هذه المبادرة التي “تفتقت” عبقرية رجال! حكمنا اليوم واحدة من المبادرات العشوائية الغير مدروسة السابقة فهي تبدأ وتتلاشى بسرعة ثم تموت بعد ولادتها مباشرة, من هذه النماذج هي مبادرة تشكيل اللجان في الوزارات لمعالجة مشاكل المواطنين الكثيرة التي زادت من تعقيد حلول هذه المشاكل وحملت الدولة مصاريف إضافية ذهبت إلى جيوب أشخاص تلك اللجان!! التي لم ولن تقدم شيئاً سوى إيجاد مكاتب جديدة لتناول الإفطار! وشرب القهوة والشاي وحتى التدخين الممنوع في دوائر الدولة خاصة!!؟.
واليوم تفتحت أبواب رزق “حرام” جديدة وفرصة للكسب الغير مشروع من وراء “مشروع” غير نافع أو مُجْدِي من أصله!!؛ ولا أدري كيف تعمل تلك الأدمغة التي تصدر مثل تلك المشاريع و”المبادرات” العبقرية! العشوائية الغير ممنهجة أو مبرمجة! في الوقت الذي تدلل على عجز أو تعمد بعض منتسبي دوائر الدولة الخدمية في عرقلة تمشية أمور المواطنين المسحوقين والفقراء وبدلا من محاسبة المقصرين وإنزال العقوبات الرادعة بهم أو نقلهم أو فصلهم لتعمدهم التقصير والتخريب لزيادة حقد وتذمر المواطنين من السلطة العليا الحاكمة لكونهم من بقايا نظام المافيا الصدامية المجرمة.
“ابدأ معاملتك من بيتك”!!؟ ..إن مَنْ أطلقَ هذا الشعار الكبير والمهم يبدو أنه لم يفكر ولا دقيقة واحدة عن وضع ذلك المواطن ومستوى ثقافته ومعلوماته ليتمكن من أن يبدأ معاملته من بيته!! فإن ذلك يتطلب أن يكون المواطن على درجة لا بأس بها بالتعامل مع أجهزة الكمبيوتر وأن يملك جهاز كمبيوتر ومن ثم كاتبة الكترونية وإلمامه بالطباعة الألكترونية وقد تدرب على كيفية استعمال تلك الأجهزة؛ هذا إذا كان يملك كمبيوتر في بيته أصلا!! وإذا كان يعرف القراءة والكتابة أصلاً!!.. فكيف حال الآخرين وبالآلاف من البؤساء البسطاء الذي لا يعرف كتابة اسمه أو قراءة صحيفة أو كتابة عريضة!! وعليه فسوف يخرج من بيته غصبا عليه ليتجه إلى مكاتب الكمبيوتر ثم يبدأ معانات إضافية يبدأها من الشارع هذه المرة!!؟..إن على أولئك “العباقرة” الذين بادروا إلى تلك المعجزة!! أن يضمنوا إمكانية الفرد العراقي بأنه يعرف القراءة والكتابة على الأجهزة الألكترونية وأن يوفروا لهم أجهزة كمبيوتر وكاتبات في البيت أولاً وإدخالهم دورات تدريبية للقيام بهذه المهمة التي أعدت دوائر الدولة للقيام بها وتهيئة كل الظروف المناسبة لقضاء مشاكل المواطن الذي لا يمكنه كتابة عريضة يتقدم بها إلى المسؤولين فيهرع إلى كتاب العرائض لينظموا له الطلب ليبدأ مسيرة المأساة المتفاقمة في مراجعة دوائر الدولة التي أصبحت أماكن راحة واستجمام للموظفين الفاسدين.
أيها المواطن المظلوم قبل أن تبدأ معاملتك من بيتك اشتري جهاز كمبيوتر أولا ثم كاتبة الكترونية ثم ادخل معهد التدريب على استعمالهما ثم تعلم القراءة والكتابة ثم تقدم بمعاملتك من بيتك لتساهم في إنجاح مشروع “ابدأ معاملتك من بيتك” المتفتق من أدمعة عباقرة المسؤولين العراقيين!!؟ وتساهم أيضاً في تعقيد مشاكلك وصعوبة حلها إلا من رحِمَ ربك!!؟ وهذا القرار أو المشروع يكشف مدى خوف حكومة “العبادي” من محاسبة المقصرين في دوائر الدولة الذين يستطيعون حل مشاكل المواطنين ببذل جهد وطني إضافي لتمشية معاملات الناس دون اللجوء إلى الرشوة والوساطة! وبدلا من تشديد الرقابة والمحاسبة ضد الموظفين الفاسدين ترمي بعبء إضافي على كاهل المواطن المسحوق بأن يبدأ معاملته من بيته!! بهذه الطريقة المضحكة بدلا من الإلتفات إلى إجبار دوائرة الدولة على حل مشاكل الناس دون اللجوء إلى تلك المشاريع الفاشلة والتي تولد ميتة!!؟