تعالت الأصوات المنادية بقوة من بعض الأطراف السنية التي لازالت تعمل وفق اجندة خارجية لتحقيق هدف اقامة الاقليم السني في العراق بموازرة وتشجيع الأكراد
لقد تمثلت واحدة من أخطر الخطايا التي ارتكبها الاحتلال الأميركي للعراق عام ٢٠٠٣ هو تفكيك الدولة العراقية وتكريس مبدأ المحاصصه الطائفية والقومية, فقد وضعت واشنطن
عدة وسائل لتحقيق هذا الهدف, وذلك من خلال اقامة الاقاليم في الدستور العراقي عام ٢٠٠٥, الهدف الأميركي تلقى دعما من إرادات اقليمية( دول الخليج وتركيا)لكل دولة من هذه الدول لها أهدافها من خلال تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم قومية ومذهبية مرتبطة بحكومة مركزية شكلية
ضعيفة.
الدعوة الى اقامة الاقليم السني سبقها هجمة سياسية من بعض النواب العراقيين السنة على قوات الحشد الشعبي وقيام بعضهم باعتبارها قوات(احتلال) ومخاطبة واشنطن لتزويد العشائر
بالسلاح, ففي الوقت الذي كانوا يدعون الحكومة العراقية الى دعم ابناء الانبار والموصل وتعزيز القوات العسكرية لتحرير المناطق من تنظيم داعش الإرهابي, تظهر نفس الأصوات وخلافا لمواقفهم السابقة تطالب بسحب قوات الحشد وانها قوات طائفية تستهدف المكون السني, كما وان تصريح
مسرور البارزاني صب في نفس الاتجاه واتهم قوات الحشد الشعبي بانها تثير الطائفية في العراق.
لذلك فإن بعض الساسة من السنة والأكراد يدفعون الحكومة العراقية لتحقيق اهدافهم من خلال هذه الأصوات,مما يحقق الحلم الذي تسعى إليه واشنطن ومن ورائها دول الخليج وتركيا
باقامة الاقليم السني في العراق,لاسيما وان الولايات المتحدة ومنذ احتلال العراق تسعى الى تقسيم العراق وهذه رغبة( اسرائيل) في المقام الاول لما يمثله العراق الموحد من خطر على وجود الكيان الاسرائيلي.
كما وان الاهتمام الأميركي بالاقليم السني لم يات من فراغ بعد اكتشاف الموارد الطبيعية الهائلة من النفط والغاز والفوسفات والمعادن الاخرى, اذ تحوي محافظة الانبار على
كميات كبيرة من الغاز الطبيعي, الذي اكتشفه الأميركيون عام ٢٠٠٤ ولم يشرعوا باستخراجه, هذه المعادن غير المستخرجة جعل المنطقة الغربية محط أنظار الولايات المتحدة والدول الإقليمية الأخرى.
كما وان اقامة الاقليم سيكون ممرا سهلا وامنا لتصدير النفط والغاز الخليجي عبر تركيا الى اوربا ودول العالم الاخرى, وبهذه تحقق واشنطن اهدافها الرامية الى ضرب الاقتصاد
الروسي, ذلك ان تصدير الغاز القطري والخليجي عبر الأنابيب سوف يعوض الاعتماد على الغاز الروسي وبالتالي يوجه ضربة قاضية للاقتصاد الروسي, الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط والغاز المصدر إلى أوربا, كذلك يسهل وصول النفط والغاز الى الولايات المتحدة وأوروبا بعيدا عن
الأزمات في الخليج العربي, وبدون شروط قد تفرض على هذه الدول التي تعتمد بشكل أساسي على النفط والغاز الروسي.
ودول الخليج لم تكن بعيدة عن تشجيع ومساعدة اقامة الاقليم السني في العراق, ولأسباب عدة منها سعي دول الخليج لإبعاد النفوذ الايراني من العراق خاصة والمنطقة بشكل عام
وذلك باستخدام كل الوسائل الممكنة حتى ولو ادى ذلك الى تدمير العراق وتحويله الى ثلاث اقاليم,كما ان الاقليم سيكون ممرا مهما لتصدير النفط والغاز الخليجي الى أوروبا عبر تركيا, اذ ان كثرة المشاكل في منطقة الخليج
قد حفز الدول المستفيدة من النفط والغاز الخليجي الى البحث عن بدائل لتصدير منتجات الطاقة وذلك للخلاص من هموم التصدير عبر مضيق هرمز, حيث تشير المعلومات الى وجود قوة
عسكرية أمريكية مدعومة بشركات امنية في قاعدة الاسد الجوية في محافظة الانبار واضافت المعلومات نية القوات الاميركية سحب جنودها من القواعد الاخرى والاستقرار في قاعدة الاسد.
وتركيا ايضا لها مصلحة في اقامة الاقليم السني, فطموح تركيا بضم الموصل وكركوك لم ولن يتوقف, كما ان أنقرة تهدف الى جعل الاقليم السني منطقة دفاع متقدمة عن الأراضي
التركية في حال حدوث أي أزمة بين تركيا واي دولة إقليمية,كذلك تصبح على اتصال بري مباشر بينها وبين دول الخليج العربي عبر الإقليم, مما يجعلها اللاعب الأول في المنطقة وذات النفوذ الواسع وهو ما يعني بناء أنابيب نقل الطاقة من الخليج إلى أوروبا عبر تركيا كذلك بناء
سكك حديد بين أوروبا والخليج ومن ثم تصبح تركيا الممر الرئيسي لعبور السلع والخدمات من والى اوربا والخليج وبذلك تصبح تركيا حاجة اوربية اميركية.
إن ما تسعى اليه بعض القيادات السنية لخدمة اجندات اقليمية ودولية, لايخدم العراق خاصة وان هذا المخطط يستهدف الكل ولا يستثني أحدا, وسيكون على حساب العراقيين وثرواتهم
التي ستكون تحت رحمة دول الجوار.