9 أبريل، 2024 4:28 م
Search
Close this search box.

مشروع الكاب وتأثيرات سد إليسو على العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

يقع سد اليسو على نهر دجلة الذي هو ضمن مشروع الكاب CAP التركي المعروف بمشروع جنوب شرق الأناضول والذي يتكون من ٢٢ سد بالقرب من قرية إليسو في محافظة ماردين .. حيث بدأت فكرة مشروع بناء السد في عام 1954 ودخل ضمن الخطة الوطنية للتنفيذ في عام 1997 وتقدر سعة الخزن 10,4 بليون م3 والارتفاع يصل الى 135 متر وقد اعترضا العراق وسوريا على ذلك المشروع، وقد شكلت لجنة ثلاثية من قبل العراق وسوريا وتركيا لدراسة الموضوع من الناحية القانونية والفنية وفق القانون الدولي حيث انصب الخلاف القانوني على ان تركيا تعتبر دجلة والفرات نهرين محليين بينما العراق وسوريا يعتبرهما نهرين دوليين ولكن بسبب تلكئ حضور تركيا في اجتماعات اللجنة وايضاً عدم مبالات سوريا التي كانت تحشر خلافاتها السياسية مع العراق في الجوانب الفنية لعمل اللجنة التي لم تحقق فائدة تذكر، لذلك تحرك العراق من خلال القنوات العربية والدولية للتصدي للمشروع موضحاً الأضرار الكبيرة على البيئة وعلى الحصص المائية مبيناً ان مجموع السدود والخزانات في العراق لم تصل الى ربع خزان هذا السد مما يعد مخالفة لقواعد القانون الدولي التي تنظم نسب توزيع المياه في الأنهار المشتركة بين الدول وقد أشرك العراق جامعة الدول العربية في مواجهة المشروع حيث طلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية ان يتدخل باسم الدول العربية بعدم تمويل المشروع البالغ كلفة الانشائية 1,7 بليون دولار امريكي حيث لم تتمكن تركيا بتسديد كلفة المشروع في ذلك الوقت دون الحصول على قرض من البنك الدولي وفعلا بعث الأمين العام رسائل متعددة الى رئيس البنك الدولي بعدم الموافقة على تمويل السد واعتبر ذلك بند دائم من بنود اجتماعات المجلس الوزاري للجامعة وبذلك نجح العراق بالضغط عن طريق الأمين العام بايقاف تمويل السد كونه يسبب أضرار بيئية ومخالفات قانونية في توزيع الحصص المائية بين الدول المشتركة وفق القانون الدولي .. ولذلك اتجهت تركيا الى المملكة المتحدة للحصول على القرض المذكور وقد وافق وزير التجارة الخارجية البريطاني على منح القرض لتمويل السد مستغلين الحصار الاقتصادي على العراق في ذلك الوقت لألحاق مزيداً من الضرر .. الا ان العراق عارض الموقف البريطاني مما حدى بحزب الخضر في بريطانيا إقامة دعوى قضائية على وزير التجارة الخارجية وكانت حيثيات الدعوة بأنه ليس من صلاحية الوزير منح قرض خارجي دون الرجوع الى البرلمان وفعلا كسب الحزب الدعوى واستقال الوزير من منصبه، ولكن لغرض مزيد من الضغوط الامريكية والبريطانية على العراق ولألحاق اكبر قدر من الضرر علية تم الضغط على مدير البنك الدولي بالعدول عن راية وأرسل رسالة الى الأمين العام لجامعة الدول العربية في منصف عام 2000 بان البنك درس المشروع وانه لا يسبب أضرار بيئية للعراق لذلك وافق على القرض بموجب ضمانات تركية بتوزيع الحصص المائية للعراق وسوريا وفق القانون الدولي وبذلك حصلت تركيا على القرص .. الا ان العراق بالرغم من ذلك لم يتوقف عن أعاقة تنفيذ المشروع لحين الاحتلال الامريكي في عام 2003 كما هو معروف .. وبعدها بدأ العمل بإنشاء السد يوم 5/8/2006 على نهر دجلة دون اَي اعتراض او موقف قانوني يذكر من قبل الحكومات التي تعاقبت بعد الاحتلال، بل قامت بريطانيا وألمانيا وسويسرا بمنح قروض لتمويل السد .. وفي حينها اي منذ بدأ العمل في انشاء السد عام 2006 ابلغت تركيا الحكومة العراقية بانها ستبدأ في ملئ خزانات السد في 1/6/2018 ولمدة أربعة سنوات ولم تؤخذ اي احتياطات في هذا الشأن حتى بدأت الكارثة من اول يوم بدء ملئ الخزانات بانخفاض منسوب مياه دجلة الى النصف فكيف سيكون حال العراق وأراضيه الزراعية بعد أربعة سنوات الذي بدأنا نشاهد تأثيراته اليوم .. حيث سوف يعمل السد على تقلـيل واردات مياه النـهر بنسبة (60%) وسوف تنخفض كـميات الـمياه من (20) مليار م3 إلى (9) ملـيار م3، الأمر الذي سينعكس بدوره على جميع السكان القاطنين على حوض النهر، حيث ستتأثر حياتهم كثيراً إبتداءً من نمط معيشتهم وتوزيعهم الجغرافي مروراً بوضعهم الاقتصادي وصولاً في النهاية إلى حالتهم الصحية التي ستتردى كثيراً بفعل زيادة نسبة التلوث النهري الحاصلة في مياه الشرب ..
وفي هذة المناسبة لابد وان نشير الى ماتقوم بة ايران بما لا يقل خطورة عن ما تقوم بة تركيا في هذا الشأن حيث حولت ايران مجرى 40 رافد يصب في الأنهار العراقية بل الاكثر من ذلك باتت تدفع مياة البزل المالحة في نهر شط العرب مما سبب ذلك ضرر كبير على سقي البساتين العراقية المطلة على الشط فضلاً عن زيادة نسبة الملوحة وتأثيرها على المياه الصالحة للشرب في محافظة البصرة حيث تشير الدراسات في السنوات العشر الاخيرة خسر العراق نحو 80 في المئة من المياه المتدفقة اليه من إيران، وبخطوة احادية غيّرت ايران مسار أهم رافدين هما “الوند” و”الكارون”، مما اضرّ كثيراً بالمساحات الزراعية الواسعة في البصرة وواسط وديالى، وفي ذات الوقت تسعى طهران الى بناء سلسلة من السدود والإنفاق وخزانات مياه ضخمة وعملت على تغيير مجرى انهار وروافد لغرض حرفها الى داخل أراضيها لإبعادها عن العراق. ولعل ابرز مثال هو تغيير مجرى نهر سيروان بعد 2003، الذي يزود بحيرة وسد دربنديخان بنحو 70 في المئة من طاقتهما المائية، مما تسبب بقطع المياه عن مناطق عراقية عديدة، وانخفاض منسوب المياه بشكل كبير، لا سيما في مناطق إقليم كردستان. ونتيجة سكوت العراق عن الاعمال العدائية المائية لأيران وتركيا تتوقع المؤشرات المائية العالمية، ان العراق سيكون ارضاً بلا انهار بحدود 2040، ولن يصل مياه النهرين العظيمين دجلة والفرات الى المصب النهائي في شط العرب. وفي مقال نشر في مجلة ناشيونال جيوغرافيك عن موقف ايران تحت عنوان عداء مائي وحب سياسي، جاء فية، من المتوقع في عام (2025) ستكون ملامح الجفاف الشديدة واضحة جداً في عموم العراق مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول دجلة الى مجرد مجرى مائي صغير محدود الموارد.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب