23 ديسمبر، 2024 1:35 م

مشروع اسرائيل للطاقة الشمسية وافاق تطبيقها في العراق

مشروع اسرائيل للطاقة الشمسية وافاق تطبيقها في العراق

اثار انتباهي لمشروع الطاقة الشمسية في اسرائيل اثناء بحثي في الانترنت عن كيفية ربط اسلاك الواح الشمسية (سولار بانال)  مع بعضها البعض   فاسترسلت في قراءة المعلومات المتعلقة حول مشاريع الطاقة الشمسية في اسرائيل التي تتشابه الاجواء وسطوع الشمس فيهما مع العراق . وبما ان المعلومات قد دونت  باللغة الانكليزية لذا ترجمتها الى العربية لتعم الاستفادة منها.
ومشروع الطاقة الشمسية  الاسرائيلي اقرب الى التطبيق في العراق من المشروع الطاقة الايراني التي كانت تنوي بناء 20 مفاعلا ذريا لانتاج الكهرباء  بحلول عام 2000 والتي نتج عنه صدام مع الغرب  وتلكأت الشركات الغربية في انشاءها ومشاكل صعوبة السيطرة على التلوث بالاضافة الى امكانية حدوث الكوارث الذرية كما حصلت في تشرنوبيل السوفيتية وفي فوكوشيما اليابانية كما ان المشروع الالماني التي تعتمد بالاساس على الرياح في تدوير المراوح لتوليد الكهرباء ليست مناسبه للعراق ايضا لحاجتها الى فنيين  بمستوى عالي من الخبرة والجدية   وبلد مستقر واماكن تهب فيها الرياح اكثر ايام السنة  حيث تزمع الالمان  تفكيك  المفاعلات الذرية في سنة 2020  واحلال الطاقة النظيفة المتمثلة بالمراوح المنصوبة على الابراج لتوليد الكهرباء. وكانت المانيا تنوي في الثمانيات من انشاء اكبر مجمع للطاقة الشمسية لانتاج الكهرباء في صحراء المملكة المغربية والتي تكون الشمس ساطعة اكثر ايام السنة ومد المانيا بقابلوات الكهرباء عبر البحر  والظاهر انها طمست  المشروع لعدم نيتها بالاعتماد على دولة اخرى في امدادها بالطاقة الكهربائية  التي تعتبر عصب الحياة الحديثة
فلقد قرات دراسة غربية في الثمانيات عن مستقبل الطاقة الشمسية في العراق ذكر فيها لو ان العراق استغل منطقة بحجم الكويت في الصحراء الغربية من اجل توليد الطاقة الشمسية  فانها ستولد كهرباءا تسد حاجة نصف مليار نسمة.
تعود بدايات الاستفادة من الطاقة الشمسية في اسرائيل  الى بداية الخمسينات من القرن العشرين  حيث طور المهاجرون الاوائل سخانات مياه بالطاقة  الشمسية لسد النقص في الطاقة في  الدولة الحديثة .وفي سنة 1967 اصبحت هناك 1 من 20 بيت سكني تستفيد من الطاقة الشمسية لتسخين  الماء. وفي عقد السبعينات وفي فترة ازمة الطاقة النفطية في العالم طور الفيزيائي الاسرائيلي هاري زافي   منظومة تسخين ماء تعتمد على الطاقة الشمسية وتستعملها الان %90 من البيوت السكنية في اسرائيل ومن العوامل الاخرى التي زادت من اعتماد اسرائيل على الطاقة الشمسية بالاضافة الى نظافتها لانها تعتبر طاقة خضراء لعدم تلوثها الجو  وتوفر الشمس الساطعة فيها وخاصة في صحراء النقب العلاقة المتشنجة مع الدول المصدرة للنفط  واصبحت اسرائيل حاليا  من الدول المصدرة لتكنلوجيا الطاقة الشمسية لانتاج الكهرباء ولها شركات تعمل في بقاع العالم الاخرى لتاسيس منظومات انتاج الطاقة الكهربائية بالاعتماد على الطاقة الشمسية . كما اسست اسرائيل عدة مراكز ابحاث بهذا الشان منها  سنة 1985 مركزا خاصا لابحاث الطاقة الشمسية سميت ب – مركز بحوث الطاقة الشمسية الوطنية التابعة لموسسة بن غوريون. ومركز ابحاث الطاقة الشمسية التابعة لمعهد وايزمن للعلوم ومركز يعقوب بلاستين لابحاث الصحراء في نقب.
كما ان هناك مراكز ابحاث اخرى داخل الموسسات التعليمية مثل معهد قدس للتكنلوجيا.
وهناك ابحاث مهمة قيد الدراسة والبحث  في صحراء  النقب لتوليد الطاقة الكهربائية عبر الماء التي تسخن في ابراج حيث تركز الشمس ب 10 الاف مرة بواسطة العدسات العملاقة.
تقع اسرائيل على خط 30 درجة شمالا وتبلغ حدة الشمس المتساقطة سنويا بحدود 2000 كيلو واط / ساعة على المتر المربع الواحد . وفي عام 2007 ولدت اسرائيل ما يقارب من 12 كيكا واط من الكهرباء باستخدام  الوقود الاحفوري حيث استهلكت 409 الف طن من النفط و13.4 مليون طن من الفحم و883 الف طن من الديزل و1.8 مليون طن من الغاز الطبيعي وولدت استعمالها للطاقة الاحفورية لتوليد الكهرباء تلوثا كاربونيا هائلا لذلك بدات بتحول سريع ومفرط الى الطاقة الشمسية التي تسمى بالطاقة الخضراء لعدم توليدها للملوثات.
وتعتمد اسرائيل على %20 من كهرباءها على الغاز المستورد من مصر  والرقم بازدياد مطرد  باستمرار نتيجة الاستهلاك المتزايد للطاقة الكهربائية  لذلك عملت اسرائيل على سن قوانين مثل  بعض الدول المتطورة الواقعة في المناطق المشمسة لترويج انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لمجابهة نقص الطاقة والحصول عليها بيسر.
تشكل الصحراء %60 من مساحة اسرائيل حيث تسطع الشمس بقوة والجو صافي اكثر ايام السنة ومساحات خالية من السكان  وتشكل البدو العرب %30 من سكان صحراء اسرائيل  وقد عقدت بعض الشركات  الاسرائيلية عقودا مع شيوخ ووجهاء البدو تتضمن  تزويدهم بالكهرباء وتشغيل افرادهم في المنشات الطاقة الشمسية التي بنيت وتبنى فيها مقابل حماية البدو لهذه المشاريع وتشجيع اندماجهم في المجتمع الاسرائيلي.
وقد سنت الدولة الاسرائيلة عدة قوانين مهمة واعطت تسهيلات كثيرة لهذا الغرض وطبقت هذه القوانين  بدقة بالغة منها:
– سنت اسرائيل قانونا في سنة 1980 اجبرت  بموجبه المواطنين على  وضع سخان الماء الشمسي على اسطح المباني التي تبنى حديثا ,لتعتمد السكان على الطاقة الشمسية   المنتجة في بيوتهم لا على الدولة او الشركات.
– تعطي الدولة مساعدات مالية لمن ينوي استخدام الطاقة الشمسية  لتوليد الكهرباء في البيوت السكنية او المعامل والشركات.
– تعطي البنوك قروضا ميسرة للاشخاص الذين يرغبون بنصب معدات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في محل سكناهم او في المعامل و الشركات.
– تشتري الدولة والشركات الطاقة الكهربائية الفائضة عن حاجة المنازل السكنية  بسعر معقول . حيث ترتد الطاقة الفائضة عن حاجة المنزل المحول عن طريق اللوحات الشمسية  بشكل آلي (اوتوماتيكي) الى اسلاك المدينة او القرية وتحسب كاستثمار للعائلة فتعطي الشركة مبالغ كمية الكهرباء المرتدة  من المنزل باتجاه الاسلاك.
– تتعهد شركات الكهرباء بشراء الكهرباء من البيوت لمدة 20 سنة على الاقل لتشجيع السكان على نصب منظومة الطاقة الشمسية .
– تعطي شركات الناصبة لنظام الطاقة الشمسية للبيوت ضمانة 25 سنة للالواح الشمسية المستعملة في النظام وكذلك للنصب.
– تخصم  الدولة من الضريبة المستحقة على المعامل والشركات  بقدر انفاقها على نصب نظام الطاقة الشمسية.
كما ان هناك قوانين جانبية كثيرة متعلقة للطاقة الشمسية من ناحية الامان والنصب وغيرها.
وسعر السخان الشمسي في اسرائيل حجم 150 لتر بحدود بحدود 400 دولار امريكي.
وتحتاج المنزل في اسرائيل بمعدل  3 كيلو واط  من الطاقة الكهربائية  ولتوليد هذه الكمية تحتاج الى نصب حوالي  30 متر مربع من الالواح الشمسية.
والاسعار بنزول دائم والمساحة التي تشغلها الالواح تصغر باستمرار نتيجة تقدم التكنلوجي لصناعة الالواح الشمسية.
وتعمل الشركات الاسرائيلية بالتعاون مع شركات المانية مثل سمنز وامريكية  على قدم وساق لنصب اكبر محطة طاقة شمسية لتفادي النقص في الطاقة الكهربائية وتحسبا لمشاكل نقل النفط في العالم
كما ان اسرائيل شرعت بصنع واستيراد سيارات تسير على الطاقة الكهربائية بخزنها في بطاريات المخصصة لهذا الغرض.
فوضعت اسرائيل خطة كبيرة وهادفة بالتعاون مع دول عملاقة في هذا المجال مثل الصين والولايات المتحدة الامريكية والمانيا لتكون رائدة في توليد الطاقة الشمسية ولاسرائيل 7 شركات متميزة في العالم في هذا المجال ولها دراسات واهداف للحد من استيراد النفط.
 وحسب رد احدى الشركات الامريكية على سوالي  لهم  بالبريد الالكتروني حول ما احتاجه للنصب على سطح  منزلي في  مدينة كركوك العراقية التي تسطع فيها الشمس اكثر من 10 ساعات يوميا لتشغيل تلفزيون وكومبيوتر وثلاجة ومبردة مائية بالاضافة الى المصابيح المقننة للكهرباء ( الكتريك سيفر) بانني احتاج الى نصب  1.5 كيلو واط من منظومة الطاقة الشمسية   وتكلف عندهم نصب الاجهزة لتوليد هذا  المقدار من الكهرباء 2500 دولار (نصب 6 لوحات شمسية كل واحدة منها 260 واط   ومحولة والاسلاك لربطها مع المنزل) .
وتفاصيل اسعارها كما يلي في الولايات المتحدة حسب تلك الشركة :
السعر عدد اللوحات المستعملة × (260)واط الطاقة المتولدة
2500 دولار 6 1.5 كيلو واط
4000 دولار 8 2 كيلو واط
5000 دولار 12 3 كيلو واط

وللعلم ان هناك فرقا في توليد اللوحات للطاقة فتتراوح بين 10 واط لشحن البطاريات الصغيرة والموبايل وكلما كبر اللوح كانت توليده للكهرباء اكثر فعالا و تستخدم اللوحات التي تولد بحدود 200 واط للبيوت السكنية وسعرها بحدود 200 دولار للوحة الواحدة وطول اللوحة الواحدة بحدود 1.5 متر وعرضها حوالي 80 سنتمتر ووزنها حوالي 14 كيلو غرام.

وتوليد الكهرباء بالاعتماد على الطاقة الشمسية في منازل العراقية اكثر يسرا من الدول الاخرى لان المنازل العراقية اكثرها مساكن خاصة وليست شقق سكنية كما هي الحال في سوريا وتركيا فيمكن نصب اللوحات في السطوح ويصعب في الشقق حيث تزدحم العوائل بينما تقل مساحة  سطح العمارة بالنسبة الى سكانها كما يصعب وضع اللوحات  في جانب العمارات السكنية لانها قد تادي الى تغطية الشبابيك . ولكن يمكن التغلب على هذه المشكلة بواسطة الاخذ بنظر الاعتبار نصب المنظومات الطاقة الشمسية للابنية الجديدة حيث تبنى بشكل تراعى فيها جهة طلوع الشمس لتكون اكثر ساعات اليوم تواجه اللوحات الشمسية.
وتجب على الدولة العراقية ان تخطوا خطوات واسعة وجريئة في حل مشكلة الكهرباء التي اصبحت حالة مستعصية لعدم جدية الدولة  وعدم وجود مسوولين ميدانيين لهم خبرة  والفساد المستشري بشكل كبير وعدم وجود الاخلاص والوطنية وعدم الاهتمام بالبيئة والطاقة النظيفة حيث ان الموظف العراقي يعتقد ان المسوولية هي فقط قاط ورباط وغرفة مكيفة وجايجي يخدمه وحماية و….!!.
فاذا كان المسوولين العراقيين  جادين  في قضية الكهرباء عليها اتباع خطة محكمة لذلك وليس صرف الميارات تلوا الميارات من الدولارات وعليها مايلي:
–  توزيع الغاز للبيوت السكنية بدلا من حرقها منذ اكثر من 70 عاما في شركات النفط.
–  منع انتاج واستخدام سخانات المياه  الكهربائية في البيوت والمعامل والدوائر وتعويضها بالشمسية او الغازية وبالاقساط المريحة.
– تشجيع على استعمال الطاقة الشمسية لنظافتها وكون العراق ارض خصبة لمثل هذه المشاريع لسطوع الشمس بشكل قوي.
فعدم المعرفة ليست عيبا ولكن العيب ان تستمر المسوولين في العراق على خطئهم وعدم اهتمامهم واكتراثهم.
نأمل ان نستفيد من خبرات الدول الاخرى لتطوير العراق نحو الافضل.

[email protected]