الاستقلالية ، او الحياد ، او الوقوف في الوسط ، هل يؤثر على احد ؟ لطالما كنت على بينة من نفسي ، متصالحا معها ، محاولا الا اضيع في متاهات المخيلة الجامحة التي يصفني بها البعض من الاصدقاء الادباء والصحفيين ، ويتهمني البعض من هؤلاء الاصدقاء بانني قد اغوص في بحر ليس فيه الدرر ، نعم ، انا في حياتي كلها ، الصحفية والادبية ، كنت على الدوام مثل باحث عتيد عن اللؤلؤ والمرجان والدرر ، ولكنها تلك الدرر المعنوية ، وليست الحسية ، ابحث عن السلام ، والحكمة ، والمأثرة ، لانقاذ حياتي من رتابة البحث عن الماديات ، عشت فقيرا وسأموت فقيرا ، هذا شعاري في الحياة ، ويكفيني شرفا انني فقير ولكني بالوقت نفسه اشعر بالغنى الروحي ، ربما لانني ، عثرت اثناء الغوص في بحر المعرفة عن الكثير مما كان يشغلني من اسئلة الوجود والفناء وعالم الغيب والشهادة ، لذلك وطنت نفسي الى الاستقلالية والحياد والوقوف في الوسط ، غير ان هذا ظهر لي كما يبدو لا يعجب احدا ، فاخذ بعضهم يتحين الفرص لاغتيالي ، نعم اغتيالي ، ثمة جهات يبدو لا تستريح الا بقتلي ، لاسكات صوتي من مناداته بضرورة ان نعقلن حياتنا وندفع بها الى اقاصي الجمال ، والحق ، والعدل ، والحكمة ، وقصة الاغتيال ، التي ارتجف الان من ذكر تفاصيلها ، سيأتي اوان الحديث عنها في مقال اخر ، ولكنني الان اضع الجهات الامنية امام مسؤولياتها في الحفاظ على ارواح ما تبقى من الادباء والصحفيين العراقيين القدامى ، وانا واحدا منهم ، اننا نشعر بالتهديد يوميا ، هناك جهات كثيرة تطارد صوت العقل ، لاتريد لها ان تستمر في الحياة .. واذا كانت الجهات الامنية مشغولة في البحث عن الارهاب ، وهذا من حقها ، فهي مطالبة بالوقت نفسه ، بمطاردة القتلة الاخرين الذي يريدون لاصواتنا واقلامنا ان تكف عن قول الحق .