامج العامة للنقابة ، ومراقبة تنفيذها ، وينبثق منه انتخاب مجلسٍ للنقابة يقوم بانتخاب النقيب وبقية الاعضاء للمراكز الادارية للدورة الانتخابية التي امدها ثلاث سنوات .

ثالثا : ان استبدال صيغة الهيئة العامة التي فرضتها اسباب كانت قائمة في حينها عند تشريع اول قانون للمحاماة ، بـ(المؤتمر العام للمحامين) وعلى ضوء الخطوط العامة المشار اليها في هذه المداخلة تبدو بصورة قاطعة اكثر واقعية وتمثيلا لأرادة المحامين واحتراما لها تبعا للمتغيرات والتطورات الحاصلة لاسيما ان المراجعة التاريخية لقوانين المحاماة المشرعة في العراق والتي بدأت بقانون المحاماة رقم (61) لسنة 1933 وجرى بموجبه انتخاب اول نقيب للمحامين السيد ناجي السويدي تظهر لنا وجود هيئة عامة متكونة من جميع المحامين معقودا لها عدة اختصاصات ووظائف منها انتخاب مجلس النقابة والنقيب وقد انتقل هذا الاختصاص الى قانون المحاماة رقم (84) لسنة 1960 وقانون المحاماة رقم (157) لسنة 1964 وقانون المحاماة النافذ رقم (173) لسنة 1965 وذهب مشروع القانون الى ما ذهب اليه القانون الاخير النافذ المعمول به منذ (50) سنة ، وهذا لم يعد مقبولا لان الاختصاصات المعقودة للهيئة العامة عديدة ومهمة وواحدة منها فقط انتخاب النقيب ومجلس النقابة ، التي تجري في بغداد والمحافظات ، مما يبقي السؤال قائما ومشروعا كيف يمكن عقد اجتماع الهيئة العامة للنقابة المؤلفة من جميع المحامين المسجلين في جداول المحاماة للتداول في بقية اختصاصات الهيئة العامة ، اذا ما علمنا ان عدد المحامين في بغداد والمحافظات قد تجاوز الـ(92000) محامٍ واية قاعة او ساحة او مكان يجمعهم او يجمع الاقل منهم وبحدود النصاب القانوني ؟ وهل يجوز استمرار حصر المشاركة في اجتماع الهيئة العامة لمحامي بغداد دون محامي المحافظات الاخرى لان مكان اجتماع الهيئة العامة يعقد في بغداد ؟ ومن هنا لابد من اعادة تنظيم علاقة المحامين بالنقابة ، وعدم اقتصارها على حضور الانتخابات في نهاية الدورة الانتخابية وضمان مشاركتهم في اجتماعات الهيئة العامة التي تعقد في نهاية

كل دورة انتخابية والبحث والتداول واتخاذ القرارات والتوصيات المدرجة على جدول الاعمال الذي هو في حقيقته الاختصاصات المهمة والخطيرة للهيئة العامة المحددة بالفقرات من (اولا) حتى (سابعا) من المادة (78) من المشروع ، ومن ضمنها وضع الخطط التطويرية المتعلقة بالمحاماة والمحامي والاداء النقابي ، واجراء المراقبة على الايرادات والنفقات المالية للنقابة ، ومحاسبة مجلس النقابة من خلال التقارير المقدمة الى الاجتماع ، وان مشاركة المحامين غير قابلة للتحقق عند الأبقاء على صيغة الهيئة العامة ، ولان الواقع يشير على انها لا تمارس اختصاصاتها القانونية الاخرى ما عدا الانتخابات .

