لاريب ان اول من سيعترض عنوان طرحنا هذا حول حكومة يشكلها او يؤسس لها او يعطيها الدعم والشرعية السيد المرجع السيستاني في العراق هو من يرى ان هناك ( تناقضا ) او تناشزا بين عنوان الطرح من جهة وما يتبناه الامام السيستاني من متبينيات فقهية وسياسية في موضوعة الحكم والسلطة بصورة عامة من جانب اخر !!.
فالامام السيستاني شخصيا وفكريا وفقهيا حسب منطلقات المعترضين هو :
اولا : ليس من المنتمين لمتبنيات ولاية الفقيه المطلقة العقدية والاستنباطية التي تسمح له ان يباشر عملا سياسيا مباشرا لاسيما تشكيل حكومة ولهذا هو لايذهب بارائه السياسية الا الى امكانية حكومة مدنية !.
ثانيا : ان الامام السيستاني ومنذ ال 2003 مبدأ التغيير في العراق وهو معتمد بالكامل على ( مبدأ عدم الانخراط المباشر بالعمل السياسي في العراق ) ومكتفيا بالاشراف المعنوي البعيد عن الغرق بالتفاصيل في الحياة السياسية اليومية وشؤنها المعقدة في العراق !!.
وعلى هذين الاساسين فلايمكن من وجهة نظر كل من يعترض على عنوان ( حكومة السيستاني الانقاذية للعراق ) ان يكون هناك امكانية للدعوة او ولادة مثل هذا الطرح او رؤيته للنور بصورة واقعية !!.
والحقيقة نحن ملتفتون بقوة لما سيطرحه بطبيعة الحال من يعترض على شعار او لافتة مشاركة الامام السيستاني المرجع الاعلى لشيعة العراق في الحياة السياسية العراقية المباشرة كما اننا مدركون ايضا : ان مجرد الدعوة وليس وجود النية والعزيمة على امضاء القرار لفكرة ان يتدخل الامام السيستاني بتشكيل حكومة عراقية لاسيما بهذا الوقت لها ( الفكرة ) ما لها من ردود افعال سياسية داخلية عراقية حيث كثير من الحركات والتيارات السياسية العراقية العلمانية والاسلامية ستتحسس بقوة وتنفر بشكل مستفز سياسيا عندما تتخيل دخول مرجعية بعمق وثقل السيد السيستاني للساحة العراقية ليطرح مشروعا سياسيا هو سيكون بالجزم على حساب الغاء دور ووجود هذه الاحزاب والكتل السياسية لاسيما منها الاسلامية الفاشلة والفاسدة التي قادة العراق للمراوحة لفترة تزيد على ثلاثة عشر عاما سوداء !!.
وكذالك هناك تحسس سياسي خارجي امريكي وصهيوني وعربي طائفي سني وحتى شيعي ايراني ولايتي فقهي من فكرة او الدعوة لفكرة : ان تقود العراق حكومة منتمية وخاضعة للاشراف المباشر لمرجعية الامام السيستاني الدينية باعتبار ان العقل العالمي والاقليمي العربي السني الطائفي سيحكم بلا اشكال على مثل هذا التدخل المرجعي الديني الشيعي لتشكيل او دعم حكومة عراقية على انها استنساخ كامل لتجربة ولاية الفقيه الاسلامية الايرانية لاغير وهنا تكمن خطورة الفكرة والدعوة اليها او حتى التفكير بامكانيتها واقعيا !.
اما على المستوى الشيعي الاسلامي الايراني فنحن نعتقد تماما ان ايران ولاية الفقيه بغض النظر عن الاشكالية الفقهية لوجود ولي فقيهين لقيادة الشيعة في العالم فانها سوف لن تكون سعيدة ابدا بوجود زعيم شيعي سياسي اخر لاسيما اذا كان بثقل مرجعية الامام السيستاني في العراق ان يطرح حكومة مختلفة العناوين غير ولاية الفقيه بشرعية ودعم اسلامي لاسيما في العراق الذي يعتبر منافس طبيعي لمرجعية ايران للعالم الاسلامي !!.
نعم كل هذا حاضرا بقوة امام تصوراتنا ورؤيتنا الفكرية السياسية ونحن ( ندعوا ونطرح ، ونفكر باطروحة حكومة السيستاني الاسلامية لانقاذ العراق وتجربته السياسية من الانهيار ) !!.
