23 ديسمبر، 2024 2:20 م

مشروع باريس الدولي التدميري!!!

مشروع باريس الدولي التدميري!!!

مؤتمرٌ يبدو ظاهرياً حريصاً على لحمة العراق ووحدة أراضيه ، والذي يأتي متزامناً مع قرب القضاء على المشروع الداعشي الأمريكي ـ الإسرائيلي ـ السعودي في العراق.والحالة هذه ؛ فقد اجتمع المؤتمرون وهم ينفثون سمومَ الحقد والكراهية بوجه كل من يدعم الحشد الشعبي الوطني الذي يحارب داعش ، الذي أوشك أن ينهار تماماً على أيدي العراقيين البواسل من القوات المسلحة البطلة والعشائر الأصيلة والحشد الشعبي الظافر، فراحوا يتهمون المتطوعين في هذا الجهاد والنضال الشريف تارةً بالعمالة لإيران ، وتارة بالطائفية ، وكأنه مشروع ينبح تحت السَّحاب الممطر بالخير على صحارى وهضاب التحرير المجدبة التي ستورق أزاهيرَ و وروداً ورياحينَ زاهية في أراضي الوطن .
إنَّ النيران التي أوقدتها الأجندات المساندة لداعش في المملكة السعودية وقطر وأماكن وإدارات أخرى من العالم مازال فتيلها لاهباً في العراق .. مازالت المفخخات تعصف بهناء العراقيين وتدمر أمنهم وأمانهم ، و مازالت التفجيرات تعصف في الأسواق والتجمعات البشرية للمواطنين الأبرياء شيوخاً وأطفالاً ونساء وتمزق أجسادهم المسالمة ، دون جريمة اقترفت ، و دون جريرة ارتكبت و دون مسوّغ شرعي أو قانوني يبرر للمجرمين قتل هؤلاء الأبرياء .
منذ عام 2005 وحتى يومنا هذا ؛ والعراقيون يعانون الويل والثبور بسبب العمليات الإرهابية ، ولم نرَ مؤتمراً ينعقد لإنقاذه من هذا الخطر المحيق ، حتى جاء اليوم الذي أوشك فيه الإرهاب أن ينجلي عن وادي الرافدين ، فتحننت المؤتمرات الزائفة علينا ، التي ظاهرها (كلمة حق يراد بها باطل) وباطنها الدجل والزيف والحقد على كل إنجاز جديد حققه وسيحققه العراقيون على الصعيدين المحلي والدولي .
لقد خضنا حرباً ضروساً أزهقت فيها الأرواح وأنهك فيها اقتصادا البلدين الجارين عبر ثمان سنوات من القتال الشرس ومواكب الجرحى والأسرى والتوابيت والجنائز السائرة نحو القبور ، دونما هوادة ، حتى أمطر الله تعالى غيث رحمته عام 1988 وأطفأ نيران الحرب الخاسرة .
تلك الحرب أورثت في نفوس الشعبين المتحارب حكومتاه آثاراً سيسيولوجية صعبة الدواء ، حتى أزاحت بركات الأئمة الأطهار(ع) هذا الداء العضال وأنزل الله شفاء القلوب بغسل أدران العداء بفيض منه على الشعبين الجارين المسلمين بمشتركي الولاء للدين والمذهب.
هذه المستجدات التي حصلت بين الشعبين تنامت إلى المزيد من الشعور بالمصلحة المشتركة ، عندما أستيقظ الشعبان من ليل الخصومات السياسية إلى صباح الوعي المصيري المشترك .
لقد عرف الشعبان الجاران المسلمان أن أمن منطقة شرق آسيا يعني أمنهم ، وأن الوحدة والتآلف والتناصر والتعاضد والأخوة الإنسانية والمذهبية والدينية والتاريخية محددات ومتجهات موضوعية يجب تفعيلها في الخارطة السياسية المتجاورة .
من هنا ؛ تقارب الشعبان وتآصرا فيما بينهما لحد التضحية بالغالي والنفيس من أجل كبح جماح المشروع الظلامي الضلالي الداعشي في هذه المنطقة الجغرافية من آسيا والعالم الإسلامي . حتى تطوّع الإيرانيون مع أخوتهم العراقيين في مشروع جهادي موحّد يهدف إلى تنظيف الحدود من دنس هذا الوجود ، من خلال الدعم التعبوي اللوجستي والإمدادات العسكرية الأخرى ، لا لشيء غير إنقاذ الأخوة من هذا الخطر .. الذي هو بالنتيجة إنقاذ أنفسهم و دولتهم أيضاً ، لأنَّ التمدد الداعشي الذي عبر سوريا إلى العراق ، هو عابر نحو إيران لا محالة ، وهذا ما يدركه المحللون العسكريون والاستراتيجيون بكل سهولة .
ولا أعرف أيَّ تبريرٍ لمؤتمر دولي يعقد في هذا الظرف الحرج بالذات ، وهو يدعو إلى منع إيران من تقديم هذا الدعم النافع للعراق في حربه لداعش .. سيما وأنه لم يتبق من هذا الخطر إلاّ نينوى بعدما أوشكت الفلوجة على التحرير بالكامل على أيدي العراقيين ومن يناصرهم !؟