رابعا : وفي الحقيقة ان قوانين المحاماة المشار اليها عند تشريعها قد عبرت عن واقعا كان قائما القى بتأثيراته عند صياغتها ، ومنها عدد المحامين اضافة الى الرؤى والافكار والمفاهيم النظرية والعملية السائدة في حينها حيث تبين لنا الوثائق التاريخية ان عدد المحامين المشاركين في انتخاب نائب النقيب السيد دواد السعدي الذي جرى في 22/10/1933 كان بحدود (84) محاميا واصبح عدد المحامين عشية صدور قانون المحاماة رقم (173) لسنة 1965 في 22/12/1965 لا يتجاوز بضعة الاف من المحامين وبالتالي فان السعي الجاد وراء صياغة قانون جديد للمحاماة لا مناص له وصولا لمبتغاه لكي يكون قانونا تقدميا متطورا وحديثا ان يتأثر بالمتغيرات غير المستقرة والمتحققة على صعيد مهنة المحاماة والنقابة ، والتشريعات القانونية ، ومفاهيم التطور اللامركزي ، والادارة الحديثة التي تفرض نفسها بقوة ، واهمية الاستجابة القصوى لمفاعيلها وتامين معالجات قانونية قائمة على اسس الديمقراطية ، لكل الاشكالات القائمة والناتجة عن قصور القانون النافذ وتخلفه ، وعدم استعارته وانتاجه مجددا بمشروع القانون ، والاستعاضة عنه بالمؤتمر العام للنقابة ، وتحديد اختصاصاته ، كأعلى هيئة في النقابة يشارك فيه جميع المحامين العراقيين في بغداد والمحافظات عن طريق الانتخابات ، وبنظام الفروع للنقابة في كل محافظة ، والذي يتكون من الهيئة العامة للفرع ومجلس الفرع ورئيس الفرع وكيفية انتخابهما وتنظيم العلاقة ما بين الفرع ومجلس النقابة .

خامسا : لقد تجاهل مشروع قانون المحاماة وبصورة مطلقة انشاء نقابة محامي كوردستان العراق المؤسسة بالقانون رقم (17) لسنة 1999 وعلى خلفية انكار وجود هذه النقابة وبما يخالف الواقع الفعلي المعاش الذي يؤكد وجود نقابتين نقابة المحامين العراقيين ونقابة محامي كردستان العراق وان ثنائية النقابة من شانه اثارة الاشكالات العديدة وعلى وجه الخصوص ممارسة مهنة المحاماة امام جميع المحاكم العراقية من قبل جميع المحامين

العراقيين الاعضاء المسجلين في احدى النقابتين دون الاخرى ، ذلك ان المادة (2) من مشروع القانون قد حددت سريانه بالنص على (يسري هذا القانون على جميع المحامين المسجلين في جدول المحامين لدى نقابة المحامين العراقيين) وان المادة (5) من مشروع القانون قد حددت من له حق ممارسة المحاماة بالنص على (لا يجوز ممارسة المحاماة الا لمن كان عضوا في نقابة المحامين العراقيين ….) وكذلك الحال فان المادة (4/ثانيا) من قانون المحاماة لأقليم كوردستان العراق رقم (17) لسنة 1999 قد نصت على شروط ممارسة المحاماة بان يكون (مسجلا في سجل المحامين) ويترتب على هذه النصوص المشار اليها اثار قانونية عديدة يفترض بالمشروع كقانون اتحادي تداركها ومعالجتها دون تجاهل او اغفال وكفالة حقوق المحامين العراقيين بممارسة مهنة المحاماة والتي من ابرزها حق الترافع وبصورة متساوية امام جميع المحاكم في دولة جمهورية العراق الموصوفة في المادة (1) من دستور 2005 (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة ….) لا سيما وان مشروع القانون ظل ساكتا عن جواز الانتماء المزدوج لأكثر من نقابة محامين واحدة بل ان الفقرة خامسا من المادة (8) من المشروع قد منعت الجمع بين المحاماة (والتسجيل في النقابات والاتحادات المهنية الاخرى) .

ولعل من المفيد الاشارة الى اخطر المهددات المحيطة بالمحامين العراقيين توزيعهم على عدة نقابات طبقا للجغرافيا السياسية القومية والطائفية والمذهبية وان هذا الخطر آخذا بالتصاعد كلما ارتفعت المناداة بتقسيم العراق وتقدم مشاريع وخرائط التجزئة والتفتيت التي برزت بقوة بعد الاحتلال الامريكي للعراق وان الخشية لاتزال قائمة ومحدقة من قيام عدة نقابات للمحامين العراقيين على اساس الانتماءات الضيقة وعلى حساب وحدتهم الوطنية والمهنية .