ولكن مايفوت المعترضين على طرحنا ودعوتنا هذه لحكومة ( يدعمها او يشكلها او يقوم بالاشراف المباشر عليها ) المرجع السيستاني انهم دائما ينظرون للموضوع بشكل محدود فقهيا او سياسيا لاغير وهذا حسب ما نعتقد هو سبب الانغلاق عن الفكرة من الاصل او عدم الرغبة بالاستماع الى تفاصيل المشروع الذي ربما لو ترك للنقاش الحر والهادئ لخرجنا برؤية سياسية عراقية ستقنع الجميع في النهاية انها الرؤية الوحيدة الواقعية القادرة علة الاصلاح وانقاذ التجربة السياسية في العراق من المراوحة والانهيار وبقاءها في الفوضى وعدم التقدم الى ما لانهاية !.
واصل الفكرة كما نراها شخصيا :
اولا : انه لاضرورة لافقهية ولا سياسية ولا اجتماعية ترهننا الى تصور ان المرجعية اذا ارادت ان تتدخل بشكل مباشر ( من خلال حكومة تنتمي بكل تصوراتها لارشادات المرجعية ) او شبه مباشر ( مثلا من خلال التوصية بدعم حكومة فلان او هذا التيار او الحزب بتشكيل حكومة في العراق وترك رسم الاستراتيجيات لادارة البلد لها ) لاضرورة من وجهة نظرنا لان نقرأ هذه التجربة من خلال الاطر الفقهية الضيقة لاغير لنطبق على مثل هذا النموذج اما وصفة ( ولاية الفقيه ) او غيرها من الوصفات الفقهية الجاهزة الاخرى !!.
كذالك لاضرورة سياسية او اجتماعية لاسيما ان مرجعية الامام السيستاني قد اعلنت من خلال اطروحاتها السياسية الواضحة انها مع الحكومة المدنية ما يعني من جانب اخر ان رؤية المرجع السيستاني للحكم تخرج عن اطار النظرة التقليدية الدينية لمشروع الدولة والحكم ليضع الحكم والدولة في اطارها ( الاداري وليس العقدي الاسلامي التقليدي في الخلافة والامامة ) وهذا ما يفتح امامنا الباب واسعا في امكانية طرح ( حكومة سيستانية ) عراقية ليست بعيدة عن الواقعية ابدا ولا هي مرتهنة لولاية فقيه او مرتهنة لهذا النموذج السياسي المقولب ايدلوجيا او ذاك !.
ثانيا : من وجهة نظرنا الفكرية والاسلامية فنحن نرى ان موقع المرجعية لم يعد ذالك الموقع التقليدي الذي بالامكان ان يبقى واقفا في مكانه التاريخي الجامد والصنمي لاسيما ان السيد السيستاني ومرجعيته الحكيمة ايضا بعد 2003م لم يقف منعزلا عن الحياة السياسية في العراق بل اندفع منطلقا من الشعور بمسؤولياته الاسلامية والاجتماعية لاظهار قدراته الاشرافية على العمل السياسي العراقي وبادر في بعض الاحيان كمرجعية لدعم العمل السياسي العراقي بشكل مباشر( كفتوى التصويت على الدستور وفتوى الخروج للانتخاب والتفاعل مع العمل السياسي ) !!.
وكل هذا يسهل على رؤيتنا او فكرة امكانية ولادة حكومة سيستانية لانقاذ العراق من التحرك بشكل يمكن التفكير به وطرحه سياسيا عراقيا واقعيا !.
نعم اكثر من ذالك رؤيتنا الشخصية الاسلامية ترى : انه واجب شرعي اصبح اليوم في عنق مرجعية الامام السيستاني وبغض النظر عن الواجب السياسي والاجتماعي العراقي بان تبادر مرجعية الامام السيستاني لسد الفراغ الحاصل في الدولة والحكم في العراق ولم يعد من وجهة نظرنا الامر قابل لاجتهاد مرجعية الامام السيستاني بقدر ماهو انتقل الى واجب شغل ذمة المرجعية وعلى المرجعية القيام به وليس التفكير بالقيام به فحسب !.
بمعنى اخر : نحن نعتقد ان ما توفر لمرجعية الامام السيستاني من امكانيات ولاسيما امكانية ( الطاعة الاجتماعية : مثلا فتوى الجهاد وانقياد المجتمع لها بشكل كبير ) ادخل مرجعية السيستاني عنوة لدائرة الواجب في تحمل مسؤولية ( الاصلاح والانقاذ ) للعراق وتجربته السياسية بشكل مباشر ولم تبقى هذه المرجعية حرة ومطلقة اليد في هذا المضمار ، واذا اضفنا الى ذالك : ان العراق اليوم يعاني من الفساد والفوضى وغياب الكفاءات للقيادة والظلم الحاصل من كل ذالك على المجتمع العراقي فلاريب نحن هنا سنصبح امام معادلة :
(( أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ،لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَمَا أَخَذَاللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّيُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِم وَلا سَغَبِ مَظْلُوم لاَلقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها،وَلاَلفَيْتُمْ دُنْيَاكُم هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عنز )) !!.