الولايات المتحدة الأمريكية ومن قبلها بريطانيا اللتان كانتا ولا تزالان تدعمان الكيان الصهيوني الغاصب المحتل لفلسطين منذ عام 1948 حتى اليوم ، لم نسمع بمؤتمر دولي يدعو إلى حسم هذا الاحتلال وعودة الأخوة الفلسطينيين المشرَّدين إلى ديارهم وموطنهم المغتصب ، بينما تعقد المؤتمرات لدعم الإرهاب ـ وإن يبدو وجه المؤتمر وعنوانه نبيلاً بالزيف ـ بصيغة ظاهرها دعم العراق وباطنها إفشال الإنجازات العسكرية المتحققة على أرض الواقع ــ رغم كل وسائل الإمداد ومصادرها المساندة ــ متجاهلين الإعلان المكشوف عن مصادر تمويل وتسليح داعش الغريب عن الوطن و روح المواطنة .. من شيشانيين وقوقاز وجنسيات مرتزقة ومغررة ومؤدلجة بالسذاجة ، وهي تقتل وتذبح المسلمين الحقيقيين بمدعي الإسلام والتأسلم .
في مطلع سبعينيات القرن الماضي قرأت أنه أصبح من اليسير على أقمار التجسس الأمريكية منذ عام 1964أن تصوّر رقم سيارة في الشارع ، وهذا المعنى ذهب إليه الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) بقوله : (أمريكا تستطيع أن تشاهد الماء على سطح المريخ ، ولا تشاهد أرتال ومقرات داعش ؟!!!)
وهذه الحقيقة الحقّة التي لابد للجميع أن يعيها ؛ من أنَّ الإدارة الأمريكية وغيرها من إدارات العالم الأول تستطيع أن تعطي المعلومات الدقيقة الكاملة عن أيِّ شيء يتحرّك على كرتنا الأرضية على أقل تقدير .. أنّى تشاء ، فلماذا لم تحدد أماكن تواجدات داعش في العراق وسوريا كافة وتقصفها بما لديها من إمكانات تفوق أعلى قدرات داعش ، مالم تكن هي راغبة في تدمير
المنطقة وتغيير خرائطها السياسية والبشرية وإطالة أمد الاستنزاف بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها الاستراتيجيين في العالم والمنطقة الإقليمية.
نحن نرى العروبيين والإسلاميين يفرحون عندما يتحقق دعم قوميٌّ أو إسلامي إزاء الشعوب العربية و الإسلامية في العالم ، بينما لا يحصل هكذا شعور عندما يتحقق كهذا دعم للعراقيين والسوريين ولبنانيي الجنوب ومضطهدي البحرين واليمن !؟
لقد كنا ـ نحن العراقيين ـ ندعم حركات التحرر في العام .. في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، بينما لم نرَ اليوم أيَّ دعمٍ غير مباركٍ من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والعالم الغربي في أيِّ مكان من العالم !؟
لم نرَ إلا الدعم الحكومي للحكومات العميلة للغرب ، ولم نرَ الدعم الشعبي للشعوب ، وهي مثلبة لا منقبة على الشعوب المناضلة والمجاهدة ، التي أقل ما نتمناه منها أن تثقف أفرادها ومواطنيها بثقافة السلم والتسامح و التآخي بدلاً عن الإرهاب .
إنَّ سجوننا تشهد للسعوديين واليمنيين والقطريين و الفلسطينيين والمغاربة وجزائريين وتونسيين وغيرهم مواقفهم (المشينة !!!) حيال الشعب العراقي ، ونحن الشعب الذي مازالت قبور (أولاد الملحة الشيعة) شاخصة في مقابر الدفاع عنهم ضد الاحتلالات ، ففي كل يوم يمسك رجال الأمن أشخاصاً من جنسيات عربية مشتركة أو منفذة بعمليات إرهابية تقتل العراقيين الأبرياء .. بكلِّ صلفٍ ونكرانٍ للجميل !
وعندما نرى شعوباً أو حكوماتٍ تدعم الأحرار والمتطلعين إلى المستقبل المنشود الذي يحمي استقلال البلاد وسعادة العباد ، لا نرى من يناصرهم ويشدُّ على أزرهم أو يشجعهم على هذه المواقف الإنسانية النبيلة ، ولم يقف البعض عند حد التنديد بهذه المواقف النبيلة بل يذهبون إلى وصمهم بالإرهابيين ، في الوقت الذي هم من يحارب الإرهاب ويجفف منابعه النتنة ، لاهم!
مؤتمر باريس المنعقد للفترة (28ـ29 آيار 2016) مؤتمرٌ مسموم المقاصد والأهداف ، يقصد ويهدف إلى زعزعة روح مناصرة العراقيين البواسل الذين يدافعون عن الأرض و عن العرض.
أيُّ مؤتمر لنصرة الوطن .. ايُّ مشروع عراقي وطني هذا الذي يسبُّ و يلعنُ كلَّ من يساند البواسل المحررين للأرض الوطنية وشعبها من براثن داعش اللقيط المقرف الجهول !؟
والله ؛ ما هذه إلا مؤتمرات توقتت كما تتوقت المتفجرات في السيارات الملغمة بشوارع العراق وأسواقه ومدنه العزيزة ، لأنَّ من يضع ما ينسف الإنجازات الوطنية وينسف الدعم الدولي للعراقيين لا يختلف عن من يزرع العبوات ويرسل المفخخات والأحزمة الناسفة إلى العراق !
والله من وراء القصد ؛؛؛