ان وجود نقابتين وقانونين للمحاماة يتعارض مع وحدة المحامين العراقيين الوطنية والمهنية ، لان التأسيس التاريخي للنقابة كان تحت اسم وعنوان عريض ((نقابة المحامين العراقيين)) وبكل دلالته الوطنية وابعاده تنظيم مهني حر ومستقل ، واطار جامع لعموم المحامين العراقيين ، وقائد وفاعل ومؤثر ناضل ووقف الى جانب الشعب العراقي ومعاناته وعبر عقود عديدة من الزمن تكرست فيها قيم الوطنية الحقة ، واشرقت صفحات نضالية مشتركة خالدة لا حدود لها ، وبالتالي فان الدعوة لنقابة محامين عراقية واحدة لا تكتسب اهميتها من المبررات التاريخية لنشؤها على اساس وحدة المحامين العراقيين فحسب وانما

هذه الدعوة تشكل استجابة لضرورات وحدة العمل النقابي الذي لا يمكن تصوره الا ببناء نقابة واحدة على ضوء الاسس والمقومات الديمقراطية المبنية في هذه المداخلة لتكون اكثر قوة وتأثيرا في ميادين العمل الوطني وفي بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية ولمجابهة ازمات العراق الراهنة .

ان نقابة مهنية واحدة تجمع كل المحامين العراقيين خطوة من شانها تدعيم الوحدة الوطنية لشعب العراق من خلال اخضاع المحامين لقانون واحد يأخذ بالاعتبار التحولات والتطورات السياسية والتشريعية الحاصلة في العراق وهذا ما اغفله مشروع قانون المحامين ويعاب عليه لعدم التفاته للواقع التنظيمي والقانوني للمحامين العراقيين تبعا لوجود نقابتين احداهما نقابة المحامين العراقيين ونقابة محامي كوردستان العراق .

سادسا : تطابقت المادة (5) من المشروع مع احكام المادة الحادية عشر من قانون المحاماة النافذ رقم (73) لسنة 1965 فيما يتعلق بصيغة القسم الذي يؤديه المحامي قبل ممارسته لمهنة المحاماة ، الا ان المشروع اختلف بالجهة التي يؤدى القسم امامها ، فبدل من ان يؤدى القسم امام القضاء اصبح يؤدى امام النقيب او من يخوله عند غيابه ، والتخويل جاء مطلقا ، مما يمكن صرف اداء القسم امام عضو مجلس النقابة ، او موظف في النقابة او غيره وبناء هذا النص منتقد اذ لابد من تحديد وتقيد النقيب بتعيين المخول بالذات والصفة والذي يفترض ان يكون من اعضاء مجلس النقابة ، لأهمية القسم من الناحية القانونية في حياة المحامين المهنية وما يترتب عليه من اثار في ترتيب المسؤولية القانونية عند مخالفة القسم . كما ان تغيير جهة اداء القسم امامها وجعله النقيب بدلا من القضاء فاقدا لمسوغاته بعد ان استقر اداء القسم امام القضاء ولعقود طويلة من الزمن ، وهذا ما سارت عليه اغلب قوانين المحاماة ، لاسيما وان جل مهام المحامي ممارسة هي امام القضاء وان الحنث بالقسم او مخالفة ما اوجبه على المحامي من التزامات تعرضه للمسؤولية القانونية ، وهو شان قضائي صرف بالنتيجة لا علاقة للنقيب به اطلاقا ، مما يتوجب ان يكون اداء القسم والالتزام بموجباته امام القضاء وليس النقيب باعتبار المحامي شريكا للقضاء مما يفرض التعهد امام الشريك الاخر ، بان يؤدي عمله امامه بأمانة وشرف واحترام القانون ، هذا وان مشروع قانون المحاماة العربي النموذجي لم يتطرق الى الجهة التي يؤدي المحامي القسم امامها .

