جاء في حكمة للامام علي.. عليه السلام: “ربوا أبناءكم على غير أخلاقكم؛ لأنهم خلقوا لزمن غير زمنكم” وعدم فهم وتمثل وزارة الصحة لهذه الحكمة، في سياقات عملها الاجرائية، خلق فجوة بينهم والأطباء الشباب.. المقيمين، إتسعت هذه الفجوة، بعد ان رفعوا شكاواهم بإلحاح، الى الوزارة، وقابلهم مدير عام، وعدَ ولم يفِ!
وحين خاب آخر رجاء شبابي، بمقابلة المدير العام، توجبت عليهم المبادرة لحل مشاكلهم بنفسهم عاملين بمبدأ “ما حك جلدك مثل ظفرك” وتلك مرحلة طبيعية، لتطور الشكوى، من عرضها بدءا بعرضها على من يتوخون بيده حلا، الى الإصطدام بمن يحجب الحل عنهم! إنها ردة فعل طبيعية.. تلقائية!
لذا إنخرطوا في تظاهرات الصدريين البيضاء، وتعاونوا مع الناشطين في نقابة الاطباء، ينشدون ان تتحول وزارة الصحة الى العمل بمبدأ السلوك المؤسساتي، وفق سياقات ثابتة، لا ترتبط بأفراد، لدرجة رفع اسم المسؤول والابقاء على صفته الوظيفية، بدءاً من الوزير نزولا الى أصغر موظف يتربع على عرش الروتين المهلك، الذي وأد كل بارقة أمل بوطن يعزز ابناءه ويمكنهم من تطوير ذواتهم وصولا الى عيش كريم.
ومن دلائل قلق الوزارة، هو كون الجميع مؤقتون بالوكالة وليس بالاصالة.. وكلاء الوزارة والمدراء العامون و… الجميع.. لا ثبات ترسى دعائمه بمراسيم جمهورية، تنصب أناسا بحجم المسؤولية، إنما تحول ديوان الوزارة الى حلبة صراع بين الطامحين، كل يزيح الآخر، وتدعمه كتلته الفئوية، ليحل بدلا عنه.. بالوكالة وليس الاصالة.
وهذا ما جعل التعيينات ارتجالية، طبيب يجد نفسه مديرا عاما، من دون مؤهلات؛ لأنه ينتمي الى الفئة الفلانية وقريب من الكتلة العلانية، وهذا يشمل عمداء الكليات والمعاهد ورؤساء الاقسام وسواهم، أمور تجري من دون درجات وظيفية وسياقات عمل واضحة مؤسساتيا.
مجلس الخدمة في الوزارة لا يعمل الا بتحويل موظف تقليدي، من الدرجة الكذا الى الدرجة كذا، من دون ان يشمل المناصب الادارية المؤثرة في أداء “الصحة”.
وزارة بهذا التداخل الوظيفي وصراعات المناصب، كيف ستأخذ بيد الشباب، وتوجههم الى سبيل الرشاد، كعلماء في وطنهم.
وهذا متأت من كون الدولة برمتها تصدر قوانين، وتطبقها وفق مزاج شخصي، حسب الانتماءات الفئوية، ترجيحا لمصالحهم الشخصية، على المصلحة العامة، بحيث باتت الدولة عموما ووزارة الصحة خصوصا، مشرعة الابواب.. يروح مدير عام فاشل، ويجيء بدلا منه الأفشل، فنترحم على “ضيم” الراح، ونحن نكابد مرارة من جاء، وهكذا نزولا حادا في الهاوية.
لن يتوانَ المقيمون الشباب، عن رفع شكاواهم للقضاء، إن وجدوا إليه سبيلا، لكن هل لدينا قضاء بحجم المشكلة، ينظر لرئيس الوزراء على انه الحلقة الاضعف، ويتعامل مع الفقير، على أنه الاقوى بالحق!؟ وان الرئيس خادم للجميع وليس سيدا عليهم.
ولكي تعتمد الناس على القضاء، يجب ان يصحح نفسه ويتعرض لعاصفة انتخابية جادة، تهز أشجار غابته؛ فيسقط الورق الاصفرة اليابس ويبقي الاخضر الحيوي، بدليل ثمة قضاة عليهم ملاحظات جذرية، مازالوا في مواقع تمكنهم من تمرير الفساد جهرا.
مشكلة المقيمين الشباب تتطلب تنظيما لدولة كاملة، هم جزء منها، لكن هذا لا يعني إهمال معاناتهم، ريثما ينصلح العراق بعد قرون من الزمن، إنما يجب ان نتبناهم عملا بحكمة الامام علي.. عليه السلام: “ربوا ابناءكم على غير أخلاقكم؛ فقد خلقوا لزمن غير زمنكم”.