ثالثا : لا شك ان مشروع او فكرة ( حكومة السيستاني الانقاذية ) لايمكن له ان يتحرك او تتحرك الفكرة وتنزل الى حيز التفكير العراقي قبل التنفيذ اذا لم يكن المجتمع العراقي وتياراته السياسية لاسيما الاسلامية المستقلة والمخلصة والنظيفة والواعية في في طليعة الداعين لتشكيل مثل هذه الحكومة او على الاقل التفكير بوضع نواتها سياسيا لتختمر فيما بعد بشكل هادئ !!.
اي ان المسؤولية تقع اولا في تحريك وولادة مشروع حكومة المرجعية السيستانية على المطالبة والضغط الاجتماعي الذي يتبلور من خلال عدة ظواهر اجتماعية دعوية وترويجية وتنظيرية للفكرة ولتطرح فيما بعد على شكل رؤية سياسية قابلة لتبني الشعب العراقي لها ويكون المجتمع العراقي او الناخب السياسي العراقي هو الضاغط الفعلي على ولادتها وتحركها على ارض الواقع لتنتقل مسؤولياتها تلقائيا لتجاوب المرجعية معها !!.
رابعا : لابد اخيرا من الاشارة بوضوح ان هذا المشروع الذي نطرحه تحت مسمى ( حكومة المرجعية ) ونعتبر انها حكومة انقاذ واصلاح سياسية عراقية هو مشروع ضمن المشاريع السياسية الاخرى المتنافسة ( ليبرالية قومية اسلاموية حزبية و …) على قيادة الدولة والحكم في العراق اليوم وليس هو مشروعا ( ثيقراطيا ) ينطلق من منطلقات الالزام الديني التي تحاول بعض المشاريع السياسية الدينية ان تصادر وعي وحرية الفرد السياسية من خلال الضغط عليه دينيا او باسم الله او طاعته او غير ذالك !.
بل انه ( مشروع سياسي اداري بحت ) نطلق عليه صفة السيستانية باعتبار ان مرجعية الامام السيستاني هي المتصدية اليوم لعملية الاشراف والارشاد للعمل السياسي والاجتماعي في العراق ، ولربما جاءت في المستقبل مرجعية تنتمي وتتبنى متبنيات الامام السيستاني السياسية في مدنية الحكم الاسلامي فلاباس عندئذ من اطلاق صفة اي مرجع بامكانه ان يطرح مدنية الحكم على هذا المشروع !!.
كذالك عندما نصف حكومة السيستاني لانقاذ العراق من انها مشروع من ضمن المشاريع السياسية الاخرى وذالك حتى لايتوهم البعض ان دعوتنا لهذا المشروع انها دعوة ( ثيوقراطيا) تنتمي للقروسطى الكنسية التي ترى في حكومة السيستاني انها حكومة الله سبحانه وتعالى ، او حكومة الامام المعصوم الذي يحرم الخروج على طاعتها او انتخاببها او الانقياد لكل تصوراتها !!.
بل طرحنا ذاهب تماما الى طرح مشروع سياسي ربما يمتاز انه من وجهة نظرنا سينتمي الى مرجعية تشرف عليه بحكمتها وتراقبه من خلال اشرافها وتسهر على الالتزام بنظافته ونزاهته وهذا لربما ما يجعله نموذجا سياسيا قدوة او قادرا الى تقديم معنى للاصلاح السياسي في العراق !!.
وربما مثل هذا النموذج السياسي المرجعي اذا طرح من خلال رؤية ودراسة كاملة سيساهم بالفعل في تحريك عملية الاصلاح السياسي في العراق وربما نعم من جانب اخر انه سيكتسح الساحة الانتخابية العراقية اذا نزل هذا المشروع تحت مسمى حكومة المرجعية لاسيما السيستانية ، وربما سيربك حسابات الاحزاب الاسلامية الفاسدة والفاشلة في الحكم اليوم ويدفعها لمواجهة مثل هذا المشروع وقتله قبل ولادته لانه سيشكل حتما تحديا لوجود هذه الاحزاب الفاسدة ومصالحها التي اقيمت على الفساد والفشل و ….الخ كل هذا وارد وقائم وكل هذا في الحقيقة هو من ضمن صلب اهداف مشروعنا الذي نطرحه تحت مسمى حكومة المرجعية التي نريد لها ان تكون مشروعا محركا ومنافسا وحقيقيا ومرعبا للفاسدين والفاشلين داخل حكم العراق و …. وللحديث والرؤية بقية !.
______
لمراسلتنا :
[email protected]
https://www.youtube.com/channel/UCNXhbl5KdZ3Xbdk5kmXBDDA
http://7araa.blogspot.com/