سابعا : من المراجعة الدقيقة للفصل الاول من الباب التاسع المتعلق بمالية النقابة نجد ان المواد (139 و140 و141) من المشروع قد اسهبت في بيان وتعداد موارد النقابة المالية

مقابل غياب النصوص القانونية التي تؤمن الرقابة الداخلية والخارجية على اموال النقابة وموجوداتها وبقصد الحفاظ عليها وتوفير الحماية لها والحيلولة دون التلاعب او التصرف بها بصورة كيفية خارج متطلبات العمل النقابي بوضع التقارير الشهرية والفصلية والسنوية ، المتضمنة ايرادات النقابة وابوابها واوجه صرف هذه الايرادات بصورة مفصلة واعلام مجلس النقابة والهيئة العامة للنقابة ليمارسا دورهما ايضا بالرقابة والتدقيق والمحاسبة ، ومؤدى ذلك ايجاد الرقابة المستمرة خلال الدورة الانتخابية ، وعدم حصر هذه الرقابة بالتقرير الذي يقدمه مجلس النقابة لتصديق الحساب النهائي للميزانية من قبل الهيئة العامة حسب احكام المادة (78/1) من المشروع والتي تجتمع اجتماعا عاديا كل اربع سنوات حسب احكام المادة (79/1 اولا) من المشروع ، للمصادقة على الحسابات النهائية لسنوات الدورة الاربع والمقدمة من مجلس النقابة وهذا ما يفضي الى انعدام الرقابة المالية وعدم قبول الاحتجاج بالمادة (147) من المشروع ، التي كلفت النظام الداخلي للنقابة او اي انظمة اخرى ، بوضع اليات المراقبة ، لان المادة المذكورة قد نصت على (تحديد الموارد وكيفية فرضها واستيفائها وجبايتها) ولا علاقة لها بالمراقبة واليات اجرائها ، مما يبقي المشروع والانظمة الصادرة بشأنه مستقبلا خالية من اية رقابة مالية ، هذا وفي الوقت الذي تقرر المادة (143/ثانيا) من المشروع : على (عدم جواز التصرف بأموال النقابة الا بقرار من المجلس) فان المادة (144/ثالثا) قد اعطت (للمجلس تخويل بعض صلاحياته في الصرف الى النقيب) دون ملاحظة ان صلاحيات واختصاصات المجلس المثبتة في القانون غير قابلة للتخويل لاحد لأنه يفسح المجال واسعا للفساد والتلاعب ، كما ان المادة (145) من المشروع قد ((اخضعت حسابات النقابة الى تدقيق محاسب قانوني مجاز)) وهذا ما لا يعبر عن رقابة مالية صارمة ودقيقة وعادلة ، فضلا عن تقاضيه لأجور عالية تتحملها ميزانية النقابة ، وهذا ما يقتضي الاخذ بالرقابة الخارجية الحكومية باعتماد ديوان الرقابة المالية لأجراء التدقيق والرقابة على حسابات النقابة والتي خضعت حسابات النقابة لتدقيقها من قبله منذ تأسيس ديوان الرقابة المالية رغم وجود نص المادة (126) من قانون المحاماة النافذ رقم (173) لسنة 1965 التي تلزم مجلس النقابة (ان يعين مراقب حسابات لتدقيق حسابات النقابة السنوية ، واستمر الحال بهذه المراقبة من قبل ديوان الرقابة المالية لغاية امتناعه سنة 2009 بذريعة عدم التحويل القانوني ان اعادة الرقابة الحكومية احد الضمانات الاساسية للحفاظ على اموال المحامين ، وسلامتها من التصرف بها خلافا للقانون .

وفي نهاية هذه المداخلة لابد من الاشارة الى ان ابداء الملاحظات على مشروع قانون المحاماة يراد بها مواكبة التطورات التي شهدها العراق خلال عقود خلت ، والتي بات على المحاماة والتنظيم النقابي الخاص بها ان يستوعب هذا التطور ويتماشى معه بصورة ايجابية ، تأكيدا لدور المحامين واستنهاض مهام النقابة في مجال تنظيم عمل المحاماة وتفعيل دورها وجعلها مستجيبة لمتطلبات العمل النقابي وبما يبقي نقابة المحامين العراقيين عرين حماة القانون وسند القضاء وسياج العدالة .