قفز اياد علاوي ، مرة أخرى ، فوق الموانع الطائفية والعرقية . الثوابت المبدئية والقراءة المتنورة لزعيم ائتلاف الوطنية ، ضبطت ايقاع مساره في ماراثون انطلق منذ سبعينات القرن الماضي . ريادة النضال ضد الدكتاتورية ، والتصدي لمقاومة التفكك والتقسيم – كناتجين لسياسة الاحتلال ومخلفات الدولة العقائدية المتزمتة – ، وتبني دولة المواطنة مقابلا لدويلات الطوائف والاحزاب والعوائل ، كان لها ثمنها الباهض ، فخصوم علاوي التقليديين لايرتدعون بضوابط الاخلاق ، او القانون الذي ظل اداة قمع بيد أعداء الرجل خلال مسيرة نضاله الطويلة .
الاستقطاب الطائفي الحاد ، ودكتاتورية السلطة ، افرغا التجربة الديمقراطية المتعثرة لما بعد التغيير من مضامينها الحقيقية ، وغيبا اهدافها . في ذات السياق ، الانتخابات ، المزورة بإمتياز ، خطفت ، استباقيا هذه المرة ، استحقاق علاوي وقائمته ومشروعه ، تكرارا لماحصل في العام 2010 . نتائج الانتخابات ، والتي لن تغيرها عديد الطعون بها ، قررت سلفا هوية الفائزين والخاسرين ، وشكل الحكومة القادمة ، لكنها تبقى عاجزة عن إضفاء الشرعية المفضية الى الإستقرارين السياسي والعام .
سيناريو الحكومة المنتظرة ، بعناوينه الطائفية ، يرسم خارج البيت الوطني وبعيدا عن همومه الحقيقية ، والتيار السياسي – المدني اكبر المغيبين عنه . قيادة مشروع الدولة المدنية الوطنية ، ورمزها علاوي ، بين خيار الحضور المُغيب المدفوع بفلسفة الاشتراك في الحكومة الطائفية بنسختها الجديدة ، والاستمرار في مقاومة مأسسة هذا النهج . علاوي الذي استعصت على السلطة شيطنته يدرك ان البلد الغارق بمنتفعي السياسة وتجارها ليس بحاجة الى سياسيين قدر حاجته الى رجال مبادئ لاتطيح العواصف بقدرتهم على ضبط اتجاهاتهم ، ولا يغيب عن ذاكرته ايضا ان الذين صوتوا له ، وهم في الواقع أكثر مما اظهرته صناديق الاقتراع المرتهنة لارادة التزوير ، قد منحوا ثقتهم لعلاوي المعارض لا لعلاوي رجل السلطة . الكتلة النيابية لرئيس الوزراء الاسبق ومقترباتها قادرة على فعل الكثير اذا مااستحضرت وزن وارادة جمهورها العريض في التغيير الحقيقي لا للوجوه حسب بل وللمناهج ايضا.