23 ديسمبر، 2024 5:33 ص

مشروع الشرق الأوسط الكبير قيد ا

مشروع الشرق الأوسط الكبير قيد ا

عندما تتخلى الدول عن مبادئها وقيمها وتتخلى عن دينها وثوابتها وترضى لنفسها أن تكون أداة بين المستعمرين والأجانب فإنها سوف تكون عرضة وحقل تجارب للمخططات الأمريكية والصهيونية على أراضيها, وإنها وان حاولت أن تخدع نفسها بأنها عدمنا تتحالف مع أمريكا فان ذلك من أجل خدمة شعبها وتطوير دولتها فان هذا العذر لا يجدي نفعاً ولا يطول أمده حتى ينكشف للعالم المستور وراء ذلك وحينئذ لا تكون الضحية إلا تلك الدول التي رضيت لنفسها أن تكون حقل تجارب للمخطط الأمريكي والصهيوني الرامي لتفتيت وحدة الدول الإسلامية والعربية.

فعندما لم تتحد الدول في مواجه الاحتلال البريطاني للعراق عام (1914م) وغيره من الدول العربية فان ذلك أعطى الفرصة لبريطانيا إلى أن تخلق دولة إسرائيل في داخل الأراضي الفلسطينية وأعطتها الضوء الأخضر في تنفيذ مشاريع اكبر واخطر من ذلك, واستطاعت أن تجعل من بعض الدول الخليجية قاعدة لها ولعملياتها العسكرية.

وما أن مضت عجلة الزمان إلى الأمام حتى وجدنا وموقف الدول العربية مخزياً جراء ظلم صدام الحسين الذي حكم العراق بالنار والسيف ولم يحركوا ساكنا إلى ان دخلت القوات الأمريكية إلى العراق تحت ذريعة محاربة الإرهاب والبحث عن سلاح الدمار الشامل حتى استطاعت أمريكا من خلال ذلك توطين قواعدها في دول الخليج وجعلها مسرحاً لحربها ضد أي دولة تريد تخرج عن السيطرة الأمريكية.

والدول العربية واقفة موقف المتفرج لما يحدث في المنطقة مما دعا بأمريكا والدول الغربية إلى إعادة رسم خططها من جديد دون التفكير في أي عائق يحول دون ذلك إلا الوقت الذي يناسب طرح أي مشروع تريده الإدارة الأمريكية وبأيادي عربية وترحيب دولي مما يضفي لها الشريعة في عملها وتطبيق خططها في المنطقة.

فها نحن نشهد اليوم التحرك الجاد والفعال من قبل الإدارة الأمريكية لتطبيق المشروع الأمريكي الجديد في المنطقة تحت عنوان مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يرمي إلى إعادة تقسيم المنقطة خلافاً لتقسيم سايكس بيكو القديم الذي وقع عام (1916م), وخلق دويلات صغيرة غير قادرة على الدفاع عن نفسها فضلاً عن الدفاع عن دول أخرى وجعلها دول ضعيفة وخاوية وغير قادرة على المواجه أو الاتحاد بعد زرع البغض والطائفية والقومية في داخلها ولكي لا تفكر أي دولة في مواجهة او رفض إعلان الدولة الإسرائيلية في المستقبل القريب.

وان خريطة المشروط الأمريكي الجديد في المنطقة الهادف إلى إعادة تقسيمها من جديد يكون حسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز والتي حاولت أن تصور فيه كيف سيكون الشرق الأوسط الجديد في المستقبل فقد قسم المشروع الجديد العراق إلى ثلاث دويلات كردية وسنية وشيعية, وسوريا إلى ثلاث دويلات أيضاً سنيستان وعلويستان وجبل الدروز, وليبيا إلى قسمين الأول يضم بنغازي وبرقة والأخر يضم مصراته وطرابلس وسبها وفزان, واليمن إلى قسمين أيضاً الأول يضم اليمن الجنوبي والأخر اليمن الشمالي وصنعا أي إعادتها إلى ما قبل الاتحاد الذي حصل في اليمن عام (1990م), وتقسيم الجزيرة العربية ودول الخليج إلى أربعة أقسام, وتقسيم فلسطين وهي الهدف الأساس في المشروع إلى ثلاث أقسام الضفة الغربية التي تقع تحت سيطرة حركة فتح, والقسم الثاني قطاع غزة الذي يقع تحت سيطرة حماس, والقسم الثالث الدولة الإسرائيلية, وتكون القدس مدينة دينية عامة للجميع.

