24 ديسمبر، 2024 10:45 م

مشاهدات الحوراء زينب لأطفال زيارة الأربعين

مشاهدات الحوراء زينب لأطفال زيارة الأربعين

   إن المهرجانات العالمية تسعى جاهدة لاقتناص اجمل اللقطات واحلالها من ردات وانفعالات حاضريها، سعياً لاستخدام هذه الحالات، في التعبير أو الترويج عن نجاح كرنفالها وتصدير ابها صوره للعالم.
     نجد أن في المحافل الكبيرة مثلا في مسرح مساحته ألف متر مربع، وكي لا تفوت الراعين للمناسبة الصور الجميلة، يستخدمون في أقل تقدير عشرة كاميرات حتى تغطي مساحة الحدث، وبالتالي يستطيعون اصطياد ما يردون من الحضور، لكنه في طريق الأربعين تم أخذ المشاهد واشتهارها بأقل من الامكانيات السالفة، ولمساحات تضاعف ما ذكر لمليون مرة!
   يظهر في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام في كل عام ألطف المناظر واروعها دائماً، ولكن في هذه السنة برزت لقطات عجيبة تكاد ان تكون من صنع الخيال،  لأطفال صغار تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثالثة عشر عاماً، وهم يتسابقون في تقديم الخدمات لزائري ابي عبدالله الحسين عليه السلام، قال تعالى (أُوْلَٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَهُمْ لَهَا سَٰبِقُونَ) سورة المؤمنون – الآية 61
 وكأنهم ملائكة بدون اي تصنع للمشهد بل على فطرتهم، غير مبالين لآلاف الحاضرين، يغطيهم الفرح في التفوق على اقرانهم بكسب ود ورضا السائرين إلى مرقد ابا الأحرار الحسين الشهيد عليه السلام.
    كل هذه الفعاليات الإلهية والمشاهد الربانية، لا يسعها كتاب واحد او اثنين لحصر صورها، ولكن هنا وفي هذا المقال الصغير، سنستعرض بعضها :
1- طفل صغير يمسك بأقدام زوار ايرانيون، لا يفهون لغته حتى يقنعوه ان طريقهم طويل، ومدة اقامتهم فصيرة، وهو يرفض تركهم حتى ينزلوا عنده لتناول الطعام.
2- اطفال يتسابقون على ضيافة زائر عماني، وهو معجب من كمية العروض التي قدمها الصغار لاقناعه بالمكوث عندهم.
3- طفلة بعمر ستة سنوات تركض حافية، على طريق معبد تقدم الحلوى للمارين.
4- طفل حافٍ يحرّق ارجله اللطيفة جمر التراب، يقدم قناني الماء للسائرين على رمضاء كربلاء، يسأله الزائر ” ليش انته حافي؟ يرد عليه بجواب صاعق” أخدمه حافي”
4- طفلة من اهل البصرة تسأل المارين بالطريق الذي أمام منزلها او موكبها؟ عدكم معزب؟ يرد عليها الزائر (إذا ما عندنا شتسوين) تجيب (نخايكم على روسنا وهله بيكم)
5- مشهد آخر لطفلة بعمر تسع سنوات تطلب من الزوار المضي معها، وهم يتلاطفون معها(راح نرجع ) وهي تقول لهم (أنتم زوار الحسين، عدنا سبلت يبردكم ويوخر عرقكم) وغيرها من المشاهد التي لا يفرق العين الدموع عند متابعتها، بسبب براءة الأطفال وطهر أنفسهم وصدق مشاعرهم في تقديم الخدمة الحسينية.
6- صورة لطفلة تقف بوسط الشارع, تمسح العرق عن وجوه الزائرين بيدها, واخرى اسقي المارين الماء بأكفها, ومشاهد وصور ومناظر يعجز اللسان عن ذكرها.
    الشعب العراقي لم يستغرب هذه الظواهر بل متعايش معها، ولكن تفاجأ اغلب القادمين من خارج العراق بهذه الصور، وقد سألوا كثيراً من علم هؤلاء الصغار الذي غالبهم لم يبلغ الحلم او حتى سن التكليف، وكان هناك من يعلل الظاهرة على أنها صفات تم توارثها أباً عن جد، واخرون عللوها ان الكرم هو صفة المجتمعات العشائرية والقبلية، لكننا نقول لهم نعم ان هذه الانفعالات ورثوها ولكن ممن؟ ومن زرعها في نفوس الاولاد والبنات الصغار؟ إنهم لا شك ورثوها من السيدة زينب عليها السلام، فهم شاهدوها مع ابائهم في عالم الذر وشهدوا لها بذلك، وقد رضعوا مواهبها عليها السلام من حليب أمهاتهم، وتربوا عليها بأحضان ابائهم.
   إن هذه الأحداث الكريمة ستبقى متجذرة في نفوس الصغار, ومشاهداتها تنعكس على شخصياتهم وتجدد فيهم في بلوغهم, لتكتمل صورهم الملائكية كما ارادتها السيدة زينب عليها السلام.