23 ديسمبر، 2024 5:17 ص

مشروع إبادة السنة في العراق

مشروع إبادة السنة في العراق

تتعرّض المحافظات والمناطق السنية في العراق الى ظروف دموية ومعيشية واجتماعية قاسية، وتطال هذه الظروف الاعم الاغلب من سكان غرب العراق والشمال الغربي والشرقي منه، في محافظات الأنبار والموصل وصلاح الدين وكركوك وأجزاء من ديالى، وبالتأكيد هناك أقلية مستفيده وغير متضررة بل متنعّمة على أشلاء وآهات هولاء الناس ، بين مشاريع دول الخارج ومكاسب سياسية في الداخل ، والذي يحاول أن يحقق شيئاً لهؤلاء فهو يستهدف فوراً بشتّى أنواع الاستهداف ، منذ عام ۲۰۰۳ واحتلال العراق تنمط المجتمع بصورة ذهنية معينة ( شعور الاقلية وبروز الطائفية ) جعلته يتصلّب ويتشنّج تجاه أطياف المجتمع الاخرى ويتلبس شخصية معطلة ( دائرة الفكرة السلبية ) وبدأ بمصطلح الرفض اولا والتعليل لاحقاً واستباق سلوك الآخر بقطع الطريق عبر التشكيك واجترار الخطاب التحريضي وانتقاص الآخرين ….الخ، ولا شكّ من وجود الاستثناء لشخصيات فكرية ودينية ومجتمعية وحتىى سياسية، الاّ أنّها كانت محدودة بحجم التضييق والاستهداف .

وقد تفاقمت هذه الظروف منذ اكثر من عام وبلغت ذروتها بعد العاشر من حزيران ۲۰١٤، والسؤال المباشر هو عن أسباب هذه النتائج بحق هؤلاء المواطنين الآمنيين في بلدهم وكيف تحوّلت هذه المعاناة الى مكاسب مالية وسياسية لأفراد ومجموعات ودول , وإنّ المواطن العادي قد لا يدرك ولا يريد الخوض في مصالح كبرى، بل ينظر من زاويته المباشرة وحجم تأثره من هذه الظروف وربّما يلقي المسؤولية على جاره الذي لم يخبره حين هاجمته العصابة الكذائية، أو على صديقه الذي لم يسعفه أو يصطحبه معه لإنقاذه من هذا الحال، أو على مسئول بلدية الناحية الذي يعرفه يومياً وتفصيلياً، ولكن الآخرين الاكثر وعياً يعرفون جيداً إلقاءات

الصراع الاقليمي والدولي والمحلي في محافظاتهم وتسببه في هذه الظروف، وبالوقت الذي لا نريد الحديث المباشر عن المصاديق والمسمّيات فأنّنا نضع تساؤلات أوليّة واضحة وإجاباتها سهلة جداً لا مكان حصر انسيابية الاسباب ورفع تهمة نظرية المؤامرة ، فبعد العاشر من حزيران تعالت اصوات امريكا ( بضروره ) دعم العراق أمنيا وشكّلت تحالفاً دولياً لأكثر من أربعين دولة لمواجهة داعش , وفي الاصل هي معنية رسمياً طبق الاتفاقية الاستراتيجية وإطارها أن تقدم هذا الدعم وأن تمنع التدهور الامني والعمل على استقرار العراق , إلاّ أنّ ذلك لم يحصل ،فكانت النتائج المعروفة وعادت أمريكا بلحمها وشحمها ووجهها بادعاء تقديم هذا الدعم وتعرض نفسها ثانيةً لإنقاذ وضع هذه المناطق وأهلها ، وبالتاكيد معها نخبة من أفراد البلد تزوق وتجمل وتحاول فرض نمط آخر على مجتمع هذه المناطق .

ومرّت خمسة أشهر على هذا التواجد التكنولوجي الفخم والسلاح الاول في العالم والسؤال هنا هو حجم التأثير المباشر لهذا التواجد الامريكي وسلاح طيرانه في القضاء على داعش قياساً بالنتائج التي يقدمها أبناء الأنبار في مواجهة ومقاتله داعش؟ وهل ساهم هذا التواجد في تقليل سفك دماء أبناء الأنبار والموصل سيّما عشائر البونمر والبوفهد وما تعرّضوا له من مجازر على يد عصابة داعش ، والسؤال الآخر هو في تظاهرات الأنبار

( ۲۰١۳ ـــــ ۲۰١٤ ) رفعت في تظاهرات الأنبار والمحافظات الأخرى صور السيد رجب طيب أوردغان وجرت دعوات باسم (( الخلافة الاسلامية )) والقائد الاسلامي وعبدالحميد الفاتح والباب العالي … الخ , وبالمقابل فإنّ السيد أوردغان قد حقق لهم ذلك وأرسل جيش داعش كأنّه الجيش ( الانكشاري )!! ليباشر الهيمنة ومسك الارض في الموصل والأنبار وصلاح الدين بعد أن خطّط و تدرّب وتموّل في تركيا بحسب مراكز البحث الغربية ومنها الامريكية، وعبرّ عنه مسؤلين في هذه الدول ، ليس أولهم جوبايدن ولا آخرهم دمبسي أو هيغل وغيرهم ، ناهيك عن مسؤلين في دول الاقليم المنافسة والمعادية والصديقة كدول ( السعودية وسوريا وإيران وغيرها ) ولعلّ مركز الابحاث الكندي ( كلوبال ريسرش ) حدد هذا الامداد وربطه بمفردة غاية في الاهمية وهي ( انّ تركيا عضواً في حلف الناتو) وهذا له دلالة مهمة أخرى

حول رضا أو موافقة الناتو نفسه في هذه المهمة التركية لدعم داعش , وتركيا غير آبهة بذلك حسب مسئول كردي سوري من كوباني حيث يؤكد أنّ داعش باشرت هجومها على كوباني من الاراضي التركية .

والسؤال الآخر هو معسكر تجمع داعش في المملكة الاردنية بأشراف الولايات المتحدة ورعاية ودعم سعودي تحت هدف ( غطاء ) إسقاط الحكومة السورية ، وفعلاً تمّ إرسال قسماً من هؤلاء إلى سوريا وباشروا قتل السوريين وآخرين إلى لبنان وباشروا قتل اللبنانيين وآخرين إلى العراق وباشروا قتل العراقيين وآخرين فرّوا إلى السعودية بهجرة عكسية وقتلوا سعوديين ، ويمكن هنا لأهل الأنبار والموصل السؤال من الحكومة العراقية أو المؤسسة الحكومية الامنية والمدنية عن حجم هؤلاء القادمين من هذه المعسكرات والدول إلى محافظاتهم ومناطقهم، وبذات الوقت عليهم أن ينقلوا التساؤل إلى المسؤلين السعوديين وبالخصوص الأخوين بندر وسلمان بن سلطان الذين يواجهون اليوم من درّبوهم بالامس ،

إن كانت هذه الدول ومعها ذيولها في قطر والامارات تعمل على تقسيم العراق وإنشاء إقليم سني على مزاجها ولمصلحة هذه الدول وكل من زاويته فهو يعني أنّ هذا الاقليم المزعوم يحتاج إلى تقسيم آخر سني سني موزّع على هذه الدول ليلبّي مصالحها , ولمّا كانت داعش قد أجرمت بحق العشائر الغربية والشمالية فأنّها عمدت إلى استخدام أدواتها المحلية من أهالي هذه المنطقة وبالتالي فأنّها قد وفّرت أدوات التشرذم الآخر المناطقي والقبلي في هذه المنطقة , وإنّ هذه المشاريع من الخبث قد جاوزت سفك الدماء وإثارة الفتنة إلى قيم وأعراف وعوامل تماسك المجتمع في هذه المناطق من خلال التشويه المتعمد والسلوك المخزي الذي تمارسه مجاميع مختلفة من داعش وغيرها، وإذا أسدق الكلام مع ماسبق من امثلة فأنّ الخبر الذي يتداوله موقع ( انتر سبت )

( The intersept ) حيث يبيّن أنّ إبراهيم المدعو ( أبو بكر البغدادي ) شاذ جنسياً وقد تم ضبطه مع حرّاس أميركان عندما كان سجيناً في بوكا يلوطون به وبطلب منه شخصياً، وبالاضافة إلى أفراد آخرين من أصدقاء البغدادي وأنّ هؤلاء الثلّة بهذه السلوكيات يسودون

على هذه الاراضي فأن هذه الاخبار تحتاج إلى توقفات حكيمة عابرة للانفعال والتغطرس لاسيّما المتصدين في هذه المناطق لأنّ هذه المسؤولية ستطال أبنائهم وأحفادهم.

إنّ ما مرّ لا يلغي مسئولية الاخفاقات الحكومية والسياسية في العراق ولا يبرّأ أحداً غير بريء إلاّ أنّ الأولوية للأهم والوجود .