وان هذا المشروع قد باشرت به القوى الغربية وهو الآن قيد التنفيذ وقد بدء من السودان التي تم تقسيمها إلى قسمين عام (2011م).

والآن معركة التقسيم تدور رحاها في العراق وسوريا واليمن وليبيا وفلسطين وغيرها من الدول المضطربة.

وان الدعم الأمريكي ألمخابراتي للتنظيمات الإرهابية التي تقاتل في المنطقة العربية ما هو إلا وسيلة لكي يسهل لها الطريق في تطبيق مشروع التقسيم الجديد, وحتى قضية افتعال موضوع الربيع العربي الذي كان يوهم الناس في التخلص من الدكتاتورية والظلم ما هو إلا وسيلة من وسائل تطبيق مخطط أمريكي صهيوني جديد في المنطقة .

وان الدولة الكردية في العراق قادمة لا محال وان كان هنالك رفض من قبل إيران وتركيا لا إن الأخيرة قد تغير موقفها اتجاه حكومة الأكراد بعد الشروط والمواثيق التي قدمها الإقليم لصالح تركيا, وان تركيا ترحب بإقامة دولة كردية ضعيفة تستثمر ثرواتها النفطية وتكون معبر تجاري لها وتخلصها من معارضة حزب العمال الكردي بالإضافة إلى فرض هيمنة تركية على الأكراد في المستقبل.

وان مسعود بارزاني عندما طالب بإقامة دولة كردية بُعيد أحداث الموصل في العاشر من حزيران, نجد بان رئيس الوزراء الإسرائيلي كان أول من رحب بهذا القرار, لان هذا القرار يخدم المشروع الصهيوني في المنطقة.

وان الدعم والتسليح المتطور الذي حصل عليه الإقليم بذريعة محاربة داعش ما هو إلا لخلق التوازن فيما بين الإقليم وحكومة بغداد, وربما سوف يكون قاعدة لأمريكا فيما إذا أرادة أن تواجه إيران مواجه عسكرية, مع العلم ان التسليح الآن يتم خارج علم واتفاق بغداد وهو غير قانوني.

وتبقى إيران المعارض الرئيسي لكل تلك المشاريع خوفاً من الوصول إليها بسهولة وتقسيم منطقتها والسيطرة على أراضيها.

ومن جانب آخر ولكي تضعف التمدد الإيراني وتوقف سيطرته في المنطقة قامت أمريكا على إضعاف روسيا الحليف الاستراتيجي لإيران وهي التي تمثل الوريث الوحيد للاتحاد السوفيتي الذي انهار في سنة (1991) والتي تمثل قوة أخرى تقف بوجه التمدد الأمريكي وتنفيذ مشاريعه في الشرق الأوسط فعملت القوات الأمريكية على صنع ثغره في أوكرانية وعملت على زعزعة الأمن والاستقرار على أراضيه.

وان الهدف من وراء كل ذلك هو الهيمنة الأمريكية على تلك الشعوب والبلدان وفسح المجال لإقامة دولة إسرائيل التي يراد لها ان تكون الدولة القوية الوحيدة في الشرق الأوسط وهي التي تمثل الوجود الرسمي في المنطقة, ودفعاً للاحتمالات التي ربما تصدر من قبل المسلمين فيما يخص القدس فإنها سوف تكون مدينة دينية عامة لجميع الديانات السماوية الثلاث اليهودية والنصرانية والإسلامية وتتمتع بحماية ورقابة دولية.

وان كل هذا الذي حصل بنا وسوف يحصل لاحقا ماهو إلا بسبب ضعف وتخاذل الدول العربية والإسلامية والخنوع لرغبات أمريكا وإسرائيل والعجز عن مواجهتا والوقوف بوجهها فتباً للدول العربية على ما سوف يحل بنا بسبب جبنهم وسوف يكون تاريخ العرب مخزياً لهم على مدى التاريخ.