واهم من يعتقد أن الموت لا يتحقق آلا بمفارقة الروح للجسد، وان القتل لا يحدث إلا بإنفجار أو أطلاقة رصاص أو سكين وغيرها من وسائل القتل، وواهم جدا من يعتقد إن المشنقة هي حبل يتدلى من الأعلى، ليعلق بها شخص قرر الناس قتله.
مهما كان حجم وسيلة الموت وقوتها، حتما لم تكن بقوة ومستوى مشنقة الإعلام، فالانفجار مهما قتل بشر أو حطم أبنية، يبقى العدد محدودا، لكن الإعلام بكلمة واحدة يمكنه أن يحطم بلد كامل.
سابقا كان الإعلام محدد بمكان ما، ومسيطر عليه من قبل الدولة ومؤسساتها، وكلا يتحدث باختصاصه، السياسة للسياسيين، والرياضة للرياضيين، وهكذا.
اليوم في ظل الانفتاح والتطور الذي يشهده العالم، وتعدد تلك الوسائل، أصبح من الصعب جدا السيطرة على تدفق المعلومات وتوجيهها بالشكل الذي يريده المجتمع.
السؤال: هل إعلامنا موجه في ظل هذا التطور؟
عند النظر للمشهد الإعلامي من بعيد، يبدو أن ما يحدث هو إعلام عشوائي، معبر عن سخط الشارع عما حصل ويحصل في البلد.
لكن لو اقترب أحدنا من المشهد قليلا وسأل أن كان كذلك، لماذا يسلط الإعلام على جهة دون أخرى، وعلى أشخاص دون سواهم؟ لماذا ينقل فقط الجانب السيئ فقط؟ ألا توجد هناك جوانب مشرقة تستحق الإشادة بها؟
أذن إعلامنا موجه .. لكن ليس من الداخل قطعا، إما أدوات التنفيذ فهم عامة الشعب ” بحسن نية”, واغلب وسائل الإعلام المحلية” لمناغمة الشعب غالبا” والعالمية “لإغراض وغايات مختلفة ”
صورة سوداوية، تشاؤم، ومستقبل مجهول عن البلد “كأننا في الجحيم”, يقابله صورة وردية, نظرة تفاؤلية, ومستقبل واعد” كأنهم في الجنة”
جميع فئات وطبقات المجتمع نصبت مشانقها لهذا البلد، وحكمت عليه بالموت
لغة التخوين تجدها عند السياسي، وصلت حتى لدى أطفالنا، سوء الظن غالب على كل حركة أو تصرف، أما اختلاف وجهات النظر، أصبحت أدوات لتقسيط بعضنا البعض.
حتى مناسباتنا الدينية والوطنية أصبحت مادة دسمة للاختلاف ” للطشه” رئيس الوزراء أعطى عطلة بمناسبة ولادة المسيح ضجة إعلامية كبيرة، فلان نائبة أخرجت مسدسها لتطلق عيارات نارية، شيخ جامع قال كلمة أو عبر عن رأي هو يعتقد به، اشتعل الشارع العراقي.
علما جميع ما يحدث في بلدي، يحدث في جميع دول العالم، لكن الفرق أنهم يحبون بلدهم بصدق، فيعالجون الأمور بهدوء، ودون ضجيج، ونحن علمونا ان نبغض بلدنا، فنحدث ضجة دون علاج.
وشتان بين من أحب بلده، وبين من ابغضه.