23 ديسمبر، 2024 10:13 ص

قبل ان نبدي رأيا بشأن الورقة المقترحة لمشروع ” الحرس الوطني ” علينا ان ندرك ان هذا المشروع جزء اساسي من صفقة تشكيل الحكومة وتداعياتها الدراماتيكية ، وهو ملزم لرئيس الحكومة ولقادة الكتل الذين اسهموا بتشكيلها ، بدون هذا الحل ماكنا لنرى حكومة عراقية جديدة ، تلك الحكومة التي اشترطت امريكا رؤيتها قبل ان تشارك في الحرب ضد داعش .

مشروع القانون هو حل توافقي لوقف الانهيار في البلاد وجذب المجتمع العراقي بكل اطيافه للمشاركة في حرب داعش ،هذه هي قناعة مختلف الاطراف التي شاركت بعملية تشكيل الحكومة ، وهي الطريقة التي تعتقدها انها افضل السبل لحماية العراق ودرء الاخطارعنه .

ومن المهم ان ندرك ان اي نقد او تحذير من هذا المشروع المثير للرعب سيعد انتقادا او هجوما على الاطراف الموقعة مقدما على هذا القانون ، والملتزمة بالتصويت عليه ، واعتقد انه سيسبق بحملة دعائية كبيرة لاقناع الجميع بأنه الحل السحري لاحلال السلام بالعراق .

المشروع يتبنى تسليح مليشيات سنية وشيعية تحت غطاء قانوني هش ، فلطالما اثبتت هذه المليشيات والجماعات ولائها للجهات التي انشأتها وسلحتها ودفعتها للقتال الداخلي ، وهذا يكشف عن تناقض واضح بين ماأعلنه رئيس الحكومة بتعهده وحكومته على القضاء على المليشيات وبين قرار يضفي شرعية على عمل هذه

المليشيات ، التي يمكن ان تقاتل ضد داعش لكن لايوجد ادنى حد ممكن من الضمانات ان لا تقاتل في ما بينها وتغرق البلاد في بحر جديد من الدماء .

ان وصف المشروع بأنه بداية تقسيم لهو وصفا متفائلا جدا ، ان المشروع مثير للرعب وتكمن خطورته كونه مشروع يمهد لحرب مفزعة مسرحها بغداد لاسامح الله ، فلارهان على حكمة السياسيين الذين استخدموا اكثر الاساليب عنفا وقسوة ولا وطنية في التعبير عن ابسط خلافاتهم السياسية ، وان المجموعة التي اتفقت على هذا المشروع كانت جزءا من الصراع السياسي والعرقطائفي .

بكل بساطة يمكن البحث عن وسائل كثيرة لطمأنة الفرقاء من دون مشاريع تؤدي الى اراقة المزيد من الدماء ، وعلى المعنيين ان يبحثو كل السبل الممكنة لمشاركة فاعلة لمختلف المكونات في بناء الدولة ، ليس من بينها حلولا ملغمة قابلة لانفجارات خطيرة .

واذا كان المشروع الذي تعده الحكومة جزء من التزام دولي واقليمي حصل العراق بموجبه على مباركة عربية ودولية لايستهان بها فعلى اقل تقدير يجب التفكير مليا بإستثناء بغداد من هذا الحل الخطير رفقا بوحدة العراق واملا بالذهاب الى بناء دولة المواطنة بدلا من الاستمرار بتعزيز الانقسام المجتمعي وتعريض وحدة البلاد ودفعها الى خطرمريع .