11 أبريل، 2024 7:01 م
Search
Close this search box.

مشاهد ملونة في ذاكرة

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان قلبي  ينزف وجعاً حين رآى قلب نخلة ( الجمار) في العربات الخشبية حين تباع على الارصفة

مثل أجساد نساء بيضاء في سوق النخاسة
والمارة كانوا يصطفون حول هذا القلب الابيض الاسير
وهم يتشاطرون الوليمة

…..

(الجمري) .. أيتها الطفولة المعلقة مابين أعثاق النخيل
ومابين أكتاف الامومة ونحن كنا نتسلق بمحرابيّ المعبدين وكأننا نوشك أن نلامس قبة السماء ..

…..

في هذاالصباح الربيعي إستوقفتني شجرة التوت البرية والمنزوية في إحدى حدائق مدينة ملبورن الاسترالية.
ثم قطفت بعضاً من ثمارها الناضجة ، فكان لطعم التوت مذاقاً لذيذاً يشبه طعم ذاكرة الطفولة المستلقية خلف أسوار الحدائق البعيدة.
حين كنا أطفالا نشبه براءة أعثاق الرطب ونحن نلعب في الازقة، ثم نتفق فيما بعد بتشكيل قوافلٍ صغيرة وبخفية كنا نتسلل الى البساتين المحيطة حول مدينة (الناصرية) والغافية في قيلولات الظهيرة لنتسلق جداران الببوت الفارهة كي نسرق (ثمار التوت والنبق) ولنملاْ جيوبنا المثقبة بتلك الغنائم الملونة والصغيرة والتي كانت تشبه قلوبنا..
تشظى أصدقاء الطفولة اليوم وماتت أشجار النبق واشجار التوت وأحتضرت المدينة فلاشيء عاد يواسينا الان غير نشوة السرقات من بقايا الذاكرة !!!
…..
إرتحلت بيّ سحابة ملونة الى فضاءات أخرى!!!
الى شجرة النارنج وأنا كنت أتأمل بشجرة كانت تعيش في أعماق غابات استراليا وهي كانت تشبه
شجرة النارنج ..
ياشجرة الطفولة والذاكرة.. وياترنيمة مسترخية على
الضفاف بعيدة.
يارائحة النارنج الهاربة مثل عصافير كانت ترسم نشوتها وثمالتها بأجنحتها الصغيرة وهي تحط على أسوار البيوت وأعمدة الكهرباء.
ثم ترحل أسراباً كقوافل المساء من حدائق المدن والازقة الى بساتين الارياف..

ياأشجار النارنج الوارفة في حضرة الرافدين لن يوقف عنفوانك وبهاؤك دخان الحرب والدمار.
ولا الطغاة قادرون أن يطردوا كل العصافير من زيارة الشجر
أو أن يحجبوا القمر حين يتسلل للرقص في محراب النهر
ولم يكن بوسع أجلاف الصحراء أن يغتالوا الغيوم أو أن يمنعوا عن النارنج هطول المطر!!
……
كنت أقطف خلسة بوردة الجوري الحمراء من وراء سياج حديقة جاري العجوز ..
تعرضت أصابعي الى وخزات مدمية من اشواك غصن الجوري !!
ماأنبلك أيها الورد حتى في إحتضاراتك لك حضور ودفاع عن الذات.
لقد تعلمت من ورد الجوري أول أبجديات العشق حين سرقت ذات يوم في سنوات المراهقة وردة أدمت أصابعي الرقيقة وحين أهديتها الى بنت الجيران قبلت أصابعي مرتجفتةً ثم أخفت الوردة في حقيبتها المدرسية وعبرت الزقاق !!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب