لم يتوقع أكثر المحللين تفاؤلا بوصول العراق خلال فترة ليست بالطويلة الى هذه المرحلة، بعد الانهيار الامني والاقتصادي في عام 2014، إذ يصفها البعض بالجيدة، برغم السوء الذي يكتنفها ويحيط بها من كل جانب.
العراق الان، هو من يحمل لقب صاحب التفجيرات الأكثر دموية على مستوى العالم، حسب أحد المراكز البحثية الامريكية، يضاف هذا اللقب إلى كونه من أكثر الدول فسادا، وعاصمته الأسوء من حيث السكن، والقائمة تطول لتصل “اجتماعيا” الأكثر بعدد الأرامل والمطلقات.
المشاكل التي يعاني منها البلد، ليست عصية على الحل، فيما لو توفرت عقلية القائد الذي يملك المشروع الجامع، ويؤمن بمبادئ بناء الوطن، حتى وإن خسر البعض من رصيده الانتخابي، فالوطن سيجازي من عملوا له أو عملوا عليه، إيجابا وسلبا.
لو أردنا بناء الدولة، فالانتخابات يجب أن تكون بموعدها المحدد، وأي تغيير في ذلك الموعود هو تهديد حقيقي للعملية الديمقراطية في البلد، والتي تعاني أصلا اعوجاجا كبيرا في مسارها، كما لا ننسى أعمار المناطق المحررة، ودعم أهالي الشهداء الذي بذلوا دماءهم لاستعادتها، وإعمار مناطق هؤلاء المحررين، بعد أن عانت فسادا وكسادا، ولم تستفد من ميزانيات انفجارية، صرفت على ملذات مسؤوليها لا على خدمة مواطنيها.
عقلية القائد القادم، يجب أن تبدأ وطنيا ولا تنتهي إلا وطنيا، فبناء الدولة وفرض هيبتها، يتطلب حصر السلاح بيد الدولة، وتفعيل القانون فوق الجميع، كما ان الهوية الوطنية يجب أن تظهر لتغطي سماء الوطن، بعد أن عانت الامرين تحت هويات أخرى، قومية وطائفية وأثنية، لم يجني منها كل أبناء الشعب إلا الفساد وسلب الارض والعرض.
بناء الدولة يتطلب بناء علاقات خارجية متوازنة مع الجميع، وأن تنأى الحكومة بنفسها عن كل الصراعات، لتجعل البلد جسرا للتواصل لا أرضا للتخاصم والتنازع الإقليمي والدولي.
المشروع الجامع بحاجة الى قائد يفكر ويعمل لينجح وطنيا، حتى لو خسر طائفيا، فملفات الصحة والتعليم والخدمات والعدالة الاجتماعية، لا يقوى على حملها إلا الوطنيون، والعراق ولاد لهؤلاء، والمرحلة القادمة بتحدياتها القاسية، ستنحني فقط امام من يمتلك ناصية هذا المشروع.