23 ديسمبر، 2024 4:31 ص

مشاهد تسمو فوق مشاهد

مشاهد تسمو فوق مشاهد

طبول تقرع، وابواق ينفخ فيها للحرب، خطابات الشرك تستدل بآيات رب السماء، لإباحة سفك الدماء، وقتل الانسانية، ها هي القوافل اناخت رحالها بأرض ارتحال دون حل، حرمات انتهكت تحت وطأة القانون، قانون سن حسب ما تميل شهوات واضعيه، متناغما مطاوعا للرغبات.

تتهجد الحناجر وقلوبها مغلفة مغلقة، فما اسوأ تطاولها على حرمات النبي وآل بيته، اعتراف معوج الثقة، أفمن يؤمن بالله يجحد حق نبيه؟!.

ما اشبه تلك الايام بهذه، كأنها قوافل تدور في فلك مغلق، والمحطات تستعرض المشاهد ذاتها، في احد تلك المحطات، تهجدت حناجر الدعاة متبجحة بحلية سفك الدماء المحبة لآل البيت، ووصفتهم بالخوارج الروافض، فهم امتداد لأجداد ورثوا منهم سيل اللعاب فوق الحرمات المنتهكة.

محطة اخر بطعم المرارة، فيها استبيح تعذيب النفوس وتعليلها بالصبر، اي فتاوى تلك التي نادت بالقتل، ثم القتل بعده مرة اخرى، ليصل الخزي بهم للتمثيل بقتلاهم تقطيعا، او تعليقا لرؤوسهم فوق الرماح، وما أقساهم على الرضيع الظامئ، كان لامتداد هؤلاء الاجداد وقعات كثيرة وباع كبير في إعادة المشهد، فقد علقوا شهداءنا بالجسور وعلى الاعمدة، وقطعوا الاشلاء بأدوات حديثة، بـ “السيارات المفخخة”، بدل الخيول، والتي تستهدف الابرياء على الهوية.

محطة اخرى للسبي وحرق الخيام، محطة المحن وجبال الصبر والسقم، والتي شهدنا اختها عند سبي الايزيديات، ولولا حفظ الله لآل بيته، لانتهكت الحرمات، لكن شاء جل وعلا ان يكون لصبر زينب (ع) مثابة الحج والشهادة والمجاهدة من صبر وصلاة وصيام، وكل معروف وخير ابد الدهر.

فوق تلك المحطات تسمو محطة، تدور بفلك الهي، وكأنها تعاكسها الإتجاه، فكانت خالدة باقية، ذات وقع في نفوس المحبين وغيرهم، محطة شهادة الحسين عليه السلام والسلوك الذي اختطه ابو الاحرار، والمعاني الاسمى خلف تلك الشهادة، فكان في كل سلوك وكل حركة وفعل قام به الحسين(ع)، انما كان رسالة يريد منا ان نفهمها، ونتمعن بها، وندركها بعقولنا وقلوبنا.

رسائل اطلقت لتكون امتدادا ازليا، فما احوجنا الان الى ان نخرج لطلب الإصلاح في الامة، وما احوجنا ان نشهر سيوفنا لمحاربة الفساد والمفسدين، وما احوجنا لتبيان اسس قد اضمحلت تحت طائلة الكذب والتسويف، الم تكن فتوى الجهاد الكفائي امتدادا لواقعة الطف، الم تغادر شبابنا اعراسها لتلتحق بعرس جهاد القاسم (ع)، الم يقاتل علي الاكبر (ع) بعنفوان الشباب، وها قد آن الاوان للشباب ان ينتفض.

مكّن الحسين(ع) الشباب بمنهج ثابت، منهج الرسالة المحمدية، وكان لفعاله بينهم دروسا لتدربهم على اتباع سبيل الحق والنصرة والانتصار له وبه، مكنهم عندما غذاهم على مبادئ فيها منفعة الجميع وتناسي الذات، مكنهم في الانتصار للحق ومحاربة الجبث، لذا نجدهم تسابقوا في البروز للساحة، والنزول بالميدان

ما اجمل ان يكون لشبابنا طف آخر، ووقفة مشابهة.