7 أبريل، 2024 7:12 ص
Search
Close this search box.

مشروع الدولة المدنية في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

في البدأ يجب ان نوضح ان هنالك  تنوع في انظمة الدول في العالم بطريقة كبيرة لا تحدها حدود (  من العلمانية بمدياتها الواسعة مبتدأةً بالإلحاد كما في الدول الاسكندنافية  او فرنسا ثم  بعد ذلك بفصل الدين عن الدولة مثل روسيا و بعض الدول الاوربية ثم  بعده يأتي تحوير الفكر الديني و تكييفه حسب متطلبات دستور الدولة كما في كنائس اميركا بتعدد مناهجها الكنسية و كل هذه الحدود واضحة بين الدين و الدولة فيها لكن الدول الأسلامية  في الشرق الأوسط و المغرب العربي لم تتضح حدود دين الانسان عن قوانين دولته بطريقة ناصعة  بل تعتمد على رؤية نظام الحكم في تحديد القوانين العاملة في هذا الموضوع حيث تحكم ايران نظرية الولي الفقيه و دولة الخلافة عند داعش و هما اكثر سلطتين تمتلكان صلاحيات مطلقة في الحكم ثم تأتي بعد ذلك ضوابط اقل عند السعودية بمرادفة السلطة الدينية للمنظومة الحاكمة متميزة  بفصل الجزء الامني و الاقتصادي مع هيمنه الدين في  الجزء الاجتماعي ثم تنخفض و هكذا حتى تصل للحد الادنى عند فصل الدين عن الدولة بصورة نسبية  و ليست مطلقة  ، اما افكار الالحاد فلا تعدوا فردية و ان تشكلت لها مجاميع في الفترة الاخيرة لكنها غير مؤثرة مجتمعياً   ، كما ان القناعة بنسبة تمدد الفكر الديني في قوانين الدولة المفترضة  تختلف ليس بين الدول فقط بل بين  الناس ايضاً و تخضع عند كل منهم لرؤيته الخاصة لحداثة هذا الفكر عندنا حيث بدأ منذ بدايات القرن الماضي بعد خسارة الدولة العثمانية للحرب العالمية الاولى و قدوم ثورة اتاتورك العلمانية .
لا يختلف معظم العراقيين ان الدولة المدنية هي السقف الحقيقي الذي يمكن ان يستظلون به سويةً بعد الله ، وبما انهم امضوا عقد و نيف من السنوات و لم يجتمعوا على صيغة و أسس  واحدة لشكل علاقتهم مع الله ليستظلوا به سويةً  ، فإنني ارى ان نعمل نحو تحييد هذه النقطة الخلافية و السير سوية نحو سقف الدولة المدنية كما ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بنى مهد دولة مدنية بعد مقدمه الى المدينة المنورة و وضع اسس العلاقة المجتمعية مع اليهود  و حقوق المواطن فيها مع احتفاض اليهود بديانتهم  ، عليه حرّي بنا ايضاً ان نذهب بهذا الاتجاه . قد يصور البعض ان هنالك استحالة لأن الاحزاب و التيارات الاسلامية ستكون بالمرصاد لهذا المشروع كما هي الآن ، فأن ذلك متأتي لأن البعض يرفع  شعارات الغائهم و هذا ما يجعل الجميع  في حالة خصومة فكرية و صراع  و هذا ليس في مصلحة مشروع كهذا و ليس في مصلحة البلد كله ، ثم من يقول ان الدولة المدنية ليست مصلحة اسلامية . ان كل حزب اسلامي او غيره هو مدني ما لم  يفرض افكاره على المجتمع بطريقة قسرية و ما لم يعمل على  تكوين  مليشيا عسكرية او اي تنظيم مسلح خارج حدود الدولة المدنية كما نحن  نحتاج ان نقوم بتوضيح مفهوم الدولة المدنية و حجم احترامها للاديان و المذاهب حيث انها لا تتعارض مع الدين مطلقاً و لا ضير ان تستقي من الدين النصوص التي تساهم في بنائها ،  ان الدولة المدنية تساوى في  الواجبات  المترتبة على الفرد و في الحقوق أيضاً و هذه عدالة اجتماعية كما هي سنة بشرية سنت  في كل الاديان و المذاهب ، و من الممكن ان  نسن و نشرع القوانين ذات المرجعية الاسلامية على ان يكون متفق عليها مجتمعياً و بالتالي نحقق مطالب الجميع تحت سقف عنوانه العدالة الاجتماعية التي هي الوجه الثاني الدولة المدنية  و الصفة الاسلامية للدولة و بالتالي ننتقل بعملية تساوي الحقوق من الملل و الطوائف الى الانسان نفسه مع الاحتفاظ بحق كل تجمع بشري بالقيام بمراسيمه الدينية بما لا يسبب ضرراً لغيره وهذه النقطة مشرعة بكل الاديان و المذاهب ايضاً فلا يوجد دين او مذهب يقبل ان يسبب ضرراً لأحد من اجل اقامة طقوسه  .
لذا ارى من الضروري ان ندعم كل توجه للدولة المدنية حتى اذا كان  للتيارات  الدينية  نفسها بعد ان تؤمن ان برنامج الحكومة المدنية جزء من غايتها و بذلك يكون ادائهم يخدم هذا التوجه حيث من الاستحالة ان نلغي كل التيارات السياسية الحالية لأنها ذات عناوين اسلامية فقط  ، فالتيار المدني عليه ان يمتلك الجرأة ليختلط و يثقف و يعمل بدون اخافة الأخر من مفاهيم يعتبرها خطرة عليه  ، فلا يجب ان نجر المواطن الى صراع و مواجهة فكرية مرهقة  في مجتمع شرقي متدين لكننا ممكن ان نجره الى صورة اجمل للحياة و التعايش المشترك . ونظراً لعدم وجود مجتمع متطابق مع آخر  فلا اجد من المناسب ان نضع نفسنا في قالب جاهز لمجتمع سبقنا في هذا المضمار نعتقده مناسب لنا او نقلد تجربة معينة بحذافيرها  بل علينا ان نبتكر شكل جديد للعلاقة بين الدين و الدولة يفي بمتطلبات ديننا و بمتطلبات احتياجنا لبناء دولة  مدنية مستقرة  ويتناسب مع واقعنا بمتغيراته